إدعاءات لم تعد تنطلي على أحد !

زيور العمر

بالرغم من مزاعم و إدعاءات الحرص على وحدة الكلمة و الموقف الكرديين، من قبل الجماعات السياسية الكردية السورية، قبل الثورة السورية و أثناءها، إلا أن واقع الحال يقول، إن هذه الجماعات، رغم تشابه مشاربها السياسية و التنظيمية و السلوكية، لم تدخر جهدا في إثبات أنها هي من قامت، على إمتداد سنوات وجودها و الى حد الآن، بتشتيت، و تفتيت، و تشطير، و شرذمة، وحدة الكلمة، و وحدة الموقف، و وحدة الصف الكردي؛ فما يجري الآن في الساحة الكردية السورية من تعبئة و تجييش، خير مثال و دليل على ما نقول، و فيما يلي بعض الهوامش:
مر أكثر من عام على إعلان المجلس الوطني الكردي، و مع ذلك، لا يزال هذا المجلس يتخبط في أداءه و مهامه، من جهة عجزه عن تحقيق أقل  قدر من الانسجام و التوافق بين مكوناته، الحزبية و الشبابية و المستقلة، ليس فقط في تشكيل مؤسسات و هياكل و ملاحق، تعينه على أداء دوره، و القيام بوظيفته و تجسيد صفته و كسب ود و دعم و مساندة جماهيريه و محازبيه و مواليه أضعف الإيمان، و إنما فشل، أيضاً و أيضاً، في التوصل الى بلورة و صياغة  و التوافق على  رؤية محددة، حول شكل و سبل حل القضية الكردية في سوريا، رغم وجود ما يقرب من ستة عشر حزبا و عددا من التنسيقات الشبابية و ثلة من المستقلين في صفوفه و تحت مظلته؛ و السؤال: كيف يمكن لمجلس على هذا القدر من التفكك و الترهل و العطالة، أن يوحد كلمة شعب و يلملم أبناءه و يمده  بأسباب القوة و المناعة، إذا كان نفسه يحتاج الى من يمده بيد العون و المساعدة، حتى يلملم أجزاءه و يجتاز أسباب ضعفه و علله؟ مر أكثر من عام على تشكيله، و هو ما يزال يعجز عن عقد مؤتمره، الذي بات الشغل الشاغل لأعضائه، قيادة و أفرادا، خشية إنفكاك عقده، الأمر الذي حدا بتأجليه، عسى و علا، عملا بالقول المأثور، علا كرهتم شيئا و هو خيرا لكم؟!
الهيئة الكردية العليا، نفسها، التي مر على تشكيلها أكثر من ثلاثة أشهر، لم تنعم علينا، و لا للحظة واحدة، بموقف أو فعل، تعطي الانطباع، بان المجلس الوطني الكردي، نفسه، ما كان إلا تمهيدا لتشييد بناء أشمل و أكبر، ينعم الكرد تحت سقفها بالثقة و الطمأنينة، تستحق لقب و تاج و شرعية التمثيل السياسي و الشعبي باسم الشعب الكردي في سوريا؛ بل بالعكس، كان شغلنا و شاغلنا في الأشهر المنصرمة، متابعة الهيئة العتيدة، و فيما لو كان طرفيها سيفيان  بتعهداتهما، بتنفيذ البنود التي تضمنه إتفاق هولير، تحت رعاية رئاسة إقليم كردستان العراق.

و في الأخير، لا التعهدات و الوعود نفذت ، و لا الأجواء صفيت، و لا اللجان فعلت، و لا هم يحزنون، اللهم الحديث و الكلام الممجوج عن الإنجازالكبير و الكنز المفقود، الذي طالما انتظره الشعب الكردي بفارغ الصبر..! و السؤال هنا أيضاً: ماذا تغير بحلول هذا المخلوق العجيب الأعرج المسمى بالهيئة الكردية العليا؟ الجواب، لا شئ إيجابي، بل بالعكس، ساءت الأمور أكثر و أكثر، من جهة علو أصوات التشكيك و الاتهام و التواطئ و التآمر و المشاركة في سفك الدم الكردي، أخرها سوقت على خلفية حوادث الأشرفية و الشيخ مقصود؛ بل إن التصعيد في طريقه لإشعال حرب داخلية بين الكرد أنفسهم، فتكون سابقة خطيرة، علها تكون الإنجاز الوحيد لوحدة الكرد السوريين!، تجسيدا لقدر محتوم، لم ينفكوا المرور بها عبر تاريخهم، إسوة بإخوتهم في الأجزاء الأخرى، و ربما إقتداءا أيضاً بتجربة الاستعانة و الاستنجاد بالعدو على الأخ؟!
إذا، أين نحن من وحدة الكلمة و الصف الكرديين، بعد مضي عام على المجلس الوطني الكردي، و ثلاثة أشهر على الهيئة الكردية العليا؟؟!!
لقد دأبت الاحزاب الكردية في سوريا، على إمتداد سنوات، على تبرير الحال، بإرجاعها الى التفكك و الفرقة و التشرذم، و استطاعت بهذه الحجة و الذريعة، أن تتهرب من مسؤولياتها و واجباتها السياسية و الأخلاقية تجاه قضية شعبها، إعتقادا منها، أنها بذلك، تمد و تطيل في عمرها، من دون أن تتنازل، قيد أنملة، عن إدعاءاتها و مزاعمها في تمثيل الشعب الكردي، سيما و ان التجربة كشفت الحقيقة التي طالما أشرنا إليها، و نعيد التذكير بها، و هي أن  التراكمات الكمية لا تجلب معها ،بالضرورة و بالمطلق، تحولات نوعية، لذا نقول لأحزابنا و لقياداتها و أفرادها: حذاري، لم تعد إدعاءاتكم تنطلي على أحد.

رجاءا، إفعلوا شيئا حتى نستعيد قليلا من الأمل
٣١/١٠/٢٠١٢

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…