النوايا الطيبة لا تزهر ربيعاً؟؟

عمر كوجري

  هبّ الشعب السوري في انتفاضة على مطالب آنية وتوسيع هامش بعض الحريات ومحاربة الفساد، وبعد اشتداد القمع والقتل رفع السوريون من منسوب شجاعتهم، وتظاهروا من أجل إسقاط النظام سلمياً لما يقارب العام.

ومع سلوك الحل الأمني وفيما بعد العسكري وذلك بزج الجيش السوري في معركة ليست معركته، ونجاح النظام في حرف مسار الثورة من سلميتها ونزوعها نحو العسكرة والمواجهة العسكرية غير المتكافئة غالباً لفارق العدة والعتاد بين الطرفين.
أقول ما إن هبت هذه الرياح، حتى استشعر شعبنا الكردي بوجوب إحقاق حقوقه القومية والثقافية والاجتماعية، فلمسنا فائضاً غير ممنهج وغير مدروس في تشكيل الجمعيات الثقافية والأدبية والأثرية والتاريخية، وتشكيل لجان حقوقية، وتشكيل منظمات للدفاع عن حقوق المرأة والطفولة وغيرها، وتنافست أحزابنا الكردية إلى فتح مدارس لتعليم اللغة الكردية، ومكاتب خاصة بها ولها، والكثير من الأنشطة غير المرخصة من الدولة، لكن كنوع من استثمار حالة غض النظر من طرف النظام، وانشغاله بمعركة أكبر من فتح مدرسة لتعليم اللغة الكردية هنا أو هناك.
 لكن بما أن فتح هذا الكم الهائل من الأنشطة” المشروعة طبعاً” لما تحمل في طياتها من طابع حضاري وإنساني وأخلاقي لم يتم بالاتفاق بين طرفين فالنظام الحالي مازال مستقراً وناشطاً، ولا يوجد في الوقت الحالي على أرض الواقع نظام آخر، لذا يبقى الاتفاق من طرف واحد وهش، ويفتقر للواقعية ومخالفة القانون – إن شئتم-
كثيراً كنت أقول مع بعض الأحبة، إن عنصر واحد من المخابرات بمقدوره أن يمرّغ كل هذي الأحلام في الوحل، والأكثر إيلاماً أن يمزق علماً وصورة، ويشوّه قارمة، طالما أن ما دفع كردنا إلى التسرّع في إعلان جمعياتهم ومنظماتهم وغيرها دون أن يدفعوا ” الكثير” المرتجى من أجل تحقيق هذه المطالب التي ينشدها الكرد منذ بداية تشكيل أول جمعية وحزب كردي في منتصف القرن الماضي وحتى اللحظة.
ما دفعني إلى سوق هذا الكلام أن تباهي بعض تنظيماتنا في افتتاح المدارس لتعليم الكردية” رغم مشروعيتها” سواء في بيوتات خاصة أو حتى في مدارس الدولة التي هي بالنهاية مدارس الشعب، هذا التدافع كان مرتجلاً، وإلا ما قرأنا قبل أيام أن مديرية تربية الحسكة أغلقت” المرحلة الابتدائية في عامودا بعد استمرار تدريس اللغة الكردية في المدارس، وكانت التربية قد هددت بأغلاق المدارس في حال استمرار التدريس بالكردية واستمرار رفع الاعلام الكردية فوق المدارس فقامت الهيئة الكردية العليا بإنزال الاعلام الكردية لكن استمر تدريس اللغة الكردية مما دفع التربية إلى إغلاق المدارس”
أيها الأحبة الجميلون، النيات الطيبة، والأصابع البيضاء لا تحقق أحلاماً، وخاصة نحن شعب يفترض به أن يكون قد شب عن الطوق، ولديه خبرة كبيرة في العمل السياسي والديمقراطي..

الموضوع يفترض أن يكون شراكة بين طرفين، لا استغلالاً لحالة فوضى غير خلاقة، واستثمار فراغ أمني من أية شاكلة أو لون.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…