د.
فريد سعدون
فريد سعدون
يقع المصطلح Le Terme)) ضمن حقل الدرس اللساني (Linguistique)، ولا بد من رصد جملة من المقومات التي يجب توفيرها لكي يتحقق التعالق المرجعي والتواصلي بين المصطلح ومقتضيات النسق المفهوماتي، ويتطلب هذا الأمر توخي الدقة في ضبط صيغة المصطلح اللغوية حتى تكون ملائمة ومتناغمة في دلالتها الشكلية مع محمولاتها الفكرية والثقافية، هذه المحمولات تتحدد عبر المفهوم (concept) الذي يحيل على فاعلية ذهنية تنتج تصوراً منسجماً عن فكرة ما، نابعة عن التحريض الذي يبثه المصطلح،
وعندما يكون التصور الذهني متآلفاً عند أفراد الجماعة اللغوية فهذا يدل على اتفاق لا يخرج عن الإطار المرجعي الذي يعكس صيغة المصطلح المستقرة والثابتة معجمياً ودلالياً، مما يعني أن هناك توافقاً واشتراكاً في إنتاج الصيغة الدلالية وما لها من مدلولات ثقافية، لكن المصطلح قد يتعرض للانزياح فيخرج عن دلالته المعجمية الحيادية ليعبر عن فكرة معينة في مرحلة تاريخية ما، وهذا لا يأتي إلا ضمن نسق معرفي محدد.
في حالة اللغة الكردية، فإنها لا تستحوذ على مؤسسات تخصصية تؤمن لها دراسات مستقلة ذات مصداقية علمية، قادرة على إنتاج بحث لساني يعمل على تفسير الظواهر اللغوية، وتقويمها وتطويرها، وهي تعتمد على مجهودات فردية تجتهد في مقاربة القضايا اللغوية، وتحليلها وتفسيرها، ثم وضعها ضمن نظام لساني يضمن لها الاستقامة، وتجاوز الإشكالات النحوية التركيبية، والاضطرابات الدلالية والتوليدية والانزياحية والمجازية، بيد أن هذه الفردية تعكس سلبيات عدة من أهمها اختلاف الآراء، وتباينها، واستنادها إلى قناعات شخصية متعلقة بتوجهات الشخص نفسه ومستواه المعرفي والفكري وأحياناً السياسي، مما يؤدي إلى الخلط والتشتت في ضبط المصطلح، وربما خرج في صيغته اللغوية عن مقصوده الدلالي ومرجعيته الواقعية، ومن هذه المصطلحات، مصطلح: غربي كردستان.
في اللغة العربية نقول: غرْبِيّ كذا ..
بتشديد ياء النسبة، أي نسبة للجهة الغربية من البلاد، وتضبط الكلمة بخفض الباء وتشديد الياء، والكلمة تفيد إحدى الجهات الجغرافية الأربعة، غربي كردستان: الجهة الغربية من كردستان الواقعة ضمن حدودها، إذ عندما نقول: غربي كردستان، يكون المقصود أن الجهة التي ذكرناها هي جزء من كردستان، وهذا يعني أن كردستان هي عبارة عن مكان بعينه ( جغرافية واحدة … كتلة تضاريسية واحدة غير متعددة لها أربع جهات مثل أي مكان على وجه الأرض)، أما إذا قلنا غرب كردستان فيعني البلاد التي تقع على الحدود الغربية لكردستان وهي ليست من ضمن أراضيها ولا تعد جزءاً منها، وهذا يقتضي أن تكون كردستان دولة لها حدودها الواضحة والمؤطرة على الخريطة الجغرافية، وهو ما نفتقده تماماً، إذ ليس هناك شكل واضح لهذه الحدود ليس فقط عند الآخر، بل عند الأكراد أنفسهم، إذاً، هناك فرق بين غرب وغربي، كقولنا تقع عامودا غرب القامشلي، فعامودا ليست جزءاً من القامشلي، أما قولنا تقع الهلالية غربيّ القامشلي، فالهلالية جزء من القامشلي، وتعرب كلمة: غربيَّ، نائب ظرف مكان، ولكي يكون مصطلح غربي كردستان مقبولاً يجب أن تكون كردستان دولة واحدة غير منقسمة، وإلا سيكون لدينا أربع دلالات لمصطلح غربي كردستان حسب كل جزء، مثلاً غربي كردستان العراق من زاخو إلى شنكال … وغربي كردستان تركيا من عنتاب إلى قونية باتجاه سيواس نحو الأعلى … وهكذا ..
