برأيكم على ماذا كان يراهن النظام في ذلك, وما سبب انتقال الثورة الى سورية ايضا ؟
الاسباب معروفة , العقلية الامنية القمعية للنظام والحكم الشمولي الفردي منذ استيلائه باسم حزب البعث على السلطة وتهميشه لكل التيارات السياسية الأخرى في البلاد ونتيجة لهذه العقلية الأمنية كان يراهن على بطشه وقوته في وجه أي حركة, واذكر هذا في احداث 2004 عندما قام ابناء الشعب الكوردي في القامشلي , وراهن النظام على الفتنة القومية بين العرب والكورد او بين الديانات ومكونات الشعب السوري .
كان يراهن على التناقضات الموجودة, ولم يكن الرهان على غير ذلك .
مع انطلاقة الثورة في درعا, حاول النظام اجراء بعض الإصلاحات من خلال اصدار بعض المراسيم .
هل لبت تلك المراسيم مطالب الجماهير ؟ النظام يصدر بعض القرارات الشكلية ليس اكثر لكي يظهر نفسه امام الراي العام العالمي بانه نظام ديمقراطي واصلاحي اما على ارض الواقع فلا يوجد أي تنفيذ , النظام نفسه يعترف في اكثر من لقاء – ان كان راس النظام او رموز السلطة في الاعلام – يتكلمون عن اصلاحات ولكن في نفس الوقت يناقضون نفسهم ويقولون انها لم تطبق بعد, بسبب الروتين او بسبب المشاكل الدولية او عوائق ادارية .
هناك حقيقة يجب ان تقال, الشعب السوري لم ينتفض بسبب الاوضاع الاقتصادية – على الرغم من ان الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر –, ثورة الشعب السوري هي ثورة الحرية والكرامة , الشعب السوري كان اسير وسجين في وطنه, لا حرية لا كرامة , هذا هو السبب الأكبر للثورة السورية.
الى ماذا تعزوا المشاركة الضعيفة للأخوة العرب في الحراك الشبابي في القامشلي والجزيرة بشكل عام, بعكس المشاركة الكوردية ؟ أجبت في أول شق من سؤالكم بالنسبة الى العرب, اما الشعب الكوردي فهو شعب مسيس لم ينضوي تحت لواء حزب البعث , اما بالنسبة الى العرب لم يكن لديهم الا حزب واحد وكان الانتماء قسري ايضا وليس طوعي , اذكر عندما كنا في المرحلة الاعدادية كانوا ينظموننا بشكل اجباري , اذا لم تنتسب الى حزب البعث لا وظائف لا جامعات لا لا ..
الخ, وباعتبار لا يوجد لدينا احزاب مثل الاكراد, لم يكن لدينا وعي سياسي في هذه المرحلة , آمنا في البداية كأطفال بشكل عفوي بحزب البعث فقط , اما عند الاكراد فالوضع يختلف , كان عندهم سياسيين , التنظيمات السياسية موجودة منذ 30-40 سنة كانت تنشر نشاطها وتنظيمها ضمن صفوف الشعب الكردي , لذلك عند انطلاق الثورة السورية كان الشعب الكردي مؤهلا اكثر من الشعب العربي في الاندماج والانخراط في الثورة السورية, للعرب تنظيمات عشائرية وليست سياسية , حتى حزب البعث رغم ان مبادئه ضد العشائرية , نلاحظ في الانتخابات البعثية يرجع الى العشائر , يعني كان هناك تناقض حتى ضمن حزب البعث.
هذا هو سبب تأخر الانخراط العربي, بالاضافة الى التخوفات التي زرعها الامن في نفوس العرب بان الشعب الكردي انفصالي ولا يرضى ان يتعايش مع الشعب العربي ضمن اطار وحدة البلد السوري.
الحمدلله بعد اندلاع الثورة ازلنا هذه المخاوف من الطرف العربي والكردي ايضا عن طريق بعض الناشطين والمثقفين العرب وتواصلنا مع كل الفئات والعشائر العربية والسياسيين والمثقفين المستقلين من الاكراد , والآن الحراك الحمدلله جيد وفي تلاحم كردي عربي قوي جدا .
من خلال تواصلكم ومشاركتكم الاكراد في هذا الحراك , هل لمستم أي شيء ما كان يشيعه النظام عن الأكراد بانهم انفصاليين ومرتبطين بالخارج ؟.
لا لا نحن نتكلم عن الحراك والثورة في الشارع, حقيقة ليس لدينا أدنى شك في هذا الموضوع , الشعب الكردي اثبت انه شعب أصيل ومكون رئيسي في الوطن ولا يريد أكثر من حقوقه الشرعية والاعتراف به دستوريا ضمن وحدة الوطن السوري بعد اقصاء وتهميش دام اكثر من اربعين عاما .
كما تلاحظون هناك تباين واختلاف بين الشباب والأحزاب في حراك الشارع.
