زاكروس عثمان
ـ تسرب الاسلام السياسي إلى كوردستان:
الاسلام السياسي ليس وليد المجتمع الكردي بل هو فكرًا خارجي جاء تقليدًا لحركات الإسلام السياسي العالمية، وكان أول تنظيم من هذا النوع وجد في كوردستان ـ باشور على يد الإخوان المسلمين 1952، ثم تم حله في 1971 من قبل النظام العراقي البائد، فيما بعد ومع الصحوة الاسلامية التي جاءت بها ثورة الخميني في ايران 1979 وسعي نظام الجمهورية الاسلامية إلى تصدير الثورة عبر ايجاد تنظيمات اسلامية موالية له في البلدان المجاورة، بدأت حركات الإسلام السياسي تنشأ في كردستان ـ باشور في السنوات الأربعين الماضية، إذ بعد انتفاضة الكورد في ربيع 1991 تأسس الاتحاد الإسلامي في 1994 وهو الفرع الكردي للإخوان المسلمين في كردستان ـ باشور، ولم يكن لهذه الاحزاب وزن او فاعلية امام احزاب حركة التحرر الكوردستاني التقليدية.
ـ محاولات نقل الكورد من الاسلام التصوفي إلى الاسلام الجهادي:
ظلت أجهزة استخبارات الدول المحتلة لكوردستان تبحث عن وسيلة تشغل الكورد بمسائل اخرى لصرف انظارهم عن قضيتهم القومية، ولكنها عجزت عن ذلك إذ بقي الشعور القومي طاغيا لدى الكورد لا يجاريه اي شعور، وهذا ما كان يزعج مهندسي سياسة تذويب القومية الكوردية في القومية العربية التركية والفارسية، لذلك استمرت محاولاتهم في تبديل اولويات الكورد، ليجدوا ضالتهم في الاسلام ولكن تبين لهم ان الانسان الكوردي لا يجد تناقض بين قوميته ودينه، حيث يمارس عمله السياسي ويلتزم بهدفه القومي وبنفس الوقت يمارس طقوسه الدينية، ويرجع ذلك إلى ان إسلام الكورد إسلام تصوفي ـ تعبدي غير مؤدلج، ما يخلق موائمة بين القومية والدين، وهذا لم يعجب حكومات الدول المحتلة إذ لا بد من ايجاد تناقض بين القومية الكوردية وبين الاسلام ليقرر الكوردي الغاء دينه لصالح قوميته او العكس، و كان الحل بالنسبة لهذه الحكومات هو تصدير الاسلام السياسي إلى المجتمع الكوردي، على امل ان يعتنق الكوردي هذا الفكر المتطرف ليكون مستعدا للتخلي بسهولة عن فكره القومي، ويتحول من مناضل ثوري إلى مجاهد سلفي، وهذا هو مطلب الدول المحتلة التي تغذي الحركات السلفية في كوردستان.
ـ متغيرات دولية تعطي دفعة جديدة للإسلام السياسي:
انقلب تنظيم القاعدة (حركة جهادية سلفية) بزعامة اسامة بن لادن على الولايات المتحدة الامريكية بعد الهزيمة السياسية والعسكرية للاتحاد السوفياتي البائد في افغانستان، وكان التنظيم جمع إسلاميين متطرفين من مختلف الدول لمحاربة الجيش السوفياتي الذي دخل افغانستان في 1979 لدعم حكومتها الموالية لموسكو، كسب التنظيم مختلف التيارات الاسلامية السلفية والاصولية نتيجة تركيبته العالمية ورفعه شعار الجهاد، حيث تأسست تنظيمات محلية في بلدان عدة اعلنت الولاء لتنظيم القاعدة وبايعت زعيمه بن لادن، ومن ابرز هذه التنظيمات قاعدة الجهاد في العراق الذي اسسه ابو مصعب الزرقاوي 1999 بذلك اصبح الكورد على تماس مباشر مع الفكر السلفي ـ الجهادي، حيث ظهرت جماعة أنصار الإسلام المتشدّدة على يد الملا كريكار في منطقة جبلية بكوردستان ـ باشور في 2001، وبعد دخول القوات الامريكية إلى العراق واسقاط نظام صدام حسين 2003، تلقى التنظيم ضربة قوية من الجيش الامريكي وقوات البيشمركة، كذلك تمكنت القوات الامريكية من تصفية الزرقاوي في 2006، ولكن تنظيمه لم ينتهي حيث استغل انفجار الحرب الاهلية في سوريا 2011 وعدم استقرار الاوضاع في العراق ليعلن عن تأسيس تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” و التحق به نحو 500 من المتطرفين الكورد، ونتيجة توسع نفوذ التنظيم بين 2014ـ2019 انتعشت الحركات السلفية في كوردستان، إلا انها لم تحظى بحاضنة شعبية كي تصل إلى السلطة في إقليم كوردستان ـ باشور، ولم تتمكن من الحصول على مقاتلين واسلحة من داعش كي تستولي على الاقليم بقوة السلاح، لان قوات البيشمركة من جهة وقوات سوريا الديمقراطية ـ قسد من جهة اخرى بدعم من قوات التحالف الدولي حاربت التنظيم إلى ان نجح قسد في هدم دولة الخلافة الداعشية عقب معركة الباغوز 2019.
يتبع