شاهين أحمد
بدايةً من الأهمية بمكان التذكير والتأكيد هنا على جانب هام في هذا الموضوع وهو : أن مطالبة حزبنا الديمقراطي الكوردستاني – سوريا الذي يتهيأ لعقد مؤتمره العام بإجراء إصلاحات بينة ، أوإحداث تغييرات حقيقية على مختلف الصعد التنظيمية والسياسية والإعلامية …إلخ، تأتي من باب أهمية الحزب والاهتمام به كإطار جمع عدة كتل وأحزاب وشخصيات وفعاليات . وكذلك فإن تلك المطالبة هي نتيجة طبيعية للموقع الهام الذي يشغله والدور المؤثر الذي يقوم به الحزب كأحد أهم مكونات المجلس الوطني الكوردي في سوريا ، وكذلك ثقله في أوساط شعبنا وتمثيله في مؤسسات المعارضة ومسارات العملية السياسية المتعثرة حول مستقبل سوريا.
وبالتالي ضرورة الاهتمام والاستماع لـ كل من يجد نفسه معنياً بالمشروع الذي يحمله ويمثله الحزب ، ويطلق المبادرات ، ويبدي الملاحظات على أدائه ودوره، كما عليه معرفة الأعباء التي تثقل كاهله، والواجبات المطلوبة منه ، للانتقال به إلى حقول أكثر نشاطاً وفاعلية . ولكن في الوقت عينه علينا – كمطلقي مبادرات أو مبدي ملاحظات في هذا الموضوع – أن لانجانب الموضوعية في مبادراتنا وملاحظاتنا، لأن الحكمة والمسؤولية تقتضيان معرفة الظروف التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وبلدنا سوريا ومناطق كوردستان سوريا بصورةٍ خاصة ، والخيارات الواقعية المتاحة أمام هكذ حزب، وحجم الإمكانات الموجودة لديه، والاطلاع على نشاطاته ، وتركيبة حلفائه في المجلس الوطني الكوردي والمعارضة السورية ، كي تنصب ملاحظاتنا في حقول البناء والمساهمة الإيجابية أولاً، وتلامس مساعينا مساحة المنطق والواقع الموجود بعيداً عن الأوهام والأحلام ثانياً، وبالتالي حجم توقعاتنا من محطة تنظيمية مهمة لهذا التعبير التنظيمي – السياسي الهام الذي حاول أن يعبر ” سياسياً ” بكل صدق وأمانة عن طموحات شعبنا وقضيته القومية بالرغم من كل الضغوطات والتحديات التي تواجهه ثالثاً . والحديث في هذا الموضوع ليس فقط هام وضروري فحسب ، بل يتطلب الجدية والجرأة والشعور بالمسؤولية . وسنحاول أن نثير ونطرح على حلقات بعض الجوانب التي نراها هامة وضرورية وتخص شعبنا بشكل عام وجماهير حزبنا ومؤيديه وأصدقائه لتوليد أفكار وصياغة رؤى ” قد ” تفيد في إلقاء الضوء على بعض الزوايا المظلمة التي تخص كل المعنيين بالحزب والحريصين عليه وعلى مؤتمره ومستقبله ، وخاصة الذين يعلقون آمالاً عليه لأنهم يجدون أنفسهم جزءاً من مشروعه سواءً في جانبه القومي الكوردي أو الوطني السوري . ومن المفيد التذكير هنا بأن حزب pdk – s الذي انبثق من مؤتمر أحزاب الاتحاد السياسي الذي عقد في هولير عاصمة اقليم كوردستان العراق بتاريخ الـ 3 و 4 و 5 من نيسان 2014 يتكون من فعاليات وكفاءات متنوعة ووازنة ، وطيف واسع من عدة أجيال، ويكتنز حكمة وخبرة المناضلين القدماء وعنفوان وحماس الشباب ومابينهم من طاقات غنية ومتنوعة ، ومازال يحتفظ بحضور ووجود مؤثر داخل الوطن بالرغم من كل المحاولات والممارسات الترهيبية والمؤامرات الكثيرة التي تستهدف اقتلاعه . وينطلق الحزب في نضاله من حقيقة وجود شعب كوردي يعيش على أرضه التاريخية ،هذا الشعب الذي بقي مع أرضه داخل الحدود الإدارية والسياسية المعروفة للدولة السورية التي ولدت