ان كل لقاء أوتجمع أو مؤتمر بين الاطراف الكردية في غرب كردستان, هو خطوة ايجابية ومكسب سياسي واعلامي يدعوا الى التفاؤل, ويعكس رغبات شعبنا وطموحاته في الوحدة والتضامن والسير في الاتجاه الصحيح, شريطة ان تكون هذه الخطوات مبرمجة ومدروسة وغير انعباطية, تستند الى الحوار السياسي وتبادل الاراء والاقتراحات التي تؤدي في النهاية الى تقارب أو توحيد وجهات النظر, ثم وضع استراجية مشتركة وواضحة لتكون منهجا سليما لتطلعات شعبنا.
إذا تابعنا مجرى المؤتمرات العديدة للجاليات الكردية, ابتداء من مؤتمر باريز ـ بروكسل ـ هولاندا ـ أمريكا الشمالية ـ وواشنطن, نرى ان هذه المؤتمرات بشموليتها لم تأت بشئ جديد, ولم تتعدى سوى مناقشة مطاليب الكرد التي تتكرر في كل مرة في جدول أعمالها, والتي اصبحت معروفة لدى جميع الكرد, وحتى لدى المعارضة العربية عن طريق الصفحات الالكترونية في الانترنت والجرائد الحزبية, دون التطرق الى الآلية التي يمكن بها تحقيق هذه المطاليب, السبب في ذلك يعود الى التناقضات والخلافات في وجهات النظر حول ماهية هذه الآلية.
ان المؤتمر الذي سينعقد بتاريخ 27 ـ 5 ـ 06 في بروكسل, أعلن مسبقا بتأسيس المؤتمر الوطني الكردي في غرب كردستان كمفاجأة غير طبيعية للمجتمع الكردي في سوريا بكل تنظيماته السياسية والمدنية والشرائح الوطنية الاخرى.
كان من المفروض على أصحاب المؤتمر ان لا يكونوا متسرعين في تصرفاتهم, كان عليهم الانتظار الى حين انعقاد المؤتمر, ثم تقديم اقتراحهم حول تأسيس المؤتمر الوطني الكردي, وعرضهم هذه الفكرة على الاحزاب والشرائح الاخرى من المجتمع الكردي داخل وخارج سوريا للنقاش والدراسة, لأن الأمر يتعلق بإنشاء مؤسسة سياسية جديدة على الساحة الكردية ذات صلاحيات واسعة ومسؤوليات وطنية حساسة يرتفع سقفها الى مستوى الحكومة.
ان مشروع المؤتمر الوطني جاء دون تمهيد وتحضير جيد, وبشكل سريع ومفاجئ في الوقت الذي تعاني الحراك السياسي الكردي من تمزق وانشقاقات, وقد طرح هذا المشروع تعقيدات جديدة على الساحة السياسية وعلى الحركة الكردية.
ان تبني فكرة مؤتمر وطني كردي ايجابية وجيدة لتلبية وتحقيق مآرب شعبنا في الحصول على حقوقه القومية, ولكن في الوقت المناسب والمكان المناسب, وان تكون الظروف السياسية الكردية مهيأة له, مع مراعاة الزمن الذي يطرح فيه, حتى تكون الفكرة ناضجة ومقبولة لدى الجماهير والاحزاب الكردية, ولكن جاء المشروع في وقت غير مناسب ومناخ متوتر ومكهرب بين الاطراف الكردية.
ان اصحاب هذا المشروع يريدون القفز فوق الحواجز والحوادث المعلقة من بينها بحث موضوع الجبهة الوطنية الكردية الموحدة, وعلى ارضية لاقاعدة لها, تفتقر الى اسناد الجماهير لهاعدا بعض الاطراف الكردية في المهجر; الذين يحاولون إثبات شرعيتهم بتأييد من الاحزاب الكردية في الخارج لمكاسب سياسية داخل الحركة الكردية وليكونوا الطرف الاول في المفاوضات مع المعارضة العربية لتحقيق مصالحهم, ومن هذا المبدأ لا بد أن يلاقوا صعوبات عديدة ويصطدموا بعقبات كبيرة في مسيرتهم القادمة, ويفشلوا في برنامجهم كما سقطت حكومة غرب كردستان السابقة ولم يسمع لها صوت .
ان هؤلاء الغيورين والصادقين في نياتهم على مصلحة شعبنا أن يبذلوا جل إمكانياتهم وجهودهم بما يتلاءم ويتوافق مع المستجدات الحديثة لمطاليب الكرد في الوحدة والتضامن ولأجل جبهة كردية موحدة, مع تنسيق نشاطهم السياسي على جميع المستويات لتحقيق هذه المطاليب , واذا لم تنعكس بنية أعمالهم على عملية التكامل والتجانس مع الرؤى السياسية لجميع الاطراف التي تهدف الى خدمة القضية الكردية سوف يكون مصيرهم ومستقبلهم كغيرهم الذين يعانون من مأزق الحكمة والتعقل والاعتراف بالواقعية والحقيقة الكردية.
هل غاية مجموعة بروكسل في الطرح المفاجئ والانعباطي لمشروع المؤتمر الوطني الكردي في غرب كردستان هو تهميش لدور الاحزاب الكردية أم استخفاف لسياستها في الداخل أم هو مزاودات سياسية على حساب الحركة الكردية .
كان من المفروض والمتوقع من هذا المؤتمر أن يتحول من منهجية بناء مؤسسة سياسية جديدة إلى منهجية تبحث عن آليات جديدة تمهد الطريق للاولويات الملحة في الاسهام لبناء جبهة وطنية كردية واسعة تضم كافة الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء الكردستانيين من المثقفين والفنانين.
ان الجبهة الوطنية تعبير للوحدة السياسية وتمثيل للارادة الشعبية تأخذ ثقتها من الاحزاب وجميع شرائح المجتمع الكردي, ثم توحيد للخطاب الكردي في الداخل والخارج في تعاملها مع المعارضة العربية المنشقة على نفسها وحتى مع الدولة السورية المستبدة, والقيام بدورها الاعلامي, وهي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للاحزاب والمنظمات الاخرى.
أم المؤتمر الوطني الكردي هو مؤسسة سياسية مستقلة له استراتيجيته الخاصة به وله مواقفه السياسية حسب متطلبات مصالحه
تجنبا للمضاعفات السياسية وحسما للخلافات بين الاطراف الكردية, أقترح على هذا المؤتمر الى برمجة خطته الحالية حول بناء جبهة وطنية موحدة وواسعة, ثم تأجيل مشروع المؤتمر الوطني الى وقت لاحق حتى يتم الاعداد الكامل له ويتم دراسته على مستوى الاحزاب والشرائح الوطنية الاخرى.
ان المؤتمر الوطني في الظروف الراهنة ولأسباب موضوعية لا يمكن ان يكون بديلاعن الجبهة الوطنية.
نداء الى كل الاحزاب الكردية ومؤسسات المجتمع المدني والاطراف الكردية في المهجر بأن يكونوا حذرين ويقظين وان يأخذوا الحيطة, حتى لايقع شعبنا الكردي ضحية الخلافات الداخلية وضحية المعارضة العربية التي تريد ان تدفع الكرد الى الشارع وهي متفرجة عليها بينما الجماهير العربية في سوريا لا زالت في حالة الغيبوبة والنوم العميق.