النظام السوري أمام خيارين !

  م .

بافي ژيــــن
bavejin@hotmail.com   

في بداية الثورة السورية وتحديداً في الرابع والعشرين من آذار  2011/ نشرتُ مقالاً عنوانه (التغيير الجذري أو الرحيل القسري) وكان بمثابة رد غير مباشر على سيدة القصر (بثينة الشعبان) في أول ظهور إعلامي لها بعد ميلاد الثورة، حيث وقفتْ أمام وسائل الإعلام, وتحدثت بثقة عالية وبنبرة فاح منها التفاؤل المفرط عما توصلت إليها القيادة القطرية, من قرارات مصيرية, تمس تقدم الوطن ووضع المواطن في البلاد وتنقل سوريا من حال إلى حال أفضل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؛ وأن المواطن سيشهد في الأيام القليلة القادمة مفاجآت تسره وتسعده كثيراً.
وقلت لعمري أن النظام السوري, الذي استطاع أنْ ينأى بنفسه عن رياح التغيير وتجنب هبوب العواصف التي هبت من كل اتجاه في الماضي البعيد والقريب؛ لن يستطيع هذه المرة ومهما بلغ من القوة والطغيان, أن يقف صامداً أمام موجات التغير التي عصفت بعرش زين العابدين في تونس, ثم كرسي مبارك في مصر, ويدور الآن حول دهاليز القذافي في ليبيا ومقام علي الصالح في اليمن, ولا شك أن مَقدمَها بدأ يصل تواتراً إلى سوريا جنوباً, وأيقنتُ تماماً آنذاك, أن إرهاب الناس وعمليات القتل وإراقة الدماء من قبل النظام الجائر, لن تخمد براكين الثورة, ولن تشفع للمستبدين في دمشق, بل ستزيد من عنفوان الثوار, وتصاعد لهيب الثورة ضد من نهبوا خيرات البلاد, وجوعوا العباد؛ فالشعوب أفاقت من كراها, وباتت مقتنعةً بخيارين لا ثالث لهما؛ فإما التغيير الشامل الذي يطال البنى والمرتكزات السياسية والاقتصادية والفكرية والأمنية في سوريا, أو الرحيل الكامل للنظام القمعي من سدة الحكم, وأن العزف على وتر نظرية المؤامرة المتكلّسة, والتدخل الخارجي, والعصابات الإرهابية المزعومة, لم تعد تجدي نفعاً في الوقت الراهن, ولن تساعد على إنهاء الأزمة في البلاد.

 بعد كل هذه المدة لا بدّ من التأكيد على أن عين الخيارات السابقة باتت في حكم الماضي, ولم تعد صالحاً ومتاحاً للطغمة الحاكمة اليوم, والسبب يعود إلى تقادم الزمن أي مرور ما يقارب السنة والنصف على ولادة الثورة أولاً، وثانياً التغيير الديمغرافي الذي أحدثته آلة الحرب المدمرة للنظام المستبد في حمص وحماة وإدلب…..إلخ؛ فبعد بحور من الدموع والدماء وأكثر من مليون من القتلى والجرحى والمفقودين والمعتقلين والمهجرين, أزعم أن نظام الأسد أمسى أسير خيارين ولا مفرّ منهما؛ فأما أن ينصاع إلى لغة العقل والمنطق, ويحزم حقائبه سريعاً في الوقت المستقطع ويستقر في مكان ما لعلّه ينجو من شديد العقاب ومحاسبة الشعب القاسية له, أو يعاند ويكابر ويمضي قدماً في الحل الأمني العنيف في قتل الناس وتدمير البلد وهذا سيستدعي بالضرورة تدخلاً خارجياً ( بغض النظر عن شكل التدخل ونوعه ) بقرار أممي أو دونه، حينها ستدور على الباغي الدوائر .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…