من رحم الاتفاقيات الدولية بين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى مثل سايكس – بيكو لعام 1916، ولوزان لعام 1923، تلك الحدود التي فرضت على شعبنا وشعوب المنطقة رغماً عن إرادتها . وانطلاقاً من هذه الحقيقة يعمل ويتحمل الحزب مسؤولية قومية ووطنية نضالية تفرض عليه التعبير الصادق عن تطلعات الشعب الكوردي ، والدفاع المستمر عن قضيته العادلة في إطار سوريا جديدة وموحدة ومختلفة عن سوريا البعث . وانطلاقاً من هذه الحقيقة انخرط ومن خلال ENKS في مؤسسات المعارضة الوطنية السورية ويشارك في العملية السياسية حول مستقبل سوريا برعاية أممية ، ويعمل مع ممثلي مختلف أطياف الشعب السوري والمعارضة الوطنية من أجل إنهاء كافة أنواع الاحتلالات المباشرة والمقنعة ، وإنهاء الاستبداد ،وإعادة إنتاج جمهورية سورية اتحادية، وإقامة البديل الوطني الديمقراطي الذي يجب أن يقف على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية . وبما أن شعبنا بشكل عام، ومنتسبي أحزاب حركته التحررية بصورة خاصة عانوا الظلم والاضطهاد والتهميش والإقصاء والسجن والملاحقة والقتل من جانب حكومات البعث المختلفة ، لذلك حسم الحزب خياره منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في منتصف آذار 2011 ، وشارك بشكل مدني سلمي إلى جانب المطالبين بإنهاء الاستبداد وإقامة البديل الوطني الديمقراطي المختلف عن البعث وحكوماته المتعاقبة ، وأصبح جزءاً لايتجزأ من الحراك الشعبي السلمي والمعارضة السياسية . وجدير ذكره هنا أن الحزب بمختلف مكوناته كان جزءاً فعالاً ومهماً من الحراك الوطني السوري السلمي المعارض قبل انطلاق تلك الاحتجاجات ، وبما أن الحزب يعتبر نفسه وريث التعبير السياسي – التنظيمي الكوردي الأول الذي تأسس في سوريا في حزيران 1957، لذلك فإنه ” يلازم ويوازن ” في نضالاته دائماً ، ويؤكد على حقيقة التكامل والترابط بين القضية الكوردية كقضية قومية لشعب يعيش على أرضه التاريخية ويعتبرها إحدى أهم القضايا الوطنية التي تخص كافة الوطنيين السوريين المؤمنين بالشراكة والتوافق والعيش المشترك ، وبين جميع القضايا الوطنية السورية الأخرى، ويعتبر نفسه معنياً بكل تلك القضايا ، ويرى من واجبه النضال من أجلها والعمل على حلها ، ويناضل مع الأشقاء في المجلس الوطني الكوردي وكذلك مع كافة الشركاء الوطنيين لإيجاد حل سياسي واقعي شامل للأزمة السورية من خلال العملية السياسية برعاية أممية وفق بيان جنيف 1 لعام 2012 والقرارات الأممية ذات الصلة وخاصةً القرار 2254 الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته رقم 7588 بتاريخ 18 كانون الأول 2015 . وبدون أدنى شك أن الحديث عن الحزب ومؤتمره يجب أن يتسم بالجرأة والموضوعية ، ويأتي ضمن حقول المكاشة التي نقصد بها هنا الكشف عن الحقائق المتعلقة بالأخطاء والتجاوزات أمام الحضور” داخل ” هذه المحطة المفصلية ، وكذلك تلك المتعلقة بالتهم والتخوينات التي يطلقها البعض والتي شكلت خلال مراحل تاريخية مختلفة مادة دسمة تم استخدامها من قبل ذوي النفوس الضعيفة في التبرير للإنشقاقات التي أنهكت وشرذمت كيان الحركة التحررية لشعبنا ، ومازال هذا الوباء الخبيث ينتشر في صفوف حركتنا، ويجب رفع الستار عنها، والسماح