الا يؤثر ذلك على زخم المشاركة الجماهيرية ؟ نعم يوجد تباين في وجهات النظر ولكن ليس اختلاف جوهري على المبادئ, هناك تباين في الرأي حول قيادة الحراك والناحية التنظيمية, لان الهدف الأساسي هو اسقاط النظام الاستبدادي, اما بالنسبة للاحزاب ودخولها الى الشارع, في الحقيقة طالبنا في اكثر من مرة بان الشارع هو للثورة والشباب , نطلب دائما من الاحزاب الابتعاد عن التسييس وادلجة الشارع , هدفنا الآن هو إسقاط النظام والايدولوجيا تأتي بعد ذلك , وبعد ذلك كل من لديه رؤية لخدمة الوطن فليتفضل .
ولكن الأحزاب تطلب ضمانات لحقوق الكورد ؟ قبل ان يطلب أي سياسي كردي في سوريا ضمانات او مطالب لحقوق الشعب الكردي , انا اول من طالبت بهذه الحقوق وبدون أي تنسيق او اتفاق مع أي طرف سياسي كردي , في اللقاء التشاوري للمعارضة في “سمير أميس” كانت ضمن بنود مداخلتي الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كشعب رئيسي ومكون أساسي في الوطن وإلغاء التمييز العنصري عن الشعب الكردي وإعادة أملاكه المغتصبة .
كيف تنظر الى إطاري المعارضة “المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية” ؟ بالنسبة الى المجلس الوطني السوري اخذ الشرعية من الشارع, من الشعب , ليس من الأحزاب والكتل السياسية , بالمقابل هيئة التنسيق, الشارع أيضا لم يمنحها أي شرعية .
لقد اشتدت الحملة الأمنية وازداد استخدام العنف من قبل النظام, ما ادى الى سحب المراقبين العرب , برايكم اين تتجه الاوضاع ؟
اذا استمر النظام في هذه العقلية, هو المسؤول اولا واخيرا لأي احتمال يحدث في سوريا , نحن لا نريد ولا نحبذ أي ضربة او تدخل عسكري في سوريا , ولكن اذا حصل أي تدخل او تدويل , النظام هو المسؤول وليس الشعب السوري , نتيجة اعمال القتل والقمع واعداد القتل التي ارتفعت يوميا الى المئات في حمص وحماة وغيرها من المناطق فان أي مطالب يطلبها الشعب فانه مجبور عليه, النظام اجبرهم على هذه المطالب , حتى التدخل الخارجي والتدويل, ودخول المنظات الى سوريا, واتوقع في المرحلة القريبة سوف يكون هناك تدويل وربما يكون حتى خارج مجلس الأمن , ممكن تجاوز الموقف الروسي والصيني , بحيث تتدخل منظمات إنسانية وحقوقية وتعمل التفاف على مجلس الأمن ايضا .
في الفترة الأخيرة دخلت الثورة الى طور العسكرة من خلال الجيش السوري الحر, برأيكم هل هذا سيكون سببا للتدخل العسكري الخارجي, خصوصا ان الجيش الحر لا يملك تلك الامكانات العسكرية لمواجهة آلة النظام ؟
كما قلت النظام هو المسؤول , ربما هناك حالات من العسكرة, ومن الممكن ان تحصل مواجهات اكثر بين الجيش الحر وقوات النظام , ولكن لا نحبذ ان تتم مواجهات بين الجيش الحر والجيش النظامي, في النهاية الكل سوريون والكل مجبر , حتى الافراد الذين يقاتلون مع الجيش النظامي غالبيتهم مجندين ولا يملكون القرار, في النهاية نحن الشعب السوري هو الضحية ان كان في الجيش الحر او الجيش النظامي , كل الشعب السوري هو الخاسر والمسؤول عنه اولا واخير هو النظام .
كلنا يعرف ان النظام آيل للسقوط وسقوطه حتمي.
ما هي خططكم لمرحلة ما بعد النظام لملئ أي فراغ قد ينشأ ؟
لقد فكرنا في الأمر وناقشنا فيه ووضعنا خطوط عريضة وكان أولها انطلاق كتلة اجتماعية وسياسية تضم الشعبين العربي والكردي فكان مشروع التجمع الوطني في سوريا.
هل هذا التجمع هو نواة لتشكيل حزب سياسي ؟
نعم حزب سياسي يضم عربا وكردا وآشور ومعظم المكونات الموجودة في الجزيرة .
كلمة اخيرة :
الكلمة الاخيرة التي ارجوها وانطلق بها من هنا من القامشلي او الجزيرة هي التأكيد اولا على وحدة المصير والدم بين الشعبين العربي والكردي , لا حياة ولا استقرار في المنطقة الا بالاتفاق, الا باعتراف متبادل بين الشعبين وان ننطلق من هذا الواقع لان الحضارة الكردية والحضارة العربية حضارتان متلازمتان منذ مئات السنين ومسؤوليتنا الآن الحفاظ على هاتين الحضارتين التوأم في المنطقة, بالنسبة لنا نحن الشباب قمنا بحراكنا, اما امور السياسة نطلب من كافة السياسيين – وهم المسؤولون عن المرحلة القادمة- وضع برنامج, وضع خريطة او مشروع متكامل يعترف بجميع مكونات الشعب السوري, من ضمنها الشعب الكردي لكي لا تدفع الأجيال خطأ الساسة , لذلك نطلب من جميع الساسة العمل على وضع الخطوط العريضة لمستقبل سوريا و منطقتنا بشكل خاص.