تداعيات مئوية أتفاقية لوزان على الوجود القومي الكُردي

عبداللطيف محمدأمين موسى

في قراءة مستفيضة لماهية الأحداث وحجم الصراع في تناقض المفاهيم المتعلقة بحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها والانتقال نحو الديمقراطية والعدالة الإجتماعية والعيش في مجتمع يسوده التكافل والعيش المشترك والسلام ونشر المحبة والاخوة، وكما أن الصراع القديم الجديد في المصالح من أجل النفوذ والسيطرة والاحتلال والاستعمار والاستعباد ومحو هوية الشعوب ،وأضعاف أنتمائهم وكافة محاولات أنهاء وجودهم القومي. لعلها مفاهيم ومصطلحات تحاكي أو تعبر عن حالة الشعب الكردي وصراعه المرير في حُقب التاريخ مع الإمبراطوريات والدول والأنظمة التي تعاقبت على احتلال أرضه الأصيلة كردستان. تعبر أتفاقية لوزان حقبة مظلمة في مسيرة الشعب الكُردي في صراعه من أجل الحفاظ على وجوده، ومقاومة كافة المحاولات التي استهدفت قضيته ،وكما عبرت أتفاقية لوزان عن أبشع مؤامرة شاركت فيها الأنظمة الدولية والتي قادت مرحلة عشرينات القرن المنصرم في تقاسم النفوذ والسيطرة على حساب تطلعات الشعوب وحقها في الحرية، وكما جاءت هذه الاتفاقية لتضرب وتنسف جميع المواثيق والأعراف الدولية التي شاركت تلك الأنظمة في صياغتها وتفاخرت بها لسوقها مفاهيم الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها . 
أن أتفاقية لوزان عمدت الى إرضاء الدولة التركية الحديثة لصالح عدم قلب موازين القوى التي كانت لصالح الشعب الكردي بعد صراع وأزمات العشرينات القرن المنصرم ،والذي فرض الشعب الكردي نفسه في التعبير عن وجوده الأصلي من خلال أتخاذ النضال والمقاومة السبيل الوحيد لذلك عبر ثورات بارزان وثورة شيخ سعيد بيران ومحمد حفيد وجمهورية مهاباد عن أبهى مراحل النضال القومي في التصدي لكافة محاولات أنهاء الشعب الكردي ليجبر نضال الشعب الكوردي ومقاومته تلك الدول العظمى على الإعتراف بحقوق الشعب الكردي في أتفاقية سيفر، ولكن صراع المصالح وتحقيق المكاسب وتوسيع النفوذ الإقليمي والدولي وعدم قلب الموازين الدولية جعل من الشعب الكردي ضحية لأبشع مؤامرة عنصرية قذرة قادها مصطفى كمال عبر تقديم تقديم تنازلات كبيرة للدول العظمى من أجل أنهاء الوجود القومي للشعب الكردي عبر توقيع أتفاقية لوزان. لذا وفي الذكرى المئوية لاتفاقية لوزان لابد لي من أن اضع بين يدي القارئ العزيز تداعيات هذه المؤامرة على الشعب الكردي حيث ورثت أتفاقية لوزان هذه الأنظمة الإقليمية الحالية الحقد والكره وعدم قبول فكرة وجوده الشعب الكردي التاريخي الأصيل على أرضه كردستان وكما تعمل تلك الأنظمة جاهداً في سوق جميع المؤامرات وحياكتها على الشعب الكردي لتجتمع وتتوحد متناسين كافة خلافتهم وأزماتهم فقط ما يوحدهم فكرة التصدي للشعب الكردي ومحاولاته في التعبير عن وجوده، والحفاظ على هويته الوطنية وإنتمائه القومي الكردستاني والعيش بسلام ومحبة مع باقي المكونات ومع تلك الدول بسلام .لعل ما يدعم ما أود طرحه هنا موقف تلك الدول الإقليمية من محاولة المرجع القومي الكوردستاني المتمثل بالرئيس مسعود بارزاني الذي عبر عن استفتاء إقليم كردستان ٢٠١٧ مستندا الى كافة المواثيق والأعراف الدولية لكل حق شعب الحق في تقرير مصيره حيث قامت هذه الأنظمة الإقليمية على تجاهل عمق خلافتها وأزماتها وعمدت الى الإجماع على عدم تقبل تطلعات الشعب الكردي في التعبير عن وجوده من خلال تهديدهم الشعب الكردي بالحصار والتدخل العسكري وضرب الكرد في محاولة لإظهار صورتهم الحقيقية في الحقد والكره وعدم تقبل الوجود القومي للشعب الكردي، ولعل التهديدات التي تشير فيها الدولة التركية في التلويح باجتياح واحتلال غرب وجنوب كوردستان وقرارات بعض القوى المتنفذة والمحسوبة على جهات إقليمية في العراق ضد إقليم كردستان ،وكما أن رفض دمشق المتكرر للحقوق القومية للشعب الكردي في سورية ،وقمع إيران المتكرر وعدم تقبلها للحقوق القومية للشعب الكردي في كردستان الشرقية أنما خير دليل على امتداد مفاهيم وسياسيات الحقد على الشعب الكردي التي ورثتها حقبة أتفاقية لوزان لأنظمة الدول تلك التي تحاول باستمرار  إنكار الوجود القومي للشعب الكردي. في المحصلة، يمكن القول أن الذكرى المئوية لاتفاقية لوزان وتداعيتها وتأثيراتها على الشعب الكردي ووجوده الخطير على الشعب الكردي ومع انتقال العالم الى التقدم نحو دعم مفاهيم وحركات التحرر ومحاربة أفكار المناهضة للعنصرية والشمولية وأنكار وعدم تقبل الآخر يبقى التمسك بالنضال المستمر الوسيلة الوحيدة في تعرية هذا التآمر الذي يستهدف الوجود القومي للشعب الكردي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…