الجوهر لا السفاسف..!

د.

كسرى حرسان


لطالما كانت القضية الكردية في سوريا شائكة وحساسة، ولكن لم تكن هذه الحساسية ذاتية يوماً، إذ لم يكن مبعثها ذات هذه القضية التي هي ذات الكرد أنفسهم، كونها متحررة من العقد، فالنفسية الكردية لا تعاني من العنجهية ولو في التصور أو التخيل؛ فهم لم يطالبوا في أي وقت كان بالانفصالية، كما لم يؤمنوا على مدى مراحل التاريخ بالشعوبية، وهذا الأمر بيّن ولا يخفى على أحد، فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على ما لهم من خصال الإيثار وحب التضحية الغيرية، ولهذا السبب لم يسجل الزمن أن الكرد ناحروا أقواماً في سبيل الأطماع والتسلط، بينما تراهم أنجبوا قائداً إنسانيا فذاً مثل صلاح الدين الأيوبي نصر الحق ورفع الظلم، ولذلك سطر التاريخ بأحرف من نور معركة حطين، في حين عجزت الشهنامة الفارسية للفردوسي عن مجرد التذكير بوقائع الفرس وحروبهم، لأن المادة سرعان ما تندثر أما الروح فتبقى حاضرة خالدة.
كما قلت فإن المشكلة لا تكمن في الأكراد، ولكنها من صنع من أضمر لهم البغض وأراد بهم الشر، ولهذا كله وقع الحيف والنقمة عليهم ولم يزل على مدىً ينيف عن نصف القرن بدلاً من الإنصاف والمكافأة، فإن الحل أيضاً لا يتعثر عندهم.

ولذلك أقول لمن يلقي باللوم والمسؤولية على الجانب الكردي في المحنة السورية التي لا تزال تخيم منذ سنتين بكارثية؛ إنكم مخطئون متجنَّون، فقد كان الشعب الكردي في سوريا يتجرع المرارة والمعاناة بينما كان سواهم ينجرف في البذخ والنعيم، وهذه أيضاً ليست من عقدة ولكنها تستعمل كمادة في معرض المنافحة عنه، والأولى بكم إن كنتم تبحثون عن موضع الملام أن تضعوه على أناس آخرين بأيديهم زمام الأمور ومفاتيح الحل، أما أنتم ونحن فالحقيقة أننا في جذور المعاناة سواء، لأن الموقف لا يُعتدّ به ولا يغير شيئاً لحساب الحق، مادام يقابل بالتجاهل رغم العلم بأحقيته ورغم الغبن الذي لحق به.

http://www.facebook.com/kasra.harsan?fref=ts

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…