أما إذا افترضنا أن كردستان هي كتلة جغرافية واحدة فإن مصطلح غربي كردستان سيعني عفرين وكيلس وعنتاب وباتجاه الأعلى نحو ملطية وأرزنجان وسيواس، ولن يعني أبداً ديريك والقامشلي لأن القامشلي تقع في الجهة الجنوبية بالنسبة إلى كردستان تركيا، وإلى الشمال الغربي بالنسبة لإقليم كردستان العراق، بالإضافة إلى أجزاء من شرناخ، وإذا قصدنا بغربي كردستان مناطق أكراد سوريا، فإن أجزاء من هذه المناطق ( ديريك وتل كوجر وصولاً إلى القامشلي حتى رأس العين ) تشكل الغرب بالنسبة لكردستان العراق، أما عفرين وكوباني فإنها لا تشكل شيئاً بالنسبة لكردستان العراق لأن هناك فجوة من رأس العين حتى كوباني، أي هناك انقطاع في تواصل المناطق الكردية، وعندئذ لا بد من إضافة مناطق من كردستان تركيا حتى يتم التواصل الجغرافي، وبهذه الإضافة تفقد مناطق أكراد سوريا استقلاليتها أو حدودها المعهودة على الأقل، وعندئذ لا ينطبق عليها تسمية غربي كردستان، أما بالنسبة لكردستان تركيا فإن محافظة الحسكة تشكل جزءاً ( وليس كل ) من حدودها الجنوبية، وعفرين هي جزء من حدودها الجنوبية الغربية، من هنا لا يمكن اعتبار مناطق أكراد سوريا جزءاً جغرافياً محدداً دون إضافة أجزاء إليها من مناطق أخرى، وفي كل الأحوال فإن تحديد الاتجاهات الجغرافية لا يتم إلا إذا اعتبرنا كردستان دولة متحدة أو قطعة جغرافية واحدة، وعلى هذا الأساس فإن غربي كردستان هو كما حددنا آنفاً المناطق الغربية من كردستان تركيا، وشرقي كردستان هي أجزاء من كردستان إيران وكردستان العراق، وشمالي كردستان هي أجزاء من كردستان إيران وتركيا، وهكذا فإن مصطلح غربي كردستان ليس دقيقاً في دلالته على مناطق أكراد سوريا، أما الترجمة الحرفية للمصطلح الكردي (kurdistana rojava) يعني تماماً كردستان الغربية.
وهذا المصطلح بمفهومه الجغرافي لا يدل – أيضاً – على مناطق أكراد سوريا، ويحمل دلالة أن كردستان هي عبارة عن أربع دول هي: كردستان الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، على مثال: كوريا الشمالية والجنوبية، وهذا غير دقيق، لأن الجهات التي تأخذ بعين الاعتبار كردستان دولة واحدة لن تعترف بالحدود الدولية التي تقسم كردستان إلى أربعة أجزاء، بحيث أن الجهة الجغرافية الواحدة تشمل أكثر من جزء من كردستان المقسمة، ومن هنا فإن غربي كردستان أو كردستان الغربية سيشمل أجزاء من تركيا وسوريا، وهكذا … ومن هذه الناحية لا يحمل كلا المصطلحين دلالة دقيقة على الجزء المقصود منه، غير أن مصطلح كردستان الغربية فيه اعتراف بتقسيم كردستان إلى أربع أجزاء، وإذا أردنا التسمية الدقيقة لتوزع مناطق سكنى الأكراد جيوسياسياً سنقول: كردستان تركيا، وكردستان إيران، ….
وهذا هو الاعتراف الدستوري الرسمي في العراق: (إقليم كردستان العراق)، ولم يطلقوا عليه اسم كردستان الشرقية أو شرقي كردستان؛ لأنه لا يوجد شيء بهذه التسمية متعارف عليه عالمياً، أو حتى إقليمياً، أو حتى محلياً في برلمان إقليم كرستان، وفي النهاية الأمر منوط بمؤسسة علمية لغوية تحدد وتضع المصطلحات الكردية، بينما الواقع يشير إلى أن هذه المصطلحات تخضع لاعتبارت حزبية سياسية، وبعيداً عن البروتوكولات الرسمية والمعاهدات الدولية والقوانين والأعراف يمكن إطلاق التسميات والمصطلحات كيفما نشاء؛ لأنه ليس هناك سلطة كردية تراقب الوضع أو تحاسب عليه، بينما من المفروض أن يخضع المصطلح لجملة من الضوابط كونه يشكل منتجاً ثقافياً ومعرفياً توافقياً ينتمي إلى فضاء دلالي له خصوصيته ودوره الفاعل في تكوين الوعي الجمعي.
وجدير بالاهتمام أن المصطلح المستخدم سابقاً كان (Başûrê biçûk ) أي الجنوب الصغير، وكانوا يقصدون بـKurdistana başûr اي (كردستان الجنوبية) كردستان العراق.
وللتوضيح يمكن إمعان النظر في الخريطة المرفقة :
في حالة اللغة الكردية، فإنها لا تستحوذ على مؤسسات تخصصية تؤمن لها دراسات مستقلة ذات مصداقية علمية، قادرة على إنتاج بحث لساني يعمل على تفسير الظواهر اللغوية، وتقويمها وتطويرها، وهي تعتمد على مجهودات فردية تجتهد في مقاربة القضايا اللغوية، وتحليلها وتفسيرها، ثم وضعها ضمن نظام لساني يضمن لها الاستقامة، وتجاوز الإشكالات النحوية التركيبية، والاضطرابات الدلالية والتوليدية والانزياحية والمجازية، بيد أن هذه الفردية تعكس سلبيات عدة من أهمها اختلاف الآراء، وتباينها، واستنادها إلى قناعات شخصية متعلقة بتوجهات الشخص نفسه ومستواه المعرفي والفكري وأحياناً السياسي، مما يؤدي إلى الخلط والتشتت في ضبط المصطلح، وربما خرج في صيغته اللغوية عن مقصوده الدلالي ومرجعيته الواقعية، ومن هذه المصطلحات، مصطلح: غربي كردستان.
في اللغة العربية نقول: غرْبِيّ كذا ..
بتشديد ياء النسبة، أي نسبة للجهة الغربية من البلاد، وتضبط الكلمة بخفض الباء وتشديد الياء، والكلمة تفيد إحدى الجهات الجغرافية الأربعة، غربي كردستان: الجهة الغربية من كردستان الواقعة ضمن حدودها، إذ عندما نقول: غربي كردستان، يكون المقصود أن الجهة التي ذكرناها هي جزء من كردستان، وهذا يعني أن كردستان هي عبارة عن مكان بعينه ( جغرافية واحدة … كتلة تضاريسية واحدة غير متعددة لها أربع جهات مثل أي مكان على وجه الأرض)، أما إذا قلنا غرب كردستان فيعني البلاد التي تقع على الحدود الغربية لكردستان وهي ليست من ضمن أراضيها ولا تعد جزءاً منها، وهذا يقتضي أن تكون كردستان دولة لها حدودها الواضحة والمؤطرة على الخريطة الجغرافية، وهو ما نفتقده تماماً، إذ ليس هناك شكل واضح لهذه الحدود ليس فقط عند الآخر، بل عند الأكراد أنفسهم، إذاً، هناك فرق بين غرب وغربي، كقولنا تقع عامودا غرب القامشلي، فعامودا ليست جزءاً من القامشلي، أما قولنا تقع الهلالية غربيّ القامشلي، فالهلالية جزء من القامشلي، وتعرب كلمة: غربيَّ، نائب ظرف مكان، ولكي يكون مصطلح غربي كردستان مقبولاً يجب أن تكون كردستان دولة واحدة غير منقسمة، وإلا سيكون لدينا أربع دلالات لمصطلح غربي كردستان حسب كل جزء، مثلاً غربي كردستان العراق من زاخو إلى شنكال … وغربي كردستان تركيا من عنتاب إلى قونية باتجاه سيواس نحو الأعلى … وهكذا ..
