سوريا والعراق في طريقهما إلى صفيح ساخن

علي شيخو برازي

 
قد يطول الوقت وتحصل بعض التغييرات , لكن الاستراتيجية الأمريكية لن تتغير كثيرا, التحشدات على الحدود السورية العراقية  بعد المشروع الإيراني في منطقة البوكمال والبادية السورية من جهة, والقوة البحرية الأمريكية في مضيق هرمز من جهة آخر, يشيان بجديد غير معتاد في المنطقة, بعد أن أخذ الملف الإيراني وقته الكافي, وتداول كثيرا بين إسرائيل وأمريكا والتحالف الدولي, وقد لعبت الاستفزازات الروسية والإيرانية لأمريكا في سوريا خاصة, دورا في تعزيز وتوسيع الوجود الأمريكي على الحدود السورية العراقية انطلاقا من بناء قاعدة التنف الاستراتيجية, وهذا الأمر في وقته الحالي ردع لتمدد المشروع الإيراني وربما الروسي أيضا, ويقول البعض أن هذه التعزيزات الأمريكية لها علاقة بالملف النووي الإيراني بالدرجة الأولى, ومهما كان, فالإحداثيات تشير إلى جديد في سوريا كما أسلفنا, ولا أستبعد وصول المشروع الأمريكي إلى السويداء بعد هذا الزخم الكبير من التظاهرات والإضرابات والشعارات التي تنادي بإسقاط بشار .
وهذا سيؤثر مباشرة في الشهد السياسي الكوردي في سوريا, وحالة اليأس لدى الجماهير الكوردية لن تدوم في صمت أو غض النظر أمام ما يجري في المدني السورية, من عصيان مدني وكسر حاجز الخوف في مناطق الطائفة العلوية, فالأوضاع المعيشية باتت لا تحتمل, لا ماء ولا كهرباء , وأسعار السلع أصبحت خيالية مقابل دخل المواطن, ليس هناك مبرر بعد اليوم أمام حالة الفقر وانتشار الفساد وابتزاز الناس, لا سيل أقوى من سيل الجائعين, لان الحياة عليها أن تأخذ حقها من الأحداث , أكثر من خمسين عام والشعب الكوردي في سوريا كان يعمل ليكون مستعدا لمرحلة جديدة تتوفر فيها الظروف الذاتية والموضوعية, بأحزابها ومنظماتها وشخصياتها الدينية والثقافية والاجتماعية,  وقد أتت هذه المرحلة, وقادتها قوى شبابية وطنية نظيفة الأيدي عام 2011, لكن سرعان ما انسحب البساط من بين أرجل هذه القوى, وألقت الصدفة بقيادة المرحلة على أناس لم يكونوا أهلا لقيادتها. وقد عملت قيادة هذه المرحلة على استبعاد الحركة الشبابية والمثقفين الثوريين والمنظمات والشخصيات المستقلة , وداروا في حلقة مغلقة على المكاسب الشخصية, وأوجدوا عشرات الدوائر ضمن دائرتهم الضيقة , وتراجعوا عن كل المبادئ التي نادوا بها من قبل, تعاملوا مع الشوفينيين وناكري حقوق الكورد ومع التكفيريين بطرق غير مباشرة.
المسلسل اليوم في حلقاته الأخيرة , لأن المعطيات الحالية, من : حراك في المدن السورية عامة وفي حاضنك النظام بشكل خاص, وأصوات الشرفاء والغيورين على البلد التي باتت عالية مسموعة, وتجربة أكثر من عقد علمت البسطاء ما لم يعلمون, كل هذا يوحي أن هناك جديد يلوح في أفاق سوريا, والجديد آت لا محال , وستكون هناك ثورة, وربما تكون مغايرة تماما من سابقتها, كونها تمتلك الأدوات من سلاح وخبرة عسكرية, ومعلومات سرّية دقيقة عن طرق الضباط الأحرار, ستضم المعارضة وما كانوا يسمّون ب (الموالاه), و حركة 10 آب في الساحل السوري  وانتفاضة جبل الدروز الذي أنهكه الصبر على الظلم, والإضرابات التي تعم المدن السورية, خير دليل على أن الظلم والفساد والارتزاق لا يدوم . فكرة الثلج بدأ تتدحرج هذه المرّة في مناطق سيطرة النظام .
فقد طفح الكيل لدى الناس عامة, وستنتهي قريبا كل الأطر السياسية  والعسكرية, وتضمحل بين عشية وضحاها, , ما يسمى ب : الجيش السوري الحر (الفصائل الراديكالية ) – الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية – المجلس الوطني الكوردي – الإدارة الذاتية الخ ……..
وسيعد المجتمع الدولي حساباته بشأن سوريا, مع استمرار الحراك الجديد .
سنرى أحزابا ومنظمات جديدة,  ومشاريع سياسية جديدة, وسينتهي النظام وأعوانه كما انتهى كل من سبقوه من حكام القتل الإجرام عبر التاريخ .
والكل يدرك أن الشعب لا يموت بموت فئة فاسدة, وكما قال الشاعر أبو القاسم الشابي : إذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ    فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ    ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي    ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   منذ 2011، فتحت تركيا أبوابها للسوريين، ليس دعماً لهم، بل لاستغلال نزوحهم، على أكثر من صعيد، متوهمةً أن سقوط النظام لن يطول. استقبلت الأيدي العاملة، بأجور جد زهيدة، و استغلتهم عبر أساليب مشينة، واستفادت من ضخّ المساعدات الدولية الممنوحة للسوريين، بينما اضطر رجال الأعمال إلى نقل مصانعهم إلى هناك، لاستمرار معيشتهم وديمومة حياتهم، ما عزّز الاقتصاد…

في إطار الاهتمام العالمي بالقضية الكردية عامّةً، وفي سوريا على وجه الخصوص، بعد الأحداث الدامية في 12 آذار 2004م، ازداد اهتمام العواصم الأوروبية بقضيتنا الكردية؛ فأوفدتْ مندوبين عنها إلى الجزيرة من قبل الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية (كندا)، وذلك للوقوف على الحقائق كما هي في أرض الواقع؛ بغية الوصول إلى رسم تصوّرٍ واضحٍ ومباشرٍ لوضع الشعب الكردي في سوريا ومعاناته الاجتماعية…

ماهين شيخاني كان يكبرنا سناً ومحل احترام وتقدير لدينا جميعاً وفي المؤتمر (……) كان بيني وبينه وسادة، لمحته ينظر لوجوه المؤتمرين، هامسته : هل أكملت جدول الانتخاب ..؟. أجاب: مازال قائمتي بحاجة الى بعض المرشحين ..؟!. وضعت ورقتي المليئة بالأسماء التي انتخبتهم حسب قناعتي بهم على الوسادة أمامه، تفضل ..؟. نظر أليَّ باستغراب، رغم ثقته بي ووضع…

صلاح بدرالدين   منذ عدة أعوام ولم تنفك وسائل اعلام أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) – ب ي د و انكسي – تنشر تباعا عن تدخل وسطاء دوليين لتقريب الطرفين عن بعضهما البعض ، والاشراف على ابرام اتفاقية كردية – كردية ، وانهاء عقود من حالة الانقسام في الصف الكردي السوري !!، من دون توضيح أسس ، وبنود ذلك الاتفاق…