الطائرة….!:

إبراهيم اليوسف

يظلّ عنوان هذا المقال، دون أي مضاف أومضاف إليه، أو نعت، أو منعوت، حاملاً دلالاته الكافية، الآن، في ظلِّ المرحلة الجديدة التي بدأها النظام الوحشي في سوريا، لمواجهة شعبه،
مع أن هاء الشعب-هنا- مجازية، لأن لاعلاقة لهذا النظام البتة، بها، وهو يحقق أعظم أسطورة عبر ثورته السلمية، النبيلة، في وجه أعتى عقل بربري، مرذول، عرفه التاريخ المعاصر.
والطائرة، جمعها”الطائرات، تشكل سربها، موقظة على الفور، في ذاكرة، من فتح مثلنا كلتا عينيه، على هيبة هذه المعجزة الكبرى التي حفظنا اسمها، في أغنيات الأطفال، وهي تشيرإلى الاستخدام الحقيقي لها،في مواجهة”الاحتلال”*،
 لتكون هناك، في المخيال الطفلي”طائرتان، إحداها”وطنية” والأخرى”معادية”،بيد أن الأمر ليختلف، تماماً، عندما يدرك هذا الطفل، وهو يجد أن هناك طائرة واحدة، فحسب،وهي المعادية، أو أن هناك طائرتين وكلتاهما معاديتان، ليس لأنهما عائدة إلى العدو الواحد، بل إن من كان ابن الوطن صار عدواً، وإن العدو نفسه، قد أجل أحقاده، مادام أن القائم بمهماته بالوكالة، يعيث خراباً، باهظاً، بما لم يكن له القدرة على تحقيقه يوماً.

طائرة العدو، أو طائرها، يبدو للطفل الذي لم يجد معركة في حياته، إلا في التلفزيون، أو كتاب التربية القومية، وذاكرة معلمها الذي يحفظ الدرس ك”طائر”ببّغاء، حيث كانت هذه الطائرة تستهدف القطعة العسكرية، وتبحث ما استطاعت عن دبابة يموهها قائدها بشكل الطبيعة، من حوله، مموهاً نفسه، في شكل شجرة، أو يخبىء نفسه في خندقه، أنى لمح مثل هذه الطائرة التي تتعقبه، آملاً ألا يقتل قبل أن يؤمن وجبة طعامه-وهو المجوَّع في قطعته العسكرية-في الوقت الذي يدري أن الضباط الكبار-كل حسب رتبته-يكون في ما يناسبه، من مكتب وفير، آمن، مكيف بالهواء الاصطناعي الباذخ، بعيداً عن توقعات الطيار الذي لا يختار أهدافاً مدنية، من جيش عدوه، إلا إذا كان فاقداً للأخلاق والضمير، بل إنه في مأمن عن شروره، في عقد سري، مكشوف.
وبدهيٌّ، أن الأمر لن يصير في مدى التصور، أن يكون الطيار الذي يرمي قذائفه إلى الهدف المدني، مدون اسمه، في سجلات ما تسمى ب”الجمهورية العربية السورية””مواطن”اً -وهي الجمهورية:السوريه، أصلاً-من رعاياسوريا، بل إن من رسم له مخطّط حركة الطائرة، وسمى له الأهداف، وعدد الرؤوس المطلوبة، في كل غارة جوية، هومواطن أيضاً، بل إن قائد الفصيلة، وقائد الكتيبة، وقائد الفرقة العسكرية، ورئيس الأركان، ووزير الدفاع، والقائد العام للجيش والقوات المسلحة الذي طارت الرتب العسكرية إلى كتفه، وهولا يعرف تأدية التحية المدنية،أو العسكرية، كل هؤلاء وطنيون، بل إن هذا الأخير، ومعاونيه، مهرجاً مهرجاً، يدعون-وكل على قدر مقامه الاصطناعي، أنه من يوزِّع هبة الوطنية على الناس، بحسب درجة الهتاف باسم القائد الأول، بل إن الوطنية لتنقص، في ميزان أولي السجون والقمع، كلما نزل منسوب التصفيق والولاء لأولاء….!.
الطيار الذي ضغط على زر القنبلة الذرية في هيروشيما وناغزاكي، وخلف كل تلك الأعداد من الضحايا،أصيب بحالة هستيريا، وبات يسأل نفسه: يا الله..أأنا فعلتها.؟، لم يهدأ من هسترياه، تلك، إلا بعد أن أقدم على الانتحار، وهوما يدعوني للسؤال عن حال الطيار السوري -وهو القاتل تناولاً ومآله وسادته:الاندحار- حاشا الصفة السورية التي لاتليق إلا بالمخلصين لسوريا وشعبها الأبي -بل وماحال الآمر الأول: بشار الأسد، بإطلاق النار، وبطانته في من تسمى الآن” خلية إدارة الأزمة”، وفيها كبار عقول الجريمة، وماذا عن حال وزيري الدفاع”الدفاع عن ماذا وضد ماذا؟- والداخلية؟، ورئيس الأركان؟-بلاتعليق على واقع عمليهما- وكل ضابط في الجيش السوري بحسب التسلسل، الرتبي، ولا ننسى من سيكون-الآن-وزيراً-في حكومة لص منبوذ من أهل بلده-أوعضو مجلس شعب، أو قائداً حزبياً، أو جبهوياً، ماحال ضمائرهم هؤلاء، وهم شركاء في وزر حصاد أرواح الأطفال، والشيوخ، والنساء، الشباب، والكهول، جميعاً على حدِّ سواء، بل ومعهم حتى حيواناتهم “النافقة” وأكاد أقول كلمة أخرى، حيث “حمار***القبير الذبيح، في مجزرتها أطهر روحاً من أرواح قتلته، وقس على ذلك بالنسبة إلى الحيوانات النافقة، على أيدي الطغمة المنافقة، سواء في الحفة، وكل جبل صهيون، أوجبل الكرد،حيث دخلنا اليوم السابع، من قصف هذه الأماكن الغالية، من خريطة سوريا، وهوالموت نفسه في:تلبيسة، وحمص العاصمة، وحماة،وديرالزور، وأدلب، وبعض أحياء دمشق العظيمة.بل إن في حرق”الأحراش”الجبلية، في الجبال التي يلوذ بها شباب الثورة، استرداد جبان، لسيرة صدام حسين الذي أحرق جبال كردستان، بطائراته،أثناء فترات السماح لها بالتحليق، ودونها،في مابعد، في ظن منه، أنه قادر على إبادة الشعب الكردي، إن لم يتحول إلى جوقة تطبيل وتصفيق، وهوما نشده أشباه الأسودفي سوريا، بحق شعبها كاملاً.


