وبعد ثمانية عشرة ساعة متواصلة من الجدالات والحوارات السياسية والمنازلات التنظيمية يمكنني إيجاز انطباعي العام فيما يلي:
2- تبلور تيارين قوميين كلاهما ينطلق في آراءه من فكرة الحق، لكنهما مختلفان في نقطة مهمة وهي أن كلاهما يغالي في وجهة نظره حيث يتخذ الفريق الأول من الحق والقانون والتطبيق صيغة نهائية لإخراج المواقف السياسية، بينما يرى الفريق الآخر بأن السياسة هي قبل أي شيء ممارسة متأثرة بظروف وشروط وإمكانات ومصالح.
3- جميع الأعضاء يخشى الاحتجاج بطريقة الانسحاب رغم استعمال عدد من الأعضاء لغة التهديد بالانسحاب، والسبب أن معظمهم بات مؤمناً بأن لا شرعية خارج المجلس وبهذا التحير كرسوا شرعية مجلسهم.
4- رغبة واضحة في التفاوض مع جميع الأطراف الوطنية في سوريا للتفاهم حول شكل الدولة السورية أولاً وحل القضية الكردية ثانياً مع الحفاظ على استقلالية كيان المجلس الوطني الكردي.
5- الجميع مع ثورة سوريا والجميع مع تثبيت الحق الكردي في أي وثيقة او عهد وطني.
الإدارة:
أحد العوامل التي أدت إلى سير أعمال المؤتمر بشكل أفضل والاستفادة من الوقت بشكل كامل تقريباً كانت إدارة المؤتمر الحازمة ما دفع الأعضاء للمشاركة بما يخدم النقاش بشكل مباشر دون الخوض في مقدمات وثرثرة استعراضية وبطولات قروية كما هي العادة في نقاشاتنا المعتادة وهنا أثني على أداء كلٍ من الأساتذة أحمد سليمان، فيصل يوسف والمحامية أسما في إدارة الجلسة.
الأحزاب:
تبقى الحارس الأمين للإرث الكلاسيكي والسياسة التقليدية كردياً وتمكنت بحنكة من خطف شعارات الثورة لإسقاط كل المحاولات الهادفة للنيل منها، وقد لا يكون الأمر غير مألوفاً خصوصاً إذا ما انتبهنا إلى أن الحراك الشبابي السوري-العربي بشكله العام يتمثل اليوم في “المجلس الوطني السوري” الذي يتألف من قوى كلاسيكية موجودة على الأرض أبرزها الإخوان المسلمون وقوى إعلان دمشق وغيرها من الأحزاب والشخصيات إضافة إلى ممثلين عن الحراك الشبابي.
التنسيقيات:
حضور متميز من قبل كتلة التنسيقيات يمكنني اختصاره من خلال مفردات كـ “حماس- ثورة- صراخ- ضجيج- تهديد بالانسحاب-ضغط- احباط- محاصصة)
وفي هذا السياق أستحضر مبدأ التوافق الذي كان أهم سمات المؤتمر، فشباب التنسيقيات يؤمنون بالثورة والثورة بغض النظر عن مكانها وزمانها لا تؤمن سوى بأهدافها وشعاراتها ووسائلها وترفض الثورة بطبيعتها الثورة المضادة، لذا فالثوار لا يحبذون الديمقراطية خلال ثورتهم، و يتقنون عقد مجالس ثوروية أما المؤتمرات العامة وصالونات السياسة فهي غير مستحبة عندهم لأن السياسة تستدرجهم للحوار وفي الحوار المذعن في نتائجه لآليات ديمقراطية لا وجود للرؤى المسبقة غير القابلة للطعن.
التفاوض:
أهم ما استوقف المؤتمرين كان الوفد المفاوض المنتدب والذي يمثل المجلس الوطني الكردي ويتواصل في الخارج مع قوى المعارضة السورية والعراقيل التي تعترض عمله وتحول دون نجاحه في التوصل إلى توافق مع القوى الوطنية، وبدا الأمر مختلطاً على بعض أعضاء المؤتمر فيما يتعلق بالغاية من التفاوض، من هنا يلزم التوضيح بأن التفاوض لا يكون بهدف التحاق المجلس الوطني الكردي بأي نطاق للمعارضة سواء المجلس الوطني السوري أو غيره، وإنما التفاوض يهدف إلى الوصول إلى صيغ تفاهم حول شكل الدولة السورية مستقبلاً وموقع الكرد وحقوقهم.
من الناحية الأخرى تم تحميل مقررات المؤتمر الوطني الكردي الذي عقد في 26/10/2011 مسؤولية فشل معظم الجولات التفاوضية ما دفع البعض للمطالبة بتعديلها! بينما لم يشير أحد لضرورة إجراء تعديلات في الوفد المفاوض ذاته.