الموقف الكوردي يقرره الشارع الكوردي

  افتتاحية صوت الكورد *
بقلم هيئة التحرير

شهور عدة والشعب الكوردي في غرب كوردستان ترقب من نخبه السياسية والأكاديمية والفعاليات الوطنية للخروج بموقف كوردي موحد يعبر عن طموحاته وأهدافه المشروعة في ظل تصاعد وتيرة الثورة السورية ضد نظام الاستبداد وآلته القمعية التي تفتك بالشعب السوري دون رادع .

هذه الثورة التي كان الشعب الكوردي سباقا إلى المشاركة فيها واعتبار الكورد جزءا لا يتجزأ منها ومن أهدافها منذ اللحظات الأولى لانطلاقتها ، لاسيما الشباب الثائر الذي وضع نصب عينيه حرية المجتمع الكوردستاني بكل مكوناته ، محطما القيود والاعتبارات التي كانت إلى وقت قريب من المحظورات ولا يسمح بالتعبير عنها ولو شفهيا ، ليس من جانب النظام فحسب بل حتى من جانب البعض ممن تعتبر نفسها اليوم لسان حال الكورد..
 ذلك الشباب الذي أوصل الصوت الكوردي إلى كل بيت في سوريا عبر كلمة آزادي، وهي ترفع العلم الكوردستاني الذي رفع في مهاباد و هولير في شوارع المدن السورية إلى جانب علم الاستقلال السوري ..لكن الخيبة كانت بعد ذلك الانتظار الطويل عندما حلت النسخة الكوردية من النظام الإقصائي للبعث الفاشي وروافده لتطل على الكورد مكرسا سياستها التشتيتية بحق الشعب الكوردي ، ومحاولة اغتصاب الشارع الكوردي بتضحياته الجسام والعبث بها لتوظيفها في خدمة السياسة الحزبية الضيقة ، ضاربا عرض الحائط بكل أهداف وطموحات الشعب الكوردي المشروعة كشعب يعيش على أرضه التاريخية وله كامل الحق في تقرير مصيره وتحديد نوعية شراكته مع الآخرين من أبناء هذا البلد ممن فرض عليهم عنوة العيش ضمن كيان (سوريا).

لقد كانت الآمال معلقة على انعقاد مؤتمرا وطنيا كورديا يلم الشمل الكوردي بمختلف فعالياته ،قادرا على فرز آلية لقيادة النضال الكوردي في غرب كوردستان في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة عموما ولن ما لبث أن اغتصبت المبادرة من أيدي القائمين عليها من قبل البعض لفرض أجندات ملزمة بتنفيذها ،أقلها تحييد الشارع الكوردي من الثورة السورية ، ليتم تفصيل المؤتمر إعدادا وحضورا وقرارات على ضوء تلك الأجندات ، ورغم ذلك فالنتائج التي تمخض عنه المؤتمر لم تنل من عزيمة الشارع الكوردي المنتفض والتواق إلى تجاوز مرحلة الشقاق والتشرذم على أمل الوصول إلى صيغة أكثر شمولا .

فكانت بوادر الأمل تشع من هولير من خلال حرص الأشقاء هناك على مستقبل الشعب الكوردي في غرب كوردستان ، وضرورة جاهزيته للتغيرات المرتقبة في سوريا في المرحلة ما بعد النظام القائم ، وهذا ما بدا واضحا في المواقف التي أبداها سيادة رئيس إقليم كوردستان كاك مسعود بارزاني في أكثر من مناسبة تجاه الوضع الكوردي في سوريا، والتي أكدت على ضرورة وحدة الصف الكوردي وتجاوز عقلية التقوقع والعصبية الحزبية قبل أي شيء..غير انه اتضح مؤخرا بأن الذين اتخذوا القرار بعقد مؤتمرا كورديا مبتورا لازالوا مصممين على السير قدما في ترسيخ الشقاق الكوردي وملتزمين بنهج التسلط والتفرد بالقرار الكوردي .
ليأتي انعقاد كونفرانس هولير للجاليات الكوردية في الخارج الذي انعقد في الفترة الواقعة بين 28-31/يناير 2012  كنسخة فوتوكوبية عن مؤتمر قامشلو المبتور أكتوبر /2011 م مما يعني وبوضوح العمل الجاد من تلك الأطراف التفرد والاستهتار بالقرار الوطني الكوردي ومستقبل الشعب الكوردي في غرب كوردستان،وتنفيذ أجندات تصب في خدمة النظام الذي اختار طريق السقوط بنفسه ،وتقفز على التضحيات الكوردية ومساهمتها في الثورة السورية على مدى الشهور العشرة ، وفرض خيارات لحل القضية الكوردية تجاوزه الشارع الكوردي وعنوان صموده الشباب الثائر الذي ظل متمسكا بخيار التظاهر السلمي منذ بداية الثورة دون مقابل كما يفعل البعض ممن يمنحون أنفسهم حق التكلم باسم الكورد ويتنقلون بين العواصم على حساب دماء الشهداء وتضحيات الصامدين من قوى سياسية وتنسيقيات شبابية وفعاليات اجتماعية ومهنية ،في الشوارع والأزقة ، وهي تقارع حصون الاستبداد وتواجه الحصار والرصاص الحي والغازات السامة.

الذي هو أولى ممن يحق له التحدث باسم الشعب الكوردي ويقرر مصيره.



الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا العدد (365)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….