لماذا تعقد المؤتمرات الحزبية الكردية في سوريا ؟

شادي حاجي 
سؤال يتكرر منذ عقود حول المؤتمرات الحزبية الكردية في سوريا  ، فالمؤتمرات الحزبية في غرب كردستان وعلى مدى أكثر من نصف قرن من الزمن لم تتطور ولم تتغير الغرض من إنعقادها حيث بقيت كما هي نفسها اختيار إن لم نقل الإقرار ببقاء نفس الأشخاص المتنفذين في مناصبها وفي أحسن الأحوال عندما يصدف تغيير البعض من أعضاء اللجان المركزية يكون ذلك دون أن يشغلوا مناصب حساسة ودون امتلاكهم أية صلاحيات سلطوية ودون أي تغيير مهم يذكر لا في الأهداف ولا البرامج ولا الأولويات ولا في السلوك والممارسات والتي تبقى أصلاً مجرد حبر على الورق في الأحزاب الكردية لأنهم لا ينتبهون أو يلتفتون إلى تطبيقها والالتزام بها فمعظمهم مشغول بنفسه ومصالحه الشخصية والحفاظ على موقعه ، ليس هذا فحسب بل كثيراً ما يتم حتى قبل انعقاد المؤتمرات تحديد لمَن سوف يصوّت المندوبون ومن سيشغل منصب السكرتير أو رئيس الحزب إن لم نقل قبل أشهر فقبل أيام من عقد المؤتمر وبات التصويت والترشيح في المؤتمرات الحزبية الكردية في سوريا مجرّد إجراءات شكلية ورفع عتب وتقليد لإضفاء الشرعية الحزبية على قيادات الأحزاب رسمياً وإظهار وحدة الحزب .
فكما يبدو لا دخول التلفزيون ولا الصحافة ولا التكنولوجيا الحديثة المختلفة ولا كل ثورة التقنيات الأنترنيتية ولا كل هذه الانتقادات والاقتراحات والنداءات غيّرت من تقاليد المؤتمرات الحزبية الكردية في سوريا ( خمسة أشهر وما زال مؤتمر المجلس الوطني الكردي في حالة انعقاد ولم يترشح عنه الاعلان خلال مؤتمر صحفي عن هيئته الرئاسية ولا عن لجانه الإختصاصية  –  تأخير مؤتمر الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا قرابة خمس سنوات  والتأخير مازال مستمراً بالرغم من أنه ومنذ أن تم المعلوماتالاعلان عن أن المؤتمر قاب قوسين أو أدنى من إنعقاده . .. نموذجاً ) .
ونظراً لقرب إنعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا بحسب الأنباء المتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي وتصريحات بعض قيادي الحزب في الاعلام ولأن المؤتمرات الحزبية تعتبر محطة تنظيمية مهمة وأعلى سلطة  في حياة أي حزب والهدف منها ، كما هو متعارف عليه تتمثل في اختيار القيادة الحزبية ورسم سياسات الحزب وبرامجه وأساليب نضاله وتجديد هياكله وبتعبير آخر فالسكرتير أو الرئيس باختلاف التسميات، يستمد شرعية استمراره ومشروعية تواجده على القيادة من المؤتمر الحزبي . 
وكما هو معروف فهناك ثلاث دلالات للمؤتمر الحزبي :
الأولى : قانونية تتمثل في احترام الأنظمة الداخلية للأحزب بحسب المصطلح الذي يستخدمه معظم الأحزاب الكردية في سوريا أو القوانين الأساسية للأحزاب بالنسبة لمعظم الأحزاب الأخرى الغير الكردية .
الثانية : خلق نوع من العلاقات المستقرة من خلال ربط الأواصر بين القيادة واللجان الاختصاصية والقاعدة الحزبية .
الثالثة : سياسية، تتمثل في عملية التداول السلمي للسلطة  وتعاقب النخب على تدبير الشأن الحزبي وفق إجراء عملية الانتخابات النزيهة وصناديق الاقتراع والتصويت ونتائجها .
وعلى ضوء ماسبق ذكره أعلاه السؤال يفرض نفسه :
هل سيختلفُ المؤتمر القادم بشكل جذري عن سابقه بحسب رؤية بعض قيادات الحزب لاختلاف الظرف واستثنائية وضع المؤتمر السابق الذي تشكّل من اتّحاد أحزاب سياسية تحت مُسمّى الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا نظراً لاستحقاقات المرحلة والمستجدات السياسية والأمنية والجغرافية والديمغرافية التي حدثت منذ المؤتمر السابق ؟
وإذا كان الأمر كذلك فهذا مايزيد من مسؤولية الحزب ومندوبي المؤتمر لوضع استراتيجية وخطط سياسية وبرامج واضحة المعالم والمراحل والأهداف، وعلى ضوء ماسبق فالمطلوب من المؤتمرين العمل على تغيير الحزب وتطويره وتحديثه وفق الشروط التالية :
1- أن يكون ديمقراطياً منهجاً وسلوكاً وثقافة وتربية وممارسة … ديمقراطياً في العلاقات الحزبية البينية بين القيادة واللجان المختصة والقواعد الحزبية وفي العلاقات العامة وأن يعمل على تكريس هذا المبدأ داخل هياكلها، وأن يعطي مثالاً بهذا الخصوص قبل المطالبة بذلك على مستوى مؤسسات الحزب حتى لا تشيخ القيادات على كراسيهم وأن لا تبقى الديمقراطية مجرد اسم للحزب ونصوص جامدة في النظام الداخلي .