بالإطلاع عليها ومعاينتها من قبل كل المعنيين، وإعلانها مجاهرةً أمام أعضاء المؤتمر، وتحديد من تسبب بها وكذلك تسمية المدان وتحديده على ضوء الأدلة والوثائق . وعلى المدانين ” إن وجدوا ” أن يتقبلوا النقد ويقروا بالتجاوزات والأخطاء إن ثبت ذلك ، ومن ثم الإعتذار لأعضاء المؤتمر ومنتسبي الحزب ، والتأكيد على عدم تكرارها ، أو العودة إليها مرةً أخرى . وبدون شك أن المكاشفة هي الخطوة الأساسية التي تمهد للإعتراف بالأخطاء ، وبالتالي الاعتذار والتأسيس لثقافة الصدق والتسامح والشراكة والبناء . وشعوب منطقتنا بشكل عام ، وكسوريين بصورة خاصة، والعاملين في صفوف التعبيرات السياسية – التنظيمية الكوردية وحزبنا على وجه التحديد يحتاجون اليوم للأخذ بهذه العملية – المكاشفة – الضرورية وتطبيقاتها وممارساتها العملية لقطع الطريق على أية محاولة من شأنها تكرار الانقسامات الغير مبررة . ونؤكد مرة أخرى بأننا سنقوم بالكتابة في هذا الموضوع وننشرها على ” حلقات ” ، وكلنا أمل بأن المقتدرين والحريصين من رفاقنا وأصحاب الأقلام والمهتمين سوف يتفاعلون إيجاباً مع هذا الموضوع الذي يشكل بتقديري المدخل لتأسيس أرضية سليمة لثقافة الاعتراف بالخطأ والتجاوز ، ومن ثم الانطلاق نحو وضع أسس لتشخيص الواقع القائم ، وصياغة رؤى واقعية لمعالجته . وبما أن الموضوع متشعب وكبير ومراعاةً لضيق الوقت وظروف النشر وكذلك المزاج العام للقراء الأكارم وظروف العمل ، وكذلك طغيان ظاهرة الوجبات السريعة في مجال القراءة والمطالعة سنقوم بنشر هذا الموضوع على حلقات متتالية وكلنا أمل بأنها ستدرك مقاصدها آملين من الرفاق الأعزاء والقراء الأكارم ومن كل الانتماءات والولاءات الحزبية والمناطقية تفهم أهمية الموضوع لجهة طرح بعض الامور التي قد تكون وقعها ثقيلاً أو تحدث بعض الخدوش أو حتى الجروح في نفوسنا ، لكن علينا أن ندرك بأن امتلاك الجرأة على الاعتراف بالخطأ يشكل المدخل الصحيح من أجل البحث عن المعالجة السليمة. ومن الأهمية بمكان التذكير هنا بأن اللجنة المركزية لحزبنا ومن خلال بلاغ صادر عن اجتماعها الأخير المنعقد بتاريخ الـ 12 و13 من كانون الثاني 2023 كانت واضحة تماماً في المضي قدماً في استكمال مستلزمات عقد المؤتمر العام للحزب ، وتفعيل كافة اللجان التي تم تشكيلها في عام 2017 لهذا الغرض والخاصة بالنظام الداخلي والبرنامج السياسي والتقرير العام ، وكذلك تشكيل لجنة تحضيرية خاصة بالمؤتمر ولجان أخرى مكملة لإنجاح عقد المؤتمر بشكل فيزيائي – مركزي وضمن جدول زمني محدد وبأقرب مدة زمنية ممكنة. وأن شرائح واسعة من شعبنا ، وكذلك غالبية أحزاب حركتنا التحررية الكردية ، وأشقاؤنا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني – العراق والمجلس الوطني الكوردي ، وكذلك شركائنا في جبهة السلام والحرية ومختلف منصات المعارضة الوطنية الأخرى وفي مقدمتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يتطلعون بإيجابية ، وكلهم أمل بأن يخرج المؤتمر العتيد بقرارات هامة وتصورات ورؤى ” واقعية ” على الصعيدين القومي الكوردي والوطني السوري وتعطي الحزب القوة وتجدد ثقة منتسبيه وجماهيره وحلفائه وشركائه بحزبنا لاستكمال المسيرة النضالية على نهج الكوردايتي نهج البارزاني الخالد .