ما بعد الأسد..!؟

إبراهيم اليوسف

إلى ثوار سوريا الأبطال شهداء وأحياء

لم يعد الحديث عن “ساعة الصفر”، وترقبها، في كل سوريا، مجرد أضغاث أحلام  في مخيلة الشعب السوري الثائر، الذي لا يزال منذ ستة عشر شهراً، وحتى الآن، يواصل ثورته السلمية، في وجه أعتى نظام، دموي، مجرم، عرفه التاريخ المعاصر، وحول البلاد طولاً وعرضاً، إلى مجزرة مفتوحة، خلال كل هذه المدة الزمنية، وهماً منه، مرة، بأن إتباع سياسة “السكين والحظيرة”، بحسب الوصفة التقليدية، من شأنه أن يهزم هذه الثورة التي لم تنطلق، إلا بعد أن ملأ الإيمان بدنو رحيل النظام الفاسد المجرم، صدور صناعها،

ومرَّة أخرى، أن هذا النظام، وبعد سقوط  أوهامه هذه، بات يسعى للانتقام المعجَّل لأجل بات وشيكاً، بعد أن بات الوطن الذي “ضيق” عليه طويلاً، “يضيق” به، إلى الدرجة التي صار لهاثه يظهر في حركاته، وسكناته، وسلوكه، من خلال رفع إيقاع آلة الانتقام، إذ بات يلجأ إلى استخدام أقصى ما هو محرَّم، في تحد للضمير الدولي، بعد أن داس بأرجله كل القيم التي تردع، عادة، عن ارتكاب  المحرَّمات الوطنية.
لقد لجأ النظام الاستبدادي إلى كل السبل التي قد تكفل له ديمومة استمرار كرسيه، من خلال الانتقال من ممارسة القتل الفردي للمواطن، إلى ممارسة المجازر، بل وهدم المدن وحرقها، في سياق حرق الوطن كله، بمن فيه -إن أمكن- مادام أن بشار الأسد لا يحكمه، وأن مكاسب بطانته، لن تستمر بعد ذلك، إلا أن كل الوصفات المتوافرة بين يديه، راح يجربها، حيث عداد القتل، والدمار، بات يرتفع، في معلومه، ومجهوله، دون أن يرفَّ له جفن، مادام أنه قد دمغ الضحية “مسبَّقاًب” أنه “مجرم”، وأن بواقي إعلامه التضليلي، راحوا يزينون صورة القاتل، على أنه النبي المخلص يستوي -هنا- بعض من هو في الداخل، وما أكثرهم، ومن هم في الخارج، و لا فرق بين الجعفري، أو لافروف، أو حسن نصر الله، أو كوفي أنان، ممن كانوا وأمثالهم، شركاء في هدر الدم السوري.
الآن، وبعد اندحار هذا النظام البغيض، تبرز – وعلى نحو عاجل- مهمات كبرى، أمام الغيارى من أبناء الثورة، وفي مطلعها حقن الدم السوري، وعدم الانجرار إلى مخطط الفتنة الذي اشتغل عليه النظام، بوتيرة أعلى، منذ بداية الثورة، في محاولة منه، أن يخلف وراءه مقومات ديمومة النزيف الوطني، على أن يكون وقوده كل السوريين، على حد سواء، حيث يجب أن يكون الدم السوري “خطاً أحمر”، لابدَّ من تحصين هذا الدم، وعدم السماح لأحد بالمساس به، وهدره، بما يحقق مخطَّط النظام الدموي الذي يريد له، أن يسيل هادراً، حتى بعد نفوقه..! .
أن مسألة السلم الأهلي، أولى القضايا التي لابد لكل سوري، من أن يعنى بها، ولابد من الانتباه إلى أن النظام الذي حاول اللعب على كل الأوراق، جمع إلى جانبه من كل أشكال الفسيفساء الموجودة، ومن هنا، فإن أية محاولة لإسباغ هوية لهذا النظام، سوى أنه “عصابة مجرمة”، إنما يعد إساءة للرابط الأصيل العظيم، بين أبناء سوريا، كما أرسى له بناة الحياة الوطنية في سوريا، وأعني بهم هنا، الرعيل الذي واجه الاستعمار، وهم يحلمون بإرساء بلد ديمقراطي، يليق ببهاء دمائهم الطاهرة التي استرخصوها على مربض الحرية.


النظام الدموي، هاهو يتهاوى، على أرض الوطن، شبراً وراء آخر، وها هو الجيش السوري الذي عوَّل عليه النظام – وكان ذلك خطأه الاستراتيجي ودليل بلاهته السياسية- بات يتحول إلى أداء دوره الحقيق، في الدفاع عن الشعب السوري، بعد أن زجَّ في مهمة شنيعة من قبل رؤوس النظام ، سواء تلك التي قضت، أو تلك التي لما تزل، تحلم ب”بناء فردوس إبليس”، بعد أن فرَّطت بكل الفرص الممنوحة لها، من لدن شعب عملاق، طالما صبر على مظالمه، ظنَّاً منه، أنه قادرة على إعادة صياغة نفسها، في ظل هيمنة شعارات القضايا الكبرى التي تمترست وراءها، زوراً، وكانت تستقوي بها، مستكلة ضد أحد أعظم شعوب الأرض، ضمن معادلة التواطؤ مع إسرائيل، وعدد من مراكز الشرفي العالم.

19/20/تموز 2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…