من يذبح سوريا اليوم؟


 كفاح محمود كريم 
 نتذكر جميعا السنوات التي سبقت سقوط نظام
البعث الأول في العراق، حينما استقدم كل منظمات الإرهاب في العالم ورجالات الجريمة
المنظمة لمقاتلة ( العدو الامبريالي الصهيوني ) وفي مقدمتهم كانت منظمة القاعدة
وفروعها في العراق وأطرافه ومؤيديها ومعتنقي منهجها في القتال، ولا يختلف عراقيان
حول ميكافيلية حزب البعث وقيادة صدام حسين ومجموعته، التي تغير ألوانها وأساليبها
مع الظروف التي تحافظ على بقائها في السلطة، ولعل ما شهدناه خلال الثمانينات
وسنوات الحرب مع ايران وتقمص النظام للنهج الوهابي منافقا ومرائيا السعودية
والكويت وبعض دول الخليج، للحصول على الدعم المطلق ماليا وعسكريا، وقبل ذلك تحالفه
مع شاه ايران ومنحه نصف شط العرب مقابل سحق الثورة الكوردية في كوردستان العراق، 
فنظام البعث
سواء ما كان هنا في بلادنا أو من يرتكب ذات الجرائم في سوريا لا يتوانى عن التحالف
مع أكثر قوى الشر والجريمة والإرهاب في العالم بميكافيلية لا نظير لها حتى عند من
وضعها، من اجل شعاره الدموي ( جئنا لنبقى ) حتى وان كلف ذلك إحراق البلاد بطولها
وعرضها، كما فعل في حربي ( أم المعارك والحواسم ) وما بعدهما من تقتيل وتدمير منظم
للشعب والدولة، إذ أكدت أعداد الضحايا التي أعلنتها جهات حكومية عراقية* فيما كان
يسميه (مقاومة) هو ومن استقدمهم لمقاتلة الأمريكان من العراقيين المدنيين الأبرياء
أضعاف أضعاف من قتلوا من المحتلين، ولعل شوارع بغداد والموصل والبصرة والانبار
والحلة واربيل شاهدة على تلك الآلاف المؤلفة من ضحايا البعث والقاعدة ومنظمات
الجريمة التي تأسست من بقايا تنظيمات البعث سيئة الصيت.

   
 وفي سوريا يعمل النظام وحزبه الفاشي على خلط
الأوراق وفتح الأبواب لذات تلك التنظيمات الإرهابية التي كانت تعبر من حدوده إلى
العراق، لتفتك بأهليه شمالا وجنوبا شرقا وغربا، حتى حولوا البلاد إلى برك من دماء،
نعم فتح لها الأبواب في كل المدن السورية لتنفذ مخططها الإرهابي تحت يافطة
المعارضة ومقاومة النظام، وهي لا تقترب قيد أنملة من النظام ورجاله بقدر ما تشيع
الفوضى والخراب والدماء يدا بيد مع (الشبيحة) وأجهزة الدولة والحزب الإرهابية الأخرى*، بحيث تعطي
انطباعا لدى الشارع بالإحباط واليأس وقبول أهون الشرين قياسا بما تفعله تلك
المنظمات الإرهابية المستدعاة للعمل في ساحتهم كما كان يفعل وما يزال شقهم الثاني
هنا في العراق، لتشويه أي عمل من اجل بناء دولة مدنية ديمقراطية متحضرة.
  حقا إنهم ينهلون من ذات الفكر والنهج الذي
يلغي الآخر ويحرق الأخضر واليابس من اجل ( جئنا لنبقى ) مهما اختلفوا في وسائلهم
فان النتيجة واحدة إقامة نظام فاشي دكتاتوري كما شهدناه هنا في العراق وشهده
السوريون والليبيون واليمنيون ومعظم الشعوب المبتلاة بهذا النهج المدمر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 * أعلنت
وزارة حقوق الإنسان في العراق يوم 12 أغسطس/آب إن عدد ضحايا العمليات الإرهابية
منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ولغاية الآن وصل إلى 70 ألف قتيل و250 ألف
جريح، وهي أقل من نصف ما أعلنته منظمات دولية محايدة، في محاولة لإعطاء صورة
مغايرة عن واقع الموت اليومي في العراق، بينما تتحدث تلك المصادر عن ربع مليون أو أكثر
من القتلى المدنيين العراقيين، يقابلهم في أفضل الأرقام اقل من عشرة آلاف أمريكي
قتلوا خلال ذات الفترة فيما سمي بالمقاومة؟
 * حصدت أعمال
العنف أكثر من  25 ألف قتيل في سوريا منذ
بدء الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في 15 مارس 2011، بحسب ما صدر عن المرصد
السوري لحقوق الإنسان ، من ضمنهم أربعة آلاف من عناصر النظام، وهي أرقام تختلف
كثيرا عما ذكرته كثير من وسائل الإعلام.

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…