إنتخابات المجلس الوطني الكُردي/ أوربا: جرس إنذار

حسين جلبي

لم يكد المجلس الوطني الكُردي يسير بأولى خطواته، حين عقد أول كونفرانساته المحلية لتشكيل مجالسه المحلية في الدول الأوربية، تمهيداً لإنتخاب لجانها و مندوبيها إلى الكونفرنس العام، حتى بدأت الأصوات تتعالى معبرةً عن عدم الرضا، و بدأت خيبات الأمل تتوالى، و الشكاوى تتكاثر، حيث أن بين يدي رزمة من من كل لون ذكرته.
و الواقع هو أني أول المشتكين، و لكني كعضو مُنتخب في أول عملية إنتخابية يجريها المجلس لا أعلم لمن أتوجه، و هذا ما يبرر توجهي إلى الأعلام، لأن الشكوى لغيره في مثل هذه الحالات مذلة، و قد تصل الشكوى عن هذا الطريق لمن يجد نفسه معنياً بها، و كذلك لكي يطّلع الأخوة الذين شاركوا في الكونفرنس على واقع الحال، و يعرفوا مصير أصواتهم التي منحوها لمندوبيهم، و يتفهموا الوضع فيما إذا أقدمت على خطوة لم أحسب أني سألجأ إلى مجرد التفكير فيها عندما شاركت في الكونفرنس..

و بالتالي يعذروني.
ففي اليوم التالي لإنتخابات المجلس المحلي لشمال ألمانيا الذي أنعقد في 20.05.2012 في هانوفر، أرسلت رسالةً على الإيميل الذي وزعته اللجنة التحضيرية علينا لتلقي الشكاوى و الإقتراحات، شرحت فيه وجهة نظري في الإشكال الذي حصل بعد إنتهاء الإنتخابات و معرفة الفائزين، و رغبة البعض بإجراء مرحلة ثانية من الإنتخابات لإختيار ممثلي هذا المجلس المحلي في المجلس الوطني الكُردي/ أوربا من بين المُنتخبين، مع العلم أن طريقة إختيارهم غير موجودة في مشروع البرنامج المرحلي الذي نشرته اللجنة و أجرت بموجبه الإنتخابات، كما أن أكثرية مندوبي الكونفرنس كانوا قد غادروا لعدم علمهم بذلك، و عدم أعلامهم مسبقاً من اللجنة التحضيرية بوجود مثل هذا الأمر.
تجاهلت اللجنة رسالتي تلك و لم تشعرني بوصولها، شأنها في ذلك شأن ردي على ما علمته ـ بصورة شخصية طبعاً ـ بوجود شكوى ضدي و ضد أخٍ آخر من بعض الأخوة الذين لم ينجحوا في الإنتخابات، تتعلق بعدم أحقيتنا بالنجاح، لأننا ترشحنا في دائرة لا ننتمي إليها إدارياً، فلم يتواصل معي أحدٌ منهم مرةً أخرى.
أما الطامة الكبرى فقد كانت القرارات التي إتخذتها اللجنة التحضيرية فيما بعد، و أصابت بها العملية الإنتخابية في مقتل، و أفرغتها من محتواها، و بينت على عدم وجود أدنى إحترامٍ لها.

فبدلاً من أن تكون نسبة الأعضاء كما قرر مشروع النظام الداخلي نفسه: 48% للأحزاب و يتم تسميتهم بطريقة التعيين بعد الإتفاق فيما بينها، و نسبة 52% للمستقلين، و قد جرى إنتخابهم في هانوفر، حيث فاز أحد عشر عضواً مستقلاً، فقد قررت اللجنة في إجتماعها التاريخي إضافة عدة أشخاص على لائحة المستقلين ليصبح العدد ما بين 14ـ 15 عضواً، و إذا أضفنا إلى هؤلاء المعينين أعضاء الأحزاب الذين ترشحوا كمستقلين، و فوق ذلك النسبة المئوية للأحزاب التي ستجري هي الأخرى بطريقة التعيين كما أسلفت، فستقترب نسبة المعينين في المحصلة في فرع المجلس لشمال ألمانيا في النتيجة من حدود الـ 70%، و سيصبح المنتخبين (المستقلين) أقلية لا تتجاوز الـ 30% فقط، و لا يغير في الأمر كون المضافين من اللجنة مستقلين أو غير ذلك.
و هنا أسجل عدم إعتراضي على شخص الأخوة المضافين، أو المكون الذي يمثلونه، بل على المبدأ الذي أُضيفوا بموجبه، فنحن نؤسس لمبدأ أن يكون الكلام الفصل في حراكنا لعملية الإنتخاب، و أضيف أنني كنت سعيداً و أنا أمنح صوتي مثلاً للأخوة الأيزيديين، و الذين تسببت اللجنة من خلال عدم جهوزيتها للعملية الإنتخابية، و ما سببه ذلك من بطأ شديد لها، إلى مغادرة أصوات مهمة كانت ستمنح لهم، و بالتالي تفادي خسارتهم، و كذلك هي مشاعر الود الشخصي تجاه الأخوة الآخرين الذين أضيفوا، الذين أشرت إلى إعتراضهم، إذ أن تحديد توقيت الإعتراض على نتائج الإنتخابات بساعة واحدة من إنتهاء العملية الإنتخابية حسب مشروع النظام الداخلي، لم يمنع اللجنة من النظر في الإعتراض في إجتماعها المنعقد بعد أسابيع، و رغم عدم قانونية الأمر فيبدو أنها لم تناقشه موضوعياً لتقرير صحة ما ورد فيه من عدمه، بل قررت إضافة المعترضين إلى لائحة المستقلين الفائزين بطريقة (ودية) لا سند لها في النظام الداخلي.
لستُ هنا في معرض إجتراع الحلول، و لكن كان على اللجنة التحضيرية أن تحترم العملية الإنتخابية و تحافظ عليه نقيةً، و تحترم أرادة الناخبين فيما أرادت الذهاب إليه، و ذلك بالأبقاء على شريحة المستقلين كما هي، و إذا كان لا بد للأحزاب من إظهار كرمها وتعيين هؤلاء الأعزاء فليكن في الحصة المقررة لها، القائمة أصلاً على مبدأ التعيين.

و لا يُغفى على أحدٍ هنا أن هناك صعوبة تعاني منها الأحزاب بسبب عدم وجود عدد كافي من رفاق بعضها في هذا التجمع أو ذاك، و ربما سيؤدي ذلك إلى عدم تمكنها من إستعمال حقها في حصتها بشكل كامل، و سيزيد إضافة أشخاص جدد على لائحة المستقلين من عناء بحثها عن رفاق جدد لها، لكي تتمكن من مجاراة العدد الجديد و (التمتع) بنسبتها كاملةً.

       

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…