جان كورد
بعد أيامٍ قلائل، يكون قد مضى عام كامل على انطلاقة الثورة السورية المباركة، هذه الثورة التي تعكس رفض شعبٍ كامل، بمختلف مكوناته القومية والدينية واتجاهاته الفكرية والسياسية لاستمرار سيطرة ذهنية استفرادية، اقصائية، وفئوية، في حكم البلاد وفرض سياسات متخلفة عليه، وفي الوقت ذاته، فإن هذه الثورة تعكس التعبير الشعبي عن رفض شعبنا للقوالب الجامدة في التفكير والتخطيط والممارسة السياسية لدى المعارضة السورية ذاتها، ومنها المعارضة الكوردية أيضاً، شاء المحنطون فكرأ وسياسة أم لم يشأوا، فإن جيل الشباب الثائر، سواءً أكان في جنوب دمشق أو شمال حلب، في الجزيرة أو في الساحل السوري، قد انطلق في مسيرته العظيمة هذه ليبني لنفسه مستقبلاً غير الماضي الذي عاش فيه آباؤه وأجداده،
بعد أيامٍ قلائل، يكون قد مضى عام كامل على انطلاقة الثورة السورية المباركة، هذه الثورة التي تعكس رفض شعبٍ كامل، بمختلف مكوناته القومية والدينية واتجاهاته الفكرية والسياسية لاستمرار سيطرة ذهنية استفرادية، اقصائية، وفئوية، في حكم البلاد وفرض سياسات متخلفة عليه، وفي الوقت ذاته، فإن هذه الثورة تعكس التعبير الشعبي عن رفض شعبنا للقوالب الجامدة في التفكير والتخطيط والممارسة السياسية لدى المعارضة السورية ذاتها، ومنها المعارضة الكوردية أيضاً، شاء المحنطون فكرأ وسياسة أم لم يشأوا، فإن جيل الشباب الثائر، سواءً أكان في جنوب دمشق أو شمال حلب، في الجزيرة أو في الساحل السوري، قد انطلق في مسيرته العظيمة هذه ليبني لنفسه مستقبلاً غير الماضي الذي عاش فيه آباؤه وأجداده،
لأنه مخلوق في عصرٍ مختلف عن عصرهم، ولأنه رافق بدايات “العولمة” وتأسيس نظام عالمي جديد، والواعون من الأجيال التي خلقت في غير هذا العصر، وبخاصة بعض الأذكياء الذين نشؤوا وتربوا في ظل النظم القمعية وعاصروا الشمولية السياسية، ولكنهم كانوا في الخندق المعارض لها باستمرار، يدركون الفارق الكبير في أنماط التفكير التي تفرزها اختلافات الزمن، أما المحنطون منهم فهم قابعون في الظلمة التي ولدوا فيها وعاشوا ضمنها، وهم الغالبية – مع الأسف – في صفوف حركتنا السياسية المعارضة، كرديةً كانت او غير كوردية، ومنهم من ظل عقوداُ من الزمن حول الحركة، نصيراً أو مؤيداً، إلا أنه كان طوال عمره أشد محافظة على سلوك الترهل والقنفذة والخوف من الجديد على الدوام، فاجتماعاتهم رتيبة ومملة، ومؤتمراتهم تبدأ بتصفيق شديد للسيد الأمين العام، الذي يعتبر الأب الذي لايخطىء في العائلة، ولايجوز للأبناء منازعته في منصبٍ أو مخاصمته في رأي، ثم تأتي تلك المؤتمرات بتصفيق أشد للسيد الأمين العام، وتأكيد على صحة السياسة المتبعة قبل المؤتمر من قبل القيادة المحنطة أيضاً كتابعيها، وتترك المسائل الساخنة الملحة للمؤتمر القادم وللأمين العام التالي، الذي قد يتسلم مهامه الحزبية بعد عقدٍ أو عقدين من الزمن، في حالة رحيل الزعيم الحالي أو تخليه عن منصبه لأسباب صحية.
وفي الحقيقة، فإن بعضهم أراد لمؤتمر هه ولير (أربيل) للجالية الكوردية من خارج البلاد، المنعقد قبل فترة وجيزة، أن يكون على صورتهم تماماً، تصفيق وتكريس للسياسات السابقة ووضع المشاكل جانباً وصد السبل في وجه الأفكار الجديدة، ووقف الشباب عن مزاحمتهم للعجائز، بمعنى عقد مؤتمر (لاجديد فيه، ولاانتخابات ولا وضع خطة عمل ولا مناقشة ميزانية ولا محاسبة أحد، ولا قبول مقترح من أحد)، وانما الظهور بمظهر المتفقين على كل شيء، من قبل عقد المؤتمر ومن بعده، وبخاصة ما يراه الