ردا على – الممانع – ميشيل كيلو

صلاح بدرالدين

    الكاتب السياسي السيد- ميشال كيلو – يقارن في صحيفة لبنانية موالية لسياسة نظام الأسد  بين موقفي أميركا وروسيا من القضية السورية ويقول ” ليست روسيا كأميركا: في كل ما يتعلق بوجود سوريا كدولة وكمجتمع.

ليس لدى أميركا أي حرص على وجود سوريا الدولة والمجتمع، بل هي تشجع أي فعل يمكن أن يفضي إلى تقويضهما ودمارهما ..بل إن أهداف روسيا معاكسة لأهداف الأخيرة ..

بسبب مكانتها من بلادنا ونظامها القائم، تستطيع روسيا لعب دور فريد في حل أزمتنا، فهل نساعدها على ذلك أم نقف حجرة عثرة في طريقها ..

” .

    هذه المفاضلة والأصح – المساوءة – الغريبة الجارية في غير زمانها والتي لانجدما يماثلها  في كتاباته بصحيفة – الشرق الأوسط – كانت مقبولة الى حد ما للتعاطي معها لو أجريت زمن الحرب الباردة قبل : 1 – انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يجاهر نظريا بالوقوف الى جانب قضايا الشعوب المناضلة من أجل الحرية والتقدم 2 – قبل انتفاضات وثورات شعوب أوروبا الشرقية على الأنظمة الشمولية المستبدة 3 – قبل اسقاط حكم طاليبان الظلامي في أفغانستان 4 – قبل اسقاط نظام ميلوسوفيتش العنصري وانقاذ شعوب كوسوفا والبوسنة والهرسك من الابادة 5 – قبل اسقاط نظام صدام الدكتاتوري الذي خلف المقابر الجماعية وضحايا حلبجة والأنفال 6 – قبل ثورات الربيع العربي من أجل الحرية والكرامة , واذا كان لابد من الاقتداء بما أقدم عليه السيد الكاتب فان مقارنة واقعية بسيطة بين نظامي أمريكا وروسيا تكشف أن : هناك في واشنطن نظام دولة عظمى رأسمالي امبريالي معروف يستند الى مؤسسات يرحب بانتفاضات الربيع العربي ويتعاطى معها بايجابية وهناك في موسكو نظام راسمالي مافيوي يفتقر الى مؤسسات ديموقراطية عارض الثورات في تونس ومصر وليبيا ويعارض الثورة السورية بل يحاربها عبر النظام المستبد بالأسلحة والموقف الدبلوماسي ويقمع شعوبه وقومياته وأثنياته وخاصة الشيشان ويمد نظام ايران التيوقراطي المعتدي المحتل باسلحة الدمار الشامل .

أما بخصوص تقويض الدولة والمجتمع فان رأس النظام هو يريد ذلك عندما يواجه الثورة السلمية بالسلاح والدمار والقتل على مبدأ ” علي وعلى أعدائي ” ثم آمل أن يعلم – الممانع – في – السفير – و- المعتدل – في – الشرق الأوسط – السيد كيلو الذي عودنا على الكيل بمكاييل أن الثوار السوريين بكل أطيافهم يهدفون وبدون مواربة تدمير وتفكيك سلطة دولة الأسد الأمنية الأحادية (قوميا ودينيا ومذهبيا وحزبيا وعائليا) وليس تدمير بنية المجتمع السوري ومن ثم اعادة بناء الدولة الديموقراطية التعددية الحديثة ولايبحثون عن المشاركة في حكومة ائتلافية وتغيير شخص بآخر بل تبديل نظام بآخر مختلف فالأكلاف الغالية من دماء السوريين تستحق الحرية والكرامة والمستقبل المشرق السعيد وأقول بوضوح أن المقارنة حسب الكاتب غير موفقة وبعيدة عن الواقع .

 بدلا من مناقشة قضايانا الجوهرية التي نختلف عليها نحن معشر أطياف – المعارضة ! – السورية نحاول رمي مسؤولية حسمها على الآخرين وهذا وجه من أوجه الهروب الى أمام والنأي بعيدا عن مواجهة الحقائق والوقائع والعوائق التي نلمسها ونتحسسها كل يوم فلماذا لانعترف أمام شعبنا وثوارنا بأننا في حركات المعارضة السياسية في الداخل والخارج من (مجالس وهيئات ومنابر وعشائر ووو) قد فشلنا ليس في تمثيل الثورة فحسب بل حتى في التعبير عنها ولماذا نخفي عجزنا أمام أهلنا والأقربين والأبعدين ؟ ان مايطرحه الكاتب وما نسمعه من آخرين يؤكد بما لايدع مجالا للشك بأننا أمام تحديات تاريخية وليس أمامنا سوى الحسم بالوقوف مع الثورة السورية في أهدافها وشعاراتها الرامية الى اسقاط نظام الاستبداد سلطة ومؤسسات ورموزا والعمل بصف واحد وبكل الأطياف والمكونات الوطنية من أجل اعادة بناء الدولة الديموقراطية التعددية المنشودة   .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…