لعل الموقف الروسي، لم يبد هزيلاً ضعيفاً منذ انفكاك الاتحاد السوفييتي، حتى الآن، كما تم منذ نصرته للنظام السوري، حيث أن كل الحجج الباطلة التي يتمترس وراءها حكام روسيا لا صحة لها، لأن رهان روسيا على النظام الإجرامي هو خاسر، ولن يجلب لروسيا إلا تشويهاً في صورتها، وهي في موقع أحوج فيه إلى لعب دور يكفرلها أخطاءها السياسية، في دعم أنظمة الاستبداد ، ومن بينها: صدام حسين- معمر القذافي- بالإضافة إلى النظام السوري المجرم.
روسيا تدرك في قرارتها، أن نظام الأسد بات يسير بخطا سريعة نحو نهايته، وأنه منبوذ عالمياً، وإن كان كل ما قالته المعارضة الوطنية والخارجية عنه غير صحيح، بالرغم من أن هناك آلاف الحالات التي تم توثيقها من جرائم النظام التي تتراوح بين انتهاكات حقوق الإنسان، أو تغذية الإرهاب ورعايته في المنطقة، فإن ذكر مجرد حادثة واحدة من الجرائم الفظيعة التي قام بها ضد أبناء الشعب السوري، منذ انطلاقة الثورة الظافرة، كاف لأن يكون موقع روسيا مع الدولة الداعية إلى إسقاط النظام، والانحياز للثورة.
بدهي أن روسيا، من خلال الفيتو الذي تمارسه ضدَّ أيِّ قرار ولو في الحدِّ الأدنى غير المقبول ضد آلة القمع، فإنها تتصرَّف على هذا النحولابتزاز سوريا، وأن تحصل على رشوة مزدوجة من هذا البلد الذي اعتبر روسا بلداً صديقاً، وها هوعلمها يحرق في كل المدن السورية، وتتجلى ازدواجية هذه الرشوة بأنها تضع يداً في جيب النظام، حالمة بأن تجد لليد الأخرى في جيب الثورة، وأنى لها ذلك؟، فهي تؤسس بنفسها لحرق أوراقها، كاملة، وهو موقع ينسف صورة يفترض أن يكون الروسي أميناً لها، تتعلق بالأفكار التي كانت روسيا حاضناً رئيساً لها، على امتداد بضعة عقود، وإن كان بعض معلمي الرئيس الروسي: بالوكالة” ديمتري ميدفيديف، قد خانوا هذا الإرث منذ كانت الرؤية في مهادها الأول، وإذ اتم اعتبارالصين بلداً اشتراكياً”على طريقته” فإن من حق السوري الذي كان ينادي بصداقة هاتين الدولتين، أن يحس بأن عليه مراجعة حساباته نهائياً، لاسيما وأن الخطأ الذي يتم من قبل روسيا والصين ليس من الأخطاء التي تغتفر كأن ينحصرفي خسارة اقتصادية، ممكنة التعويض، بل إنها خسارة بشرية كبرى، وإن الأسر التي أبيدت بالسلاح الروسي المستورد حديثاً، في ظل “فيتوه” الأسود، هي ضحايا الروس، وإن هذا ما لا ينسى عبر التاريخ، ويظل نقطة سوداء في تاريخ هذا البلد الذي رعى أسوأ أنموذج للإرهاب.
ولعلَّ روسيا تدرك في قرارتها، أنها عندما تخسر سوريا، فهي تخسر كل شيء، في العالم العربي، بل والإسلامي، ناهيك عن أن اسمها يتلطخ بالعار، وإن المواطن الروسي، حتى وإن كان غير راض عن” الطغمة” التي تقود بلده، إلا أنه سيكون مهزوماً في أي حوارحول تقويم سياسة بلده، ومدى مسؤولية كل روسي، لايرفع صوته، عالياً، في وجه استخدام النظام الدكتاتوري الروسي لثلاثة أسلحة روسية هي: الفيتو- السلاح الحربي المتطور- نصرة النظام، ومحاولة إخراجه من مأزقه، عبر سياساته الممسوخة، من خلال الدعوة إلى الحوار، حيث يتم في كل مرة، تلويث ” سمعة” أشخاص تقدمهم روسيا كبيادق، وهم لن يكونوا مقبولين، سورياً، لأنهم لم يتبنوا نبض الثورة، حتى وإن كان لبعضهم نضالاته المعروفة، من قبل، وهذا مايدعو إلى سقوط كل من يتعالى على سؤال الثورة-إن لم يتراجع- وهوما لا يتم من قبله هؤلاء إلا طمعاً بأن يتبوأوا مسؤوليات ما، لأن كل من يعزل نفسه عن الثورة، ويتخذ موقفاً وسيطاً بين الثورة والنظام، حتى وإن كان ذلك بدعوى ذرائع وطنية، فضفاضة، ليس وقتها الآن، فهو يخون هذه الثورة، وما أكثر هؤلاء، أحزاباً وشخصيات..!.
إن الثورة السورية، لابدَّ وتنتصر، لو صارفي مكنة روسيا وحتى الصين أن تحملا مليارات الفيتوات، وهي مسألة كان عليهما معرفتها، انطلاقاً من تجاربهما التاريخية، لأن الفيتو الأعظم على الإطلاق، هو فيتو أطفال سوريا، وأبنائها، وشيوخها، وشبابها، ممّن لا حلَّ لما يحدث في سوريا إلا برحيل النظام المجرم، وهو في المحصلة فيتو الشعب السوري الأصيل الذي يتخذ موقفه من هذا النظام بصوت عال.
والثورة السورية، ستمارس، في الغد القريب، فيتوها تجاه طغمة الحكم في روسيا، وسوف تحرق صورهؤلاء المجرمين، الآن، وإلى وقت طويل، مع صور نظرائهم وأشباههم القتلة المجرمين الذين يبيعون سوريا في المزاد العلني، من أجل كراسيهم، ومكاسبهم، وهم السبب في أية عثرة، نتعرَّض لها، في ما بعد نجاح الثورة، لأنهم فتحوا بوابة وطننا الغالي أمام الدخلاء، على اختلاف هويَّاتهم…..!
روسيا، الآن، باردة،”تحت الصفر” وسمعتها باتت تمرغ في الوحل، ولن يصفِّق لها على هدرها لسمعتها، واسمها، إلا قلة من سفاحي العالم، في الشرق، ممن يعرفون تماماً، أن في سقوط النظام السوري، إيذاناً وعلامة على نهاياتهم الموشكة، حتى وإن حاولوا-منذ الآن- تلويث الأجواء من حولنا، إلا أن لا مستقبل في عالمنا إلا للديمقراطية والحرية والعدالة، رغماً عن أنف كل هؤلاء المرتزقة..!