طائرات الموت، ودباباته، وهاونه، ورشاشاته الثقيلة، والخفيفة، والمتوسطة، وسلاحه الأبيض، وحقده الأسود، وسياطه، وحبال المشانق المنزلية، أوالميدانية، في كل سوريا، تواصل فعلها الإجرامي، والإجرام-هنا-إجرام القاتل، حيث وصل الأمرفي سوريا، إلى أن الخوف بات ينتشر، في كل شبرمن أرضها، في ظل انقلاب المعادلة، حيث قاتل خائف، وقتيل قاتل الخوف،لأنه لايزال يشير بسبابته وجارتها الوسطى، يرسم شارة النصر، على صدى عبارة:الله أكبر..الله أكبر..الله أكبر، تجمع خيطها التكبيرات التي لها فعلها، وهي تزلزل القاتل، سواء أكان في القصر الجمهوري، أوفي الفرع الأمني، أو قطعة الجيش، أوفي الخندق، أوفي البيت، أو الشارع، كما هو حال الشبيحة،  يبوصلون أحقادهم، لقاء شيك جاهز الصرف، مادام أنه قائم مقام القتل، وصرف الأرواح.
الطائرة، تقسم طياريها إلى صنفين، صنف تذوب المسافة، بينه وطائرته، أنى ورده البريد السري جداً، كي يترجم الأمر برك دماء، وغابات أجساد مهشَّمة، وأرواحاً مجهضة، نزولاً عند رغبة إمبراطور الموت السوري الذي يعدُّ أيامه الأخيرة، كي يطير كرسيه، وغطرساته، التي تنمُّ عن مرضه الخبيث، وفكره الخبيث..! ويتخلى أوهامه،هاته، طائراً ب”طيارة”، تنتظره على مدار الأربع والعشرين ساعة.


