الاستعداد لساعة الصفر

محمود برو

في هذه الظروف العسيرة وبعد مرور اكثر من سبعة عشر شهرا على ثورة الكرامة بدا التصدع في السلك الدبلوماسي والعسكري لسلطة الاستبداد، هذه عبارة عن نتيجة طبيعية لثورة انطلقت من اجل الكرامة والحرية ضد حكم استبدادي طال أربعة عقود من الزمن.

يعتبر ذلك انتصاراً عظيماً ويلعب دوراً كبيرا في ازدياد وتيرة الثورة ويخلق دافعاً معنوياً قوياً للثوار بمتابعة مقاومتهم الباسلة حتى إسقاط نظام بشار ومريديه.

حتى الأعمى بدا يرى بان النظام دخل في مرحلة خطيرة يصعب عليه التحكم والسيطرة على مناطق مختلفة، لا سيما بعد ان بدا معركة تحرير دمشق من قبل الجيش الحر والقوى الثورية حامية الشعب السوري.
ان الانشقاقات المتتالية وعلى مستوى الالوية والعمداء من ضباط القادة والامراء، والتصدع الدبلوماسي له دلالات كبيرة وواضحة على ان النظام قد دخل محطته الاخيرة وهي محطة اما ان يقبض علية كامثاله من الجبناء من قبله او ان يغادر البلاد.

بدا القوى الشعبية والجيش الحر في اليومين الاخيرين بتسجيل اروع الملاحم البطولية في مختلف المناطق لاسيما في قلب العاصمة دمشق.

الجيش النظامي على الرغم من تفوقه بالعتاد الحربي وتملكه السلاح الجوي الا انه لم يستطيع ان يصمد امام عزيمة وشجاعة الجيش الحر والقوى الشعبية الثورية الاخرى المنتشرة من شمال البلاد الى جنوبه من درعا الى ديريك.

حيث تم اليوم تحرير عدة نقاط هامة من رجس العصابات الاسدية الجبانة، من بين تلك النقاط، مدينة اعزاز التابعة لريف حلب ومدخل باب الهوى الحدودي والسلام .
كذلك فى المنطقة الكردية بدات الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات العارمة مما ادى الى هزيمة جميع المفارز الامنية والعسكرية والشرطة حيث تم تحرير كوباني من سيطرة صعاليك الاسد.

والحبل على الجرار باذن الله وهمة شبابنا الابطال اللذين لايهابون الموت ويسهرون ليل نهار لمقارعة الجيش الاسدي .

من هنا وعبر مقالتي هذا ارسل الف تحية الى الجيش الحر الباسل والى ابناء وبنات كوباني  العزيزين الملتزمين والمؤمنين بقضية الشعب والوطن ، اعتقد قريبا سيتجاوب مع هذه العملية التحريرية مناطق عديدة اخرى خلال الايام القليلة القادمة، المعركة الحقيقية بدات وسوف لم يقف حتى اسقاط النظام في المستقبل القريب .

كلنا ثقة بانه اذا دام هذا النوع من المقاومة الباسلة فان الاسد لايدوم طويلاً وسينجبر للاستسلام امام ارادة الشعب الثائر من اجل الكرامة.
اعتقد انه في اية لحظة قد نسمع فجاةً بان بشار قد قتل او هرب من سوريا الى روسيا او الى ايران والسؤال هو مايلي:
هل نحن الكرد جاهزون فعلاً لحماية منطقتنا وشعبنا من الخطر اللذي سيحدث بعد اسقاط النظام 
؟ هل يوجد قوة كافية مدربة موحدة وعلى اهب الاستعداد للقيام باستتباب الامن في المنطقة الكردية؟
هل يوجد اتفاق تام بين الكرد انفسهم ،واقصد هنا الحركة السياسية اجمالاً ، على اعلان الفدرالية او الحكم الذاتي؟
هل يوجد توافق تام بين الحركة السياسية  الكردية حول طبيعة العلاقة مع دول الجوار  ،لا سيما تركيا وايران ،بعد اسقاط النظام؟
هل يوجد توافق تام بين القوى السياسية الكردية حول الحلفاء الاستراتيجيين في المستقبل؟
هل هناك توافق تام على مصير الاخوة العرب اللذين سميوا بالمغمورين ومستوطناتهم ، كيف سيتم التعامل معهم؟
اذا كان هناك قوة عسكرية كردية سورية، فمتى سيكون توقيت دخولها الى المنطقة الكردية؟
هل يوجد الان لجنة اقتصادية كردية تخطط او تجهز مشروع  اقتصادي انمائي لتطبيقه بعد سقوط النظام؟
هل هناك موقف مشترك وواضح من اسرائيل حيث نعلم بان جميع المعادلات الشرق اوسطية يتم موازنتها وفقاً لمصلحتها؟ 
جميع هذه الاسئلة تطرح نفسها تحديداً على القيادات السياسية الكردية، وهي برسم الجواب الفوري، تلك الاسئلة تحتاج الى المزيد من العمل الجاد والسريع دون تاخير، وذلك للوصول الى توافق مبدئي واستراتيجي يجمع الكرد بجميع اطيافهم السياسية والمدنية، كما يجب ان يضعوا نصب اعينهم مصير الشعب الكردي ووضع مصلحته الحقيقية  فوق كل المصالح الاخرى ، والايمان بالمجتمع المؤسساتي، وكذلك يجب ان يقطعوا دابر الحساسيات الحزبية الضيقة والنزاعات  وعليهم الدخول في مسابقة خدمة القضية الكردية، انطلاقاً من مبدا / لايوجد حزب كردي واحد او قوة كردية او اتحاد كردي يملك الحقيقة لوحده، بل ان الحقيقة والعمل الجاد والصحيح والنخوة والشهامة يوجد لدى الجميع.و كلهم معرضون للخطا ايضاً كونهم يعملون ويناضلون.

عليهم اغلاق جميع الملفات الساخنة ووضعها على الرف.

والتلاحم من اجل القضايا المصيرية.

في هذه المرحلة الاخيرة من عمر النظام نحن الكرد موجودين جميعنا في باخرة واحدة مهددة بالغرق قبل الوصول الى شاطئ الامان .

لذلك علينا ان نتعاون ونتكاتف جنباً الى جنب ونوحد عزيمتنا وطاقاتنا وخبراتنا لنصل الى بر الامان بسلام ووئام وننعم بالحرية اللتي طال امد انتظارنا لها ونصون كرامتنا ونرفع رايتنا عالية خفاقة اسوةً بجميع شعوب العالم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….