2- أن تكون العلاقات داخل الحزب على أساس تبعية الأعضاء والهيئات الحزبية للأفكار والقناعات والبرامج وليس للأشخاص والتكتلات حتى يكون لإنتمائهم الحزبي مصداقية .
3- أن لا يعطي الحزب أيّ مجال لتشكيل تكتل ضامن ولوبي في القيادة لكي لا تتحكم بكل مفاصل الحزب وأجهزته وهيئاته، وتجعل الحزب كمزرعة أو دكانة لها تسرح وتمرح وفقآ لمصالحها الشخصية، ولكي يتحرر الحزب من هيبة وسلطة الأشخاص، ويتحول إلى مؤسسة تكون السيادة فيه للقانون واللوائح التنظيمية والسياسات والبرامج والأهداف المقررة والتحول من النظام المركزية الشديدة الى اللامركزية الادارية والسياسية ومنح صلاحيات الى اللجان الاختصاصية والمجالس المحلية والمناطقية .
4- أن يكون الحزب ديناميكياً في داخله، وفي علاقاته مع الأحزاب الأخرى وشرائح واسعة من المواطنين بمختلف تعبيراتهم السياسية والثقافية والاجتماعية والحقوقية، وأن يخرج من الدوائر والغرف الباردة إلى الفضاءات الرحبة الواسعة والساحات الساخنة حتى يتمكن من أن يكون ممثلاً حقيقياً لطموحات وتطلعات الشعب الكردي في سوريا .
5- سن قوانين صارمة لمنع خلق زعامات حزبية واحتكار المناصب أي منصب كان الى مالانهاية من الدورات لكي لايتحول الحزب الى مقاولات سياسية ومجموعات مصالح.
6- دراسة أسباب نفور المثقفين والأكاديميين وأساتذة الجامعات والمئات من الكوادر الجامعية والمواطنين الكرد من المشاركة في الحياة السياسية الحزبية، والعمل على إيجاد مشاريع تناسب مؤهلات وقدرات ومكانة هذه الشريحة المهمة (مركز للدراسات الاستراتيجية – لجنة للإهتمام بالكتاب وإنتاجاتهم ومايلزمهم من طباعة ونشر – تكليفهم بالقيام بإقامة الندوات والمحاضرات الثقافية والقانونية والتاريخية والاجتماعية كل في مجال اختصاصه من خلال إقامة ورش عمل دورية .. ) .
7- انتخاب قيادات من ذوي خصائص دقيقة من خلال إتاحة الفرصة أمام طاقات الحزب المتجدّدة من الشباب المندفع والمثقف (شباب وبنات) تشمل الإيمان بالعمل الديمقراطي الجماعي والانضباط للقوانين التنظيمية للشأن السياسي تتمع بالنشاط والتواصل مع القواعد الحزبية وفتح المجال أمامهم للمشاركة الفعلية في العمل السياسي والمساهمة الفعالة في صناعة القرار السياسي عبر هياكل الحزب المنتخبة بطريقة ديمقراطية .
8- اعتماد مبدأ النقد والنقد الذاتي الفعلي الحقيقي لتقييم العمل الحزبي واعتماد مبدأ المحاسبة دون أن يكون هناك من هو معصوم من المحاسبة إلى جانب الاهتمام الجدي بمسألة الموازنة المالية وشفافية الوضع المالي نظراً لحساسية الموضوع ولوضع حدّ لمسألة الفساد المالي، وهذا سيعطي للحياة السياسية العامة وللهيئات الحزبية المنتخبة داخل النظام الحزبي خاصة مصداقية كبيرة تزرع روح الثقة بين القيادة والقاعدة وبالتالي بين الحزب والشعب .
أخيراً، وليس آخراً:
لابد أن نسأل مندوبي المؤتمر المزمع عقده قريباً:
هل تودون حقيقة حزباً ديمقراطياً مؤسساتياً نوعياً قوياً جماهيرياً؟
فإذا كان الجواب بكلمة نعم: فعليكم تفضيل النصوص الضامنة للديمقراطية على مبدأ تعيين الكتلة الضامنة والعمل على التخلص من هذا المبدأ المعطل للحزب  .
والى مستقبل أفضل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…