أما إذا افترضنا أن كردستان هي كتلة جغرافية واحدة فإن مصطلح غربي كردستان سيعني عفرين وكيلس وعنتاب وباتجاه الأعلى نحو ملطية وأرزنجان وسيواس، ولن يعني أبداً ديريك والقامشلي لأن القامشلي تقع في الجهة الجنوبية بالنسبة إلى كردستان تركيا، وإلى الشمال الغربي بالنسبة لإقليم كردستان العراق، بالإضافة إلى أجزاء من شرناخ، وإذا قصدنا بغربي كردستان مناطق أكراد سوريا، فإن أجزاء من هذه المناطق ( ديريك وتل كوجر وصولاً إلى القامشلي حتى رأس العين ) تشكل الغرب بالنسبة لكردستان العراق، أما عفرين وكوباني فإنها لا تشكل شيئاً بالنسبة لكردستان العراق لأن هناك فجوة من رأس العين حتى كوباني، أي هناك انقطاع في تواصل المناطق الكردية، وعندئذ لا بد من إضافة مناطق من كردستان تركيا حتى يتم التواصل الجغرافي، وبهذه الإضافة تفقد مناطق أكراد سوريا استقلاليتها أو حدودها المعهودة على الأقل، وعندئذ لا ينطبق عليها تسمية غربي كردستان، أما بالنسبة لكردستان تركيا فإن محافظة الحسكة تشكل جزءاً ( وليس كل ) من حدودها الجنوبية، وعفرين هي جزء من حدودها الجنوبية الغربية، من هنا لا يمكن اعتبار مناطق أكراد سوريا جزءاً جغرافياً محدداً دون إضافة أجزاء إليها من مناطق أخرى، وفي كل الأحوال فإن تحديد الاتجاهات الجغرافية لا يتم إلا إذا اعتبرنا كردستان دولة متحدة أو قطعة جغرافية واحدة، وعلى هذا الأساس فإن غربي كردستان هو كما حددنا آنفاً المناطق الغربية من كردستان تركيا، وشرقي كردستان هي أجزاء من كردستان إيران وكردستان العراق، وشمالي كردستان هي أجزاء من كردستان إيران وتركيا، وهكذا فإن مصطلح غربي كردستان ليس دقيقاً في دلالته على مناطق أكراد سوريا، أما الترجمة الحرفية للمصطلح الكردي (kurdistana rojava) يعني تماماً كردستان الغربية.
وهذا المصطلح بمفهومه الجغرافي لا يدل – أيضاً – على مناطق أكراد سوريا، ويحمل دلالة أن كردستان هي عبارة عن أربع دول هي: كردستان الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، على مثال: كوريا الشمالية والجنوبية، وهذا غير دقيق، لأن الجهات التي تأخذ بعين الاعتبار كردستان دولة واحدة لن تعترف بالحدود الدولية التي تقسم كردستان إلى أربعة أجزاء، بحيث أن الجهة الجغرافية الواحدة تشمل أكثر من جزء من كردستان المقسمة، ومن هنا فإن غربي كردستان أو كردستان الغربية سيشمل أجزاء من تركيا وسوريا، وهكذا … ومن هذه الناحية لا يحمل كلا المصطلحين دلالة دقيقة على الجزء المقصود منه، غير أن مصطلح كردستان الغربية فيه اعتراف بتقسيم كردستان إلى أربع أجزاء، وإذا أردنا التسمية الدقيقة لتوزع مناطق سكنى الأكراد جيوسياسياً سنقول: كردستان تركيا، وكردستان إيران، ….
وهذا هو الاعتراف الدستوري الرسمي في العراق: (إقليم كردستان العراق)، ولم يطلقوا عليه اسم كردستان الشرقية أو شرقي كردستان؛ لأنه لا يوجد شيء بهذه التسمية متعارف عليه عالمياً، أو حتى إقليمياً، أو حتى محلياً في برلمان إقليم كرستان، وفي النهاية الأمر منوط بمؤسسة علمية لغوية تحدد وتضع المصطلحات الكردية، بينما الواقع يشير إلى أن هذه المصطلحات تخضع لاعتبارت حزبية سياسية، وبعيداً عن البروتوكولات الرسمية والمعاهدات الدولية والقوانين والأعراف يمكن إطلاق التسميات والمصطلحات كيفما نشاء؛ لأنه ليس هناك سلطة كردية تراقب الوضع أو تحاسب عليه، بينما من المفروض أن يخضع المصطلح لجملة من الضوابط كونه يشكل منتجاً ثقافياً ومعرفياً توافقياً ينتمي إلى فضاء دلالي له خصوصيته ودوره الفاعل في تكوين الوعي الجمعي.
وجدير بالاهتمام أن المصطلح المستخدم سابقاً كان (Başûrê biçûk ) أي الجنوب الصغير، وكانوا يقصدون بـKurdistana başûr اي (كردستان الجنوبية) كردستان العراق.
وللتوضيح يمكن إمعان النظر في الخريطة المرفقة :