حسين جلبي
لم أكن يوماً معجباً ببشار الأسد، فقد كان و منذ اليوم الأول الذي رأيته فيه يستفزني، لأن كلامهُ كان جُرعة مُرَّة من العذاب، فمنذ أول حديث له سمعته أضطررت و منذ اللحظات الأولى لإشاحة بصري خجلاً مما كان يتفوه به، و لكني بقيت أحاول التنصت من بعيد عساني أقف على جملة مفيدة تبرر كونه رئيساً للجمهورية في بلادي، و يمتلك كل المناصب العليا في الدولة، لا بل الدولة ذاتها، و لكن عبثاً..
دون جدوى، فكلما سمعته أكثر تكشف لي حجم الجريمة التاريخية التي ترتكب، و بأن كل ما أفلح فيه الأسد هو إثبات إنه ماكنة حديث لا تتعب، أو شخص مضطرب عانى طويلاً من الكبت و الآن جاءته الفرصة ليفك عقده هذه و لكن على حساب راحة السوريين.
دون جدوى، فكلما سمعته أكثر تكشف لي حجم الجريمة التاريخية التي ترتكب، و بأن كل ما أفلح فيه الأسد هو إثبات إنه ماكنة حديث لا تتعب، أو شخص مضطرب عانى طويلاً من الكبت و الآن جاءته الفرصة ليفك عقده هذه و لكن على حساب راحة السوريين.
لذلك قررت التوقف مبكراً عن متابعة ما يتفوه به، فأرحت بذلك نفسي، لكنني أُضطررت للعودة في وقتٍ لاحق لمتابعة بعض حديثه من باب جلد الذات، و ذلك من باب التضامن مع باقي السوريين الذين يُسامون سوء العذاب لمجرد وجوده حيث هو، و قد أضيف إلى ذلك الآن إظهاره لرغبته الدموية في البقاء في مكانه.
تلقى بشار عن والده دستوراً مهلهلاً فضفاضاً، كان بمثابة صك ملكية لسوريا، و كان ذلك الدستور قد صُنع على مقاس الأسد الأب و أجوائه، و لم يرد للكُرد أيَّ ذكرٍ فيه، و بذلك فقد ورثهم الأبن بحكم الأمر الواقع دون أية وثيقة رسمية، و أخذ يدير شؤونهم كباقي السوريين بالمراسيم الجمهورية دون أن يأتي على ذكرهم، الذي إقتصر ذكره على التعاميم السرية و الأوامر المخابراتية.
تأمل بعض الكُرد في دستور بشار خيراً رغم تاريخه الأسود معهم، و كان بعضهم يأمل تغييراً في التوصيف الورقي على الأقل، لكن ذلك لم يحصل، و مع ذلك لم ييأس هؤلاء، فبعد تمهيدٍ من المادة الثامنة التي شطبت و بجرة قلم حزب البعث الملك المتوج على البلاد و العباد، حيث تلقى البعثيون بذلك صفعةً مدوية إبتلعوا حتى صداها، و كأنهم كانوا مجرد جسدٍ ميتٍ تم فقط الإعلان عن وفاته، جاءت المادة التاسعة تقول بأن الدستور يكفل (حماية التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته و تعدد روافده)، فزعم البعض أن الكُرد هم أحد المكونات المقصودين بها، رغم أن هذه المادة قد أغفلت تسمية المكونات و بالتالي فإنها تركت الباب موارباً لإخراج ما تشاء منها من المزرعة الأسدية، و إعتبارها بالتالي ماركة غير وطنية، ليست مستثناة من الحماية فقط، بل محلاً لحرب شعواء و كأنها أعشاب ضارة في الغابة الأسدية.
