كوردي يتغوط في صحن يأكل منه ـ ج2

زاكروس عثمان

وقف الكورد مع الفلسطينيين منذ حرب 1948 إلى اليوم، وقدموا تضحيات كبيرة في مختلف المراحل، وكان جزائهم ان الفلسطيني تنكر للقضية الكوردستانية وتبنى ضد القومية الكوردية مواقف وسياسات الدول المحتلة لكوردستان حرفيا، هذا لان الفلسطينيين كـ “زعماء، تنظيمات، مثقفين وعقل جمعي” يجيدون اللعب بالسياسة اكثر من الكورد.
الفلسطيني لا يبحث عن المثل والاخلاق بل يحاول ان يحلب جميع الاطراف دون مقابل، هذه سياسة ميكافللية واقعية نفعية صائبة، اما الكوردي حارس المثل والقيم والاخلاق فقد قرر البقاء خارج عصر التحولات الكبرى كي يستمر في التفاني بخدمة الآخرين وهذه سياسة دونكيشوتية تسير بصاحبها الى الانقراض (من يهمل ما هو حاصل من أجل الاهتمام بما يجب أن يحصل، لابد أن يؤدي عمله هذا إلى تدمير ذاته بدل ان يحافظ عليها) هذا هو حال الكورد اليوم، احدهم يخدم تركيا والآخر يخدم الاسلام وذاك يخدم الفلسطينيين، عمليا لا احد يخدم كوردستان، فهل يوجد فكر اجهل من هذا، وهل توجد سياسية متخلفة اكثر من هكذه.
التنظيم الفلسطيني مهما كانت ايديولوجيته ان كان علماني، ديني، يساري، يميني، فانه يضع القضية الفلسطينية فوق اي اعتبار، اما التنظيم الكوردي اي كانت توجهاته الايديولوجية فانه يفعل عكس الفلسطيني بان يضع القضية الكوردستانية في اسفل قائمة اولوياته، هذا كوردي قومي و ذاك اسلاموي او علماني كلهم يزاودون على بعضهم في نصرة غزة، في وقت تمارس فيه تركيا سياسة الارض المحروقة في روزئافا وباشور كوردستان دون ان نسمع صوت هؤلاء المزايدين يهتف لنصرة ديريك او دهوك. 
لماذا لا يسأل الكوردي الذي يهتف لـ غزة: إذا كانت الرابطة الدينية تشد الكوردي إلى الفلسطيني لماذا لم نسمع فلسطيني واحد يندد بوحشية الاحتلال التركي الذي يشن حملة ابادة بحق الكورد، لماذا لا يعمل الكوردي بالمثل القائل “حك لي احك لك” اي جهل فكري يدفعك إلى نصرة من يقف مع عدوك، اي غباء سياسي يحرضك ضد من يكون سند لك ومدافع عنك.
انها المثالية الأخلاقية و القانونية المفرطة التي تأسر عقول حتى كبار قادة الكورد، بينما الأخلاق لا يمكنها ان تحدد السياسة، بعبارة اخرى لا يمكن تطبيق المبادئ الأخلاقية على العمل السياسي، يقول خالنا ميكيافيللي: الأخلاق نتاج للقوة، للفصل بين الأخلاق و السياسة، وهذه دعوة للقيادات الكوردية كي تكون اكثر واقعية، عليها ان تدرس وتفهم سلوكيات الدول و العوامل المؤثرة في علاقاتها بعضها مع بعض، فالواقعية تدرس و تحلل ما هو قائم في العلاقات الدولية، وتحدد سياسة القوة و الحروب و النزاعات مما يساعد على اتخاذ موقف يحقق منفعة للقضية الكوردية، فالعالم محكوم بجملة اعراف ميكافللية باتت مسلمات في الحياة السياسية تعمل بها غالبية الدول مهما اختلفت مشاربها، وتلتقي من حولها سائر القوى السياسية على اختلاف ايديولوجياتها، ولو عمل الكورد بمبدأ النفعية لكان موقفهم اقرب الى اسرائيل منه إلى الفلسطينيين، فالمطلوب من قادة الكورد هو تحقيق مكاسب للقضية الكوردستانية، وليس إصلاح العلاقات الدولية، بل النظر لها كما هي وليس ما يجب ان تكون، بكلام اوضح ليس من مهام الكورد التفرغ لحل النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني بل السعي إلى حل قضية الكورد المركزية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…