 أجل، طائرات الموت، في شغلها المنوط بها، وهو التحليق فوق سماء المدن المستباحة، ومواصلة استباحة كرامة الوطن، وأرواح ودماء أبنائه، ينام الطفل على أصوات هدير محركاتها، وهي ترمي”هداياها” وعطاءات الحركتين: التصحيحية، والإصلاحية، في تواشجهما، وتواصلهما الوراثي، حيث يرتفع موشور عداد الشهداء، في كل يوم-بحسب المعلن-ماينيف عن المئة، في حساب وسطي، بيدأن هناك أحياء كثيرة،لا أحياء في بيوتاتها التي نحرت،عن بكرة آباء وأمَّهات، وأطفال، أسرها، وهي خارج الإحصاء، والحسبة، سواء اقتيدوا إلى دفن جماعي سري، في استعادة لمدافن صدام حسين،نفسه، ولكيميائه، في جرعاته التجريبية الأولى، أومعسكرات موته، حيث تدوين أسماء الضحايا، لايزال رهن المعلن الموثق، لأنه يظل أكبرمن كل تدوين.
أمريكا، تعلن عن خوف من قبلها، في ظلِّ الطائرات التي تنتهك حرمة الفضاء!؟، أمام مرأى أجهزة الرادار العالمية، تهندس القتل، وهو قتل أجمل ما في المكان، قتل الإنسان الذي لامعنى للوطن، دونه، وهو خوف مفضوح، الأركان لامعنى له، لبلد، بلدان،عالم قالت:ليتنحَ المجرم..!،لكن القاتل”التنح” مصرٌّ على رفع وتيرة القتل، أمام اكتشاف هلاكه، وهلاك الضميرالعالمي.
الأطفال، في مخابئهم -إن وجدت- يكسرون ذهول آبائهم، تحت قصف الأسلحة الثقيلة، المحرَّمة، والطائرات المحوِّمة، مواصلين صنع طائراتهم الورقية، تدفعهم النبوءة إلى اكتشاف انتصارهم الأكيد على قاتلهم، يقرؤون في صفحة الفجر السوري، مخضبة الأطراف باللون الأحمر،تشعل الجوري في جغرافيا المكان، مهد البسالة والكبرياء الأزليين…!

*إلى أهلنا في الحفة وجبل الكرد وجبال الزاوية

**-هذه القصيدة كان الأطفال يرددونها تخليداً لذكرى إبراهيم هنانو:

طيارة طارت بالليل فيها عسكر فيها خيل

فيها إبراهيم هنانو يركب على ضهر حصانو

مركب بنتو قدامو “يسقي العدا كاس الويل”.

طيارة طارت بالجو       فيها عسكر فيها ضو

فيها إبراهيم هنانو      راكب على ضهر حصانو

مركب بنتو قدامو       “يسقي العدا كاس السو”

“طيارة طارت يا رجال    فيها عسكر فيها مال”

فيها إبراهيم هنانو      راكب على ضهر حصانو

مركب بنتو قدامو       “هو المكسب والرسمال

·         ***قام حزب الحمير في إقليم كردستان باعتصام على استهداف نظام الأسد الدموي الحمير في هذه الثورة،ولأهل حمص طرفتهم في ذلك إذ يسألون المسترئس قائلين:ليش حاطط راسك بروس الحمير؟”

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين تستند الشعبوية في خطابها على المشاعر والعواطف الجماهيرية، بدلًا من العقلانية والتخطيط، حيث أصبحت ظاهرة منتشرة في الحالة الكردية السورية، وتتجلى في الخطاب السياسي الذي يفضل دغدغة المشاعر الجماهيرية واستخدام شعارات براقة، ووعود كاذبة بتحقيق طموحات غير واقعية، بدلاً من تقديم برامج عملية لحل المشكلات المستعصية التي تعاني منها المناطق الكردية. إن تفاقم الاوضاع الاقتصادية وانتشار الفقروالبطالة، يدفع…

خالد حسو عفرين وريفها، تلك البقعة التي كانت دائمًا قلب كوردستان النابض، هي اليوم جرحٌ عميق ينزف، لكنها ستبقى شاهدة على تاريخٍ لا يُنسى. لا نقول “عفرين أولاً” عبثًا اليوم، بل لأن ما حدث لها، وما يزال يحدث، يضعها في مقدمة الذاكرة الكوردية. لماذا عفرين الآن؟ لأن عفرين ليست مجرد مدينة؛ هي الرئة التي تتنفس بها كوردستان، والعروس التي تتوج…

خليل مصطفى ما تُظهرهُ حالياً جماعة المُعارضة السورية (وأعني جماعات ائتلاف المُعارضة المُتحالفين مع النظام التركي) من أقوال وأفعال مُعادية ضد أخوتهم السوريين في شمال شرق سوريا، لهي دليل على غباوتهم وجهالتهم ونتانة بعدهم عن تعاليم وتوجيهات دين الله تعالى (الإسلام).؟! فلو أنهُم كانوا يُؤمنون بالله الذي خالقهُم وخالق شعوب شمال شرق سوريا، لالتزموا بأقواله تعالى: 1 ــ (تعاونوا على…

  نظام مير محمدي* يمثل الخامس والعشرون من نوفمبر، اليوم العالمي للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، فرصة للتأمل في أوضاع النساء في مختلف المجتمعات ومناقشة التحديات التي يواجهنها. وعند تأملنا في هذا السياق، تتجه أنظارنا نحو السجون المظلمة في إيران، حيث تُعتقل النساء ويتعرضن للتعذيب لمجرد ارتكابهن جريمة المطالبة بالعدالة وإعلاء أصواتهن لوقف القمع وتحقيق الحرية. هؤلاء…