بلا جيوش .. بلا ميليشيات

صلاح بدرالدين

نكبة الشعب السوداني الذي  يواجه الموت الان من  المسلحين في جميع المناطق والمدن والبلدات جنودا نظاميين او ميليشيا، وقبل ذلك مآسي شعوب المنطقة في ملايين الضحايا الذين قتلهم المسلحون أيضا على ايدي الجيوش، والميليشيات من سوريا الى ليبيا، الى العراق، الى اليمن، الى الصومال، مضافا اليها الحالة الخاصة الكردية السورية، ولن اذهب ابعد من ذلك، تضع امام المتابع تساؤلات مشروعة مثل: 
١ – لماذا تشكل الأنظمة في الدول العربية هذه الجيوش، وكذلك الميليشيات الرديفة وتصرف عليها نسبة كبرى من ميزانية الدخل القومي على حساب التنمية، والبناء، اذا لم يعد في اولوياتها السياسية، والتزاماتها القومية محاربة (الامبريالية)، وتحرير فلسطين بقوة السلاح في المواجهة مع إسرائيل كما كان متبعا منذ نحو قرن ؟ اليس الأفضل الاكتفاء بقوى الامن الداخلي لتنظيم الحياة الاجتماعية، وردع الإرهابيين اذا لزم الامر ؟؟ .
٢ – الميليشيات المسلحة على الصعيد الكردي السوري، وعلى الصعيد الفلسطيني أيضا التي ترفع شعارات لفظية ( حول التحرير والحقوق ) تحولت الى قوى معيقة للتحرير، ووبالا على الشعبين، فمن جهة حتى لو ادعت النضال المسلح من اجل الحقوق القومية فانها لن تحقق شيئا امام حقيقة اختلال موازين القوى العسكرية مع العدو المفترض، كما انها ارتدت سياسيا وعقائديا بارتهان قرارها للخارج، وأصبحت عالة على الشعبين، ومصدرا لتعميق الصراعات الداخلية، ومن اهم عوامل اثارة فتنة الحروب الاهلية .
  لقد حان الوقت لقيام مفكري، ومتنوري شعوبنا، وعلماء، وفقهاء الدستور، بمراجعة علمية وشجاعة وصريحة حول معضلة المسلحين ( جيوشا او ميليشيات ) الذين يروعون الشعوب، ويعرقلون التطور السياسي الطبيعي، ويحملون في جيوبهم ذرائع حالة الطوارئ، والاحكام العرفية، وفرمانات التخوين،  ويستنزفون الطاقات، ويستحضرون الأجنبي، ويفرخون اشكالا من المنظومات الأمنية وفرق الاغتيالات التي تتجسس على الناس وتعاقبهم، ويشوهون قدسية التقاليد المجيدة لحركات التحرر، وقيم السيادة والاستقلال، والوحدة الوطنية، وتعايش الشعوب بسلام .
ومن اجل ان تعيش شعوبنا بامان، واستقرار، وحرة سعيدة،  تحتاج الى دول بدون جيوش، وميليشيات .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…

شفيق جانكير في زمن تتزاحم فيه الأصوات وتتلاشى المعايير، يبقى صوت الأستاذ إبراهيم اليوسف علامة فارقة في المشهد الثقافي والإعلامي الكردي، لا لبلاغة لغته فحسب، بل لما تحمله كلماته من وفاء نادر وموقف مبدئي لا يهادن. في يوم الصحافة الكردية، حين تمضي الكلمات عادة إلى الاحتفاء العابر، وقفت، عزيزي الاستاذ إبراهيم اليوسف، عند موقع متواضع في شكله، كبير بما يحمله…