تحية للاشقاء بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد ح د ك – العراق

 صلاح بدرالدين

حقائق من وحي المناسبة
كان انبثاق الأحزاب ( الديموقراطية الكردستانية الإيرانية والعراقية والسورية والتركية ) في الاجزاء الاربعة بدءا من نحو ثمانية عقود بعد الحرب العالمية الثانية  ( في ايران عام ١٩٤٥ )، ( في العراق ١٩٤٦ )، ( في سوريا ١٩٥٧ )، ( في تركيا ١٩٦٥ )، انتقالا الى مرحلة جديدة، وتعبيرا سياسيا واقعيا عن حقيقتين : 
  الأولى  الرضوخ لواقع  تجزئة موطن الكرد – كردستان التاريخية – الى أجزاء أربعة كامر واقع، والانتقال النظري، والعملي الاستراتيجي من القومي الى القطري،  والانطلاق من مبدأ الجمع بين النضالين القومي، والوطني، والتركيز على جغرافية كل جزء بحسب الحدود المرسومة نتيجة الاتفاقيات، والمعاهدات الدولية  كمهمة أساسية .
   والحقيقة الثانية : تلقفت النخب الكردية نداءات الدول الاشتراكية ( الكومنترن ) الى شعوب التحرر الوطني في الشرق بتنظيم انفسها في حركات، وأحزاب سياسية ديموقراطية، بعد اعتبارها الجزء الثالث من حركة الثورة العالمية الى جانب كل من منظومة الدول الاشتراكية، والحركة العمالية العالمية، والالتزام بدعمها، واسنادها، وقد كانت الظروف الموضوعية للكرد اكثر مواتية للانحياز الى الشرق حيث الغرب كان مواليا للأنظمة المقسمة للكرد ومرتبطا معها بمعاهدات عسكرية، وامنية ولذلك كان في عداد الخصوم  بمنظور ذلك الزمان .
نظريا وممارسة، جميع هذه الأحزاب وكذلك الأحزاب والمنظمات الكردية الأخرى التي ظهرت تباعا تمنح الأولوية المطلقة لقضاياها الخاصة في جغرافية الدول الأربعة القائمة، وقد تجد بندا كتقليد متبع، وعلى الاغلب غير ملزم، في برامجها يشير الى ( دعم نضال الكرد او الشعب الكردي في كل مكان ) كما هو الموقف من أي شعب آخر يبحث عن الحرية.
ورغم مرور الوقت الطويل لم تستطع هذه الأحزاب الالتزام باستراتيجية قومية واضحة، وموحدة متوافق عليها من الجميع او من غالبيتها، بحيث باتت الحركة الكردستانية الان بامس الحاجة الى ضوابط تنظيمية ومعنوية في علاقاتها البينية في الجزء الواحد وكذلك بين الأجزاء الأربعة حيث الحرمان من مركز قومي سياسي توافقي، او مجالس حكماء، او جهاز قضائي يبت بالخلافات، او صندوق مالي لإغاثة المحتاجين، وادى ذلك الى ظهور الصراعات، والمواجهات، وتدخل القوى الخارجية بسهولة في الشأن الكردي الداخلي، وترسخت العصبيات الحزبوية، والأيديولوجية، واتخذت  المواقف السلبية الخاطئة، وتنامت نوازع الهيمنة، واعتداءات  الأقوى، ودائما وعلى طول الخط البياني منذ عقود يدفع كرد سوريا الثمن باهظا على حساب مصيره، وقضيته  واستقلاليته، وشخصيته القومية والوطنية.
 حتى ان بعض هذه الأحزاب يعاني من ضعف وهزالة العامل الذاتي، ولم يتجدد في عمليات ديموقراطية لامن حيث الفكر، والتنظيم، او البرنامج السياسي، او القيادة، نحن في جزئنا تابعنا التحول العميق عام ١٩٦٥ في الكونفرانس الخامس حيث اعيد تعريف الشعب، والقضية، والحقوق، والصديق والخصم، والعدو، وتم تكريس نهج فكري سياسي متجدد حول القضايا القومية، والوطنية، والكردستانية .
في جميع الأحوال مجرد انبثاق تنظيمات كردستانية منذ عقود وبغض النظر عن التفاصيل، والتباين بين الظروف والاحوال يعتبر خطوة الى الامام، وهناك فرص تاريخية امام الكرد بكل مكان لاعادة البناء الفكري والسياسي، والتنظيمي، وصياغة البرنامج المناسب لمواصلة النضال، ولاشك ان إنجازات كردستان العراق في الفيدرالية وغيرها كانت بفضل تضحيات شعب كردستان العراق ودعم الكرد بالاجزاء الأخرى، وبفضل قيادة الحزب الديموقراطي الكردستاني ورئيسه الأول الزعيم الراحل مصطفى بارزاني الذي خلده التاريخ.
وبهذه المناسبة فان اعادة النظر، وبناء وترتيب العلاقات الداخلية والكردستانية بشكلها الديموقراطي الاخوي المنشود مهمة أساسية أولى في المرحلة الراهنة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني مقدمة حين تنهار الدولة المركزية، وتتعالى أصوات الهويات المغيّبة، يُطرح السؤال الكبير: هل تكون الفيدرالية طوق نجاة أم وصفة انفجار؟ في العراق، وُلد إقليم كوردستان من رماد الحروب والحصار، وفي سوريا، تشكّلت إدارة ذاتية وسط غبار المعارك. كلا المشروعين يرفع راية الفيدرالية، لكن المسارات متباينة، والمآلات غير محسومة. هذه المقالة تغوص في عمق تجربتين متداخلتين، تفكك التحديات، وتفحص…

طه بوزان عيسى منذ أكثر من ستة عقود، وتحديدًا في عام 1957، انطلقت الشرارة الأولى للحركة الكردية السياسية في سوريا، على يد ثلة من الوطنيين الكرد الذين حملوا همّ الكرامة والحرية، في زمن كانت فيه السياسة محظورة، والانتماء القومي جريمة. كان من بين هؤلاء المناضلين: آبو عثمان، عبد الحميد درويش ،الشاعر الكبير جكرخوين، الدكتور نور الدين ظاظا، ورشيد حمو، وغيرهم…

عبد اللطيف محمد أمين موسى إن سير الأحداث والتغيرات الجيوسياسية التي ساهمت في الانتقال من حالة اللااستقرار واللادولة إلى حالة الدولة والاستقرار في سوريا، ومواكبة المستجدات المتلاحقة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، تكشف بوضوح أن المتغيرات في سوريا هي نتيجة حتمية لتسارع الأحداث وتبدل موازين القوى، التي بدأت تتشكل مع تغيرات الخرائط في بعض دول الشرق الأوسط، نتيجة…

اكرم حسين اثار الأستاذ مهند الكاطع، بشعاره “بمناسبة وبدونها أنا سوري ضد الفدرالية”، قضية جدلية تستحق وقفة نقدية عقلانية. هذا الشعار، رغم بساطته الظاهرة، ينطوي على اختزال شديد لقضية مركبة تتعلق بمستقبل الدولة السورية وهويتها وشكل نظامها السياسي. أولاً: لا بد من التأكيّد أن الفدرالية ليست لعنة أو تهديداً، بل خياراً ديمقراطياً مُجرّباً في أعقد دول العالم تنوعاً. كالهند،…