و كما كانت سياسة الأسد الأب قد تسببت في إلحاق أذىً يصعب جبره بالمواطنين الكُرد، و خاصةً من ناحية تفتيت المجتمع الكُردي و إيجاد شرخٍ عميق فيه، و إدخال قسم من الكُرد في مغامرات خارجية لا ناقة لهم فيها و لا جمل، نجم عنها خسارة الآلاف لحيواتهم، عدا عن الخسائر الجانبية الأخرى، فإن الابن يسير على النهج ذاته مع إدخال بعض التعديلات و خاصةً نقل اللعبة التي كان طرفها الآخر عدواً خارجياً إلى الداخل السوري، لضرب عدوه الداخلي أولاً، و تجنباً للخسائر السابقة التي أدت به إلى فقدانه للورقة الكُردية، فقد بدأت تظهر في المناطق الكُردية ملامح وضع مُريب، حيث بدأ الصفيح الكُردي السوري يجمع على سطحه الساخن تجربتين غريبتين غاية في التناقض، يتم إستيرادهما من المناطق الكُردية المجاورة في تركيا و العراق، و دمدجهما للإستفادة مما يصلح منهما للتطبيق:
تجربة الفرسان (الجحوش): و هو تنظيم أسسه النظام العراقي السابق، و تكون من مجموعة من العملاء الذي جهدوا في تنفيذ سياساته في المنطقة الكُردية العراقية و ضرب الوطنيين الكُرد الذين عجز النظام عن الوصول إليهم، كل ذلك مقابل ثمن أو نفوذ يتلقاه هؤلاء من النظام.
تجربة حُراس القرى (القروجي): و هم عبارة عن لجان شكلتها الحكومة التركية أو شجعت على تشكيلها في المناطق الكُردية التركية لمقاومة نفوذ خصومها و رداً على الأعمال التي قاموا بها، إلا أن هؤلاء مارسوا كالآخرين قتل الكُرد أيضاً و لكن بإسم الدولة و إستغلوا وضعهم لتسوية حسابات عائلية و الإستيلاء على أراضي الآخرين.
إن مخطط ضرب الكُرد ببعضهم البعض، و بالسوريين، يسير اليوم على قدمٍ و ساق، و قد شهدنا حتى الآن حالات قتلٍ و إعتداء على الكُرد بأيادي كُردية، و رغم أن الجميع يعرفون القاتل إلا إنهم يتجنبون الخوض في هويته، بسبب الخوف الذي تحرر منه باقي السوريين أولاً، و لتجنب خلق فتنة و هذا ما سيشجع القتلة ثانياً، لكن في مرحلة ما سيصبح الخوف وراء ظهر الكُرد، لأن خسائرهم ستصبح أكبر بكثير فيما لو قاموا بمواجهة الحقيقة، عندها، و بعد أن يضيق الناس ذرعاً بالقتلة و جرائمهم، ستبدأ المقاومة، لكن الخوف هو أن يصل الكُرد إلى النتيجة ذاتها التي وصل إليها السوريين بعد أحد عشر شهراً من التظاهرات السلمية، من إن النظام و أذياله لا يفهمان السلمية إلا بالقدر الذي تتيح لهم القتل دون حساب، مما يدفعهم ربما مبكراً للبحث عن بدائل أُخرى.
تلقى بشار عن والده دستوراً مهلهلاً فضفاضاً، كان بمثابة صك ملكية لسوريا، و كان ذلك الدستور قد صُنع على مقاس الأسد الأب و أجوائه، و لم يرد للكُرد أيَّ ذكرٍ فيه، و بذلك فقد ورثهم الأبن بحكم الأمر الواقع دون أية وثيقة رسمية، و أخذ يدير شؤونهم كباقي السوريين بالمراسيم الجمهورية دون أن يأتي على ذكرهم، الذي إقتصر ذكره على التعاميم السرية و الأوامر المخابراتية.
تأمل بعض الكُرد في دستور بشار خيراً رغم تاريخه الأسود معهم، و كان بعضهم يأمل تغييراً في التوصيف الورقي على الأقل، لكن ذلك لم يحصل، و مع ذلك لم ييأس هؤلاء، فبعد تمهيدٍ من المادة الثامنة التي شطبت و بجرة قلم حزب البعث الملك المتوج على البلاد و العباد، حيث تلقى البعثيون بذلك صفعةً مدوية إبتلعوا حتى صداها، و كأنهم كانوا مجرد جسدٍ ميتٍ تم فقط الإعلان عن وفاته، جاءت المادة التاسعة تقول بأن الدستور يكفل (حماية التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته و تعدد روافده)، فزعم البعض أن الكُرد هم أحد المكونات المقصودين بها، رغم أن هذه المادة قد أغفلت تسمية المكونات و بالتالي فإنها تركت الباب موارباً لإخراج ما تشاء منها من المزرعة الأسدية، و إعتبارها بالتالي ماركة غير وطنية، ليست مستثناة من الحماية فقط، بل محلاً لحرب شعواء و كأنها أعشاب ضارة في الغابة الأسدية.
و كما كانت سياسة الأسد الأب قد تسببت في إلحاق أذىً يصعب جبره بالمواطنين الكُرد، و خاصةً من ناحية تفتيت المجتمع الكُردي و إيجاد شرخٍ عميق فيه، و إدخال قسم من الكُرد في مغامرات خارجية لا ناقة لهم فيها و لا جمل، نجم عنها خسارة الآلاف لحيواتهم، عدا عن الخسائر الجانبية الأخرى، فإن الابن يسير على النهج ذاته مع إدخال بعض التعديلات و خاصةً نقل اللعبة التي كان طرفها الآخر عدواً خارجياً إلى الداخل السوري، لضرب عدوه الداخلي أولاً، و تجنباً للخسائر السابقة التي أدت به إلى فقدانه للورقة الكُردية، فقد بدأت تظهر في المناطق الكُردية ملامح وضع مُريب، حيث بدأ الصفيح الكُردي السوري يجمع على سطحه الساخن تجربتين غريبتين غاية في التناقض، يتم إستيرادهما من المناطق الكُردية المجاورة في تركيا و العراق، و دمدجهما للإستفادة مما يصلح منهما للتطبيق:
تجربة الفرسان (الجحوش): و هو تنظيم أسسه النظام العراقي السابق، و تكون من مجموعة من العملاء الذي جهدوا في تنفيذ سياساته في المنطقة الكُردية العراقية و ضرب الوطنيين الكُرد الذين عجز النظام عن الوصول إليهم، كل ذلك مقابل ثمن أو نفوذ يتلقاه هؤلاء من النظام.
تجربة حُراس القرى (القروجي): و هم عبارة عن لجان شكلتها الحكومة التركية أو شجعت على تشكيلها في المناطق الكُردية التركية لمقاومة نفوذ خصومها و رداً على الأعمال التي قاموا بها، إلا أن هؤلاء مارسوا كالآخرين قتل الكُرد أيضاً و لكن بإسم الدولة و إستغلوا وضعهم لتسوية حسابات عائلية و الإستيلاء على أراضي الآخرين.
إن مخطط ضرب الكُرد ببعضهم البعض، و بالسوريين، يسير اليوم على قدمٍ و ساق، و قد شهدنا حتى الآن حالات قتلٍ و إعتداء على الكُرد بأيادي كُردية، و رغم أن الجميع يعرفون القاتل إلا إنهم يتجنبون الخوض في هويته، بسبب الخوف الذي تحرر منه باقي السوريين أولاً، و لتجنب خلق فتنة و هذا ما سيشجع القتلة ثانياً، لكن في مرحلة ما سيصبح الخوف وراء ظهر الكُرد، لأن خسائرهم ستصبح أكبر بكثير فيما لو قاموا بمواجهة الحقيقة، عندها، و بعد أن يضيق الناس ذرعاً بالقتلة و جرائمهم، ستبدأ المقاومة، لكن الخوف هو أن يصل الكُرد إلى النتيجة ذاتها التي وصل إليها السوريين بعد أحد عشر شهراً من التظاهرات السلمية، من إن النظام و أذياله لا يفهمان السلمية إلا بالقدر الذي تتيح لهم القتل دون حساب، مما يدفعهم ربما مبكراً للبحث عن بدائل أُخرى.