قراءة في النظام الداخلي لرابطة الكتاب و الصحفيين الكرد في سوريا

حيدر عمر  
  Heyder52@hotmail.de

كثر الجدال في هذه الأيام بين الزملاء الكتاب حول انعقاد مؤتمر (رابطة الكتاب و الصحفيين الكرد في سوريا) على صفحات الشبكة العنكبوتية، التي وفرت لنا خاصية سرعة الاتصال و تبادل الآراء و الأفكار.

ولما كان هذا الجدال يأخذ اتجاهين اثنين؛ أحدهما، وهو رأي الزملاء المبعثرين في دول الشتات، يقترح أو بالأحرى يسعى إلى عقد المؤتمر في هولير، و الآخر وهو رأي الزملاء في الداخل، لا يتفق مع هذا الاقتراح أو المسعى، و يرتأي ضرورة الانتظار ريثما تتهيأ الظروف، فينعقد المؤتمر في الداخل.
أمام هذا الاختلاف في وجهات النظر أو الآراء، أرى أن السبيل الأنسب لدمج الفكرتين و الخروج بفكرة واحدة، تكون في نقطة اللقاء بين الرأيين، هو أن نحتكم للنظام الداخلي الذي من شأن الالتزام به أن يرسي الأساس السليم لبناء هذا الصرح المؤسساتي الذي طال انتظارنا إياه.
في أول قراءة للنظام الداخلى الذي تلقيت نسخة منه، و الذي نُشِر مؤخراً في بعض المواقع الالكترونية نتفاجأ بتناقض واضح فيه بدءاً من البيان الذي أرفق بالنسخة المنشورة مروراً بالمقدمة و كذلك في بعض مواده.
ففي آخر سطر من البيان وردت العبارة التالية “و نرحب بجميع الآراء و المقترحات التي تبدونها على مسودة النظام الداخلي، و على ضوئها سيتم التعديل، و العمل به حتى المؤتمر التأسيسي في وقت سيُعلن عنه”.
إن هذه العبارة تصرِّح بوضوح تام بأن هذا هو مشروع نظام داخلي، قابل للتعديل، و سوف يُعدَّل على ضوء الآراء و المقترحات، ثم إنه، و على فرض أنه قد عُدِّل، لم يتم إقراره في مؤتمر ما، لأن هذا المؤتمر لم ينعقد بعد، بل سوف يُعلن عن انعقاده، و هذا يعني أن الرابطة لم تُؤَسَّس بعدُ، و إنما هي في طور التشاور قبل التأسيس.
أما مقدمة مشروع أو مسودة النظام الداخلي، كما يسميه البيان، فتشير إلى أن الرابطة قد تأسست منذ ما يزيد على سبعة أعوام، إذ تقول المقدمة “وكانت هذه الفكرة قد انطلقت في بداية التسعينيات من القرن الماضي، و مرَّت بظروف و منعطفات كثيرة،  لم تساعد في استمرارية الرابطة إلا بعد عام 2005“.
ها هنا تناقض المقدمةُ البيانَ بوضوح شديد، فهي تؤكد أن الرابطة قد تأسَّست قبل سنة 2005، و إلا لَقالت (الظروف لم تساعد في استمرارية الفكرة) بدل القول (في استمرارية الرابطة).

و مقدمة النظام الداخلي من الوجهة القانونية أقوى حجة من البيان، لأنها جزء من النظام الداخلي الذي هو دستور الرابطة، و لا تتجزَّأ منه.
ثم تأتي بعض مواد النظام الداخلي لتناقض ما أقرته المقدمة، و تعيدنا إلى ما صرَّح به البيان، من حيث أن الرابطة لم تُؤسَّس بعدُ، فقد ورد في الفقرة (ب) من البند (2) من المادة التاسعة التي تحدد شروط الترشُّح لعضوية الهيئة الإدارية ما يلي “قد مضى على انتسابه (أي انتساب العضو) للرابطة مدة لا تقل عن سنتين، و هذا البند يكون سارياً بعد المؤتمر التأسيسي“.
من جهة أخرى، أرى أن هذه الفقرة تناقض نفسها، و وجه هذا التناقض يبدوفي اشتراط الانتساب إلى الرابطة، و هذا يعني أن الرابطة قائمة و مؤسَّسة، إذ لا يُعقَل أن يتم الانتساب إليها و هي غير موجودة، ثم تحدَّد الفقرة نفسها سريان هذا الشرط بعد المؤتمر التأسيسي.

و السؤال هو: كيف تكون الرابطة مؤسَّسة، و مؤتمرها التأسيسي لم ينعقد بعدُ؟.

