هل التعلم باللغة الكردية هي من أولويات المرحلة

دلكش مرعي

   اللغة لا تحتاج إلى المزيد من الإيضاح فقد قيل الكثير عن أهميتها كهوية وكحالة يرمز إلى شعب معين له خصوصيته  المميزة والسؤال المطروح هنا هل التبيان في المستويات الحضارية في عالمنا المعاصر كانت بسبب قوة البلاغة اللغوية لدى الشعوب أو كانت بسبب عدم تتاولها في الحقل التعليمي ؟ أو فرض التعلم بلغات أخرى مهيمنة ؟ وبصيغة اوضح هل تخلف الشعب الكردي التاريخي كانت بسبب عدم التعلم بلغة الأم ؟ علما إن معظم ابناء هذا الشعب لم يتخلوا عن التكلم بلغتهم بشكلها الشفاهي منذ آلاف السنين ولا أحد ينكر بأن اللغة الكردية قد حافظت على كيان هذا الشعب وصان وجوده وأبعد هذا الشعب عن الذوبان في بودقة القوميات الآخرى والسؤال الآخر هنا هل كان الكرد وحدهم يتكلمون لغتهم شفهيا ؟ ولماذا لم يحققوا ما حققه بقية اقرانهم من الشعوب المجاورة …
ألا يعتبر اللغة العربية على سبيل المثال من بين اللغات الأكثر غيناً بمفرداتها وبلاغتها القوية فهل استطاع اللغة العربية بتميزها المذكور من تحقيق التفوق العلمي والحضاري على بقية الشعوب ؟ وهل كان سبب التفوق الحضاري والعلمي الذي حققه بعض شعوب الغرب كانت بسبب تفوقها في البلاغة اللغوية ؟  عندما يتكلم الانسان لغته بإطارها الرسمي فهي تخلق لديه دون ادنى شك نوع من الامتلاء المعنوي والذاتي التي يتمثل في الاعتراف  بالشراكة الإنسانية للشعوب في الوجود  أي ان اللغة هي حق طبيعي لكل القوميات ولا أحد أن ينكر ذلك ولكن السؤال المطروح هنا وبقوة هل أولويات المرحلة التي يمر بها الشعب الكردي والواقع السوري بشكل عام هل يتطلب المرحلة وضع تعليم اللغة الكردية وفتح المكاتب الحزبية في مقدمة أولويات عمل القوى السياسية ؟ أم يتطلب المرحلة توحيد طاقات الشعب الكردي بقواه الفاعلة لانتزاع جميع حقوق هذا الشعب وتثبيته قانونياً على الأرض ومن ثم ممارسة هذه الحقوق بعيدا عن التخبط الحاصل هنا وهناك من أجل أعطاء حصة في اللغة الكردية … فالشعب  الكردي كما ذكرنا قد حافظ على لغته منذ آلاف السنين ويستطيع الحفاظ على هذه اللغة بضعة شهورا أخرى ولن يشكل هذه الفترة الزمنية خطراً على اللغة الكردية
ما نود التأكيد عليه هو ان هذه الأحزاب تتهرب من أولويات المرحلة ومستحقاتها في هذه الظروف الحساسة والمصيرية التي يمر بها هذا الشعب ..

فنحن نعلم بأن المجلسين الكرديين قد فشلا حتى الآن من توحيد مواقفهم السياسية والقيام بعمل مشترك لتوحيد طاقات الشعب الكردي ووضع برنامج سياسي واضح المعالم تحدد حقوق هذا الشعب ومصيره في المستقبل ..

من هنا نحن نعتقد بأن فتح المكاتب والمدارس في هذه الظروف المصيرية هي تأتي على حساب استحقاقات المرحلة وأولوياتها وهروبٌ فاضح من الفشل الحاصل على الأرض ومحاولة  إلهاء هذه الشعب في أمور تعتبر ثانوية وغير مجدية في هذه المرحلة هدفها التغطية على هذا الفشل وعلى الممارسات الخاطئة لهذه الأحزاب التي لا تبعث إلا على الخيبة والاشمئزاز داخل الشارع الكردي   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…