ثمة سؤال آخر تثيره هذه المادة و كثيرات غيرها، بما أن مؤتمرها التأسيسي لم ينعقد بعدُ، فمن سمّاها (رابطة)؟ هل ثمة سلطة قانونية أقوى من المؤتمر لجهة تسمية هذه المؤسسة الأدبية؟ قد تكون كلمة (رابطة) مُتَداوَلة في النقاشات، و قد تكون مقترَحة من بعض أعضاء الهيئة العامة، لكن المؤتمر قد يكون له رأي آخر، أليس كذلك؟.
المادة الثامنة تتحدث عن الهيئة العامة، و تشير الفقرة (1) منها إلى أنها تتألف (من جميع الأعضاء العاملين) في الرابطة، ولكنها لم تُعرِّف العضو العامل، هل يعتبر العضو عضواً عاملاً منذ تاريخ قبول طلب انتسابه، أو بعد فترة؟ أعتقد أن النظام الداخلي يجب أن يحدد ذلك.

أما الفقرة (2) من هذه المادة، فتنص على أن (الهيئة العامة أعلى سلطة في الرابطة، و تعقد مؤتمراً عادياً كل سنتين)، ولكن الفقرة (1) من المادة التاسعة تجعل للهيئة العامة شريكاً في سلطتها العليا، إذ تقول: “الهيئة الإدارية أعلى سلطة في الرابطة في الفترة ما بين مؤتمرين للهيئة العامة و مدتها سنتان“.

أرى أن هذه الفقرة يجب أن تُعدَّل، بزيادة كلمة (تنفيذية) بعد كلمة (سلطة) إذ لا يُعقل أن تكون هذه الهيئة مساوية في سلطتها لهيئة انتخبتها، و بالتالي أرى أن تُضاف فقرة أخرى إلى البند (5) الذي يبين مهمات الهيئة العامة، بحيث يكون كالتالي: ( الدعوة إلى مؤتمر استثنائي حسب ما يراه ثلثا أعضائها لبحث ما قد يطرأ على وضع الرابطة) و فقرة أخرى تكون بالشكل التالي (حجب الثقة عن أحد أو كل أعضاء الهيئة الإدارية و ذلك في مؤتمر استثنائي و بأغلبية أصوات ثلثي الأعضاء الحاضرين).
ثمة تناقض آخر، لعله أكثر التناقضات الخارجة عن روح النظام الداخلي، و لا يجوز قانوناً باعتبار النظام الداخلي هو الدستور المنظم لهيكلية هذه المؤسَّسة، هذا التناقض يتجلى في أن النظام الداخلي لم يتم إقراره بعدُ، لأن الجهة الوحيدة التي لها حق إقراره هو مؤتمر الهيئة العامة الذي لم ينعقد بعدُ، و يتجلى كذالك في تسمية الهيئة الإدارية التي من المفترض، حسب النظام الداخلي، أن تنتخبها الهيئة العامة التي تلتئم في المؤتمر بعدُ.

و من هنا لا يجوز أن تسمى الهيئة الإدارية الحالية بهذه التسمية، بل يمكن تسميتها بـ(اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي).

و من هنا أيضاً أرى أن توزيع المهام بين أفرادها من رئيس للرابطة و نائب له و أمين السر و غيرهم لا يجد له سنداً قانونياً، و يمكن أن يكون الرئيس رئيساً للجنة التحضيرية و نائبه نائباً لرئيس اللجنة التحضيرية.

و كذلك لا يجوز أن تُقدَّم لهذه اللجنة طلبات انتساب،و لا يحق لها أن تطالب الزملاء الآخرين بتقديم طلبات الانتساب، بل يمكنها كلجنة تحضيرية أن ترسل دعوات الحضور إلى المؤتمر التأسيسي لكل الزملاء الكتاب و الصحفيين، و لها أيضاً، من الناحية الفنية، أن تطالبهم ببيان رأيهم من حيث الحضور أو عدمه.

 
هذا التناقض يزول إذا سلمنا بأن الرابطة هي رابطة مؤسَّسَة سابقاً من خلال مؤتمر تأسيسي أقرَّ هذا النظام الداخلي و انتخب هذه الهيئة الإدارية.
من هنا، و أملاً في التقريب بين وجهتيّ النظر في الداخل و في الشتات، أقترح أن يبقى الزملاء في الشتات بجانب زملائنا في الداخل لجهة تثبيت التأسيس منذ عام 2005، وهذا لا يمنع أن نعمل جميعاً في الشتات من أجل التئام مؤتمرلتأسيس فرع للرابطة يكون مرتبطاً بالداخل، على اعتبارأن الداخل هو الأصل.

إن هذه القراء لا تهدف إلى الإحباط و زرع اليأس في نفوس الزملاء، بل غايتها هي أن تقام هذه المؤسسة التي ننشدها على أساس متين، ، و شعبنا يمر في ظروف عصيبة هو أحوج ما يكون فيها إلى بناء مؤسساته الفكرية و الثقافية و الأدبية و السياسية و الاجتماعية على أسس قانونية واضحة، لتلتقي الجهود كلها عند نشدان الحرية واستعادة الكرامة لهذا الشعب الذي أشاحت الحياة عنه وجهها الجميل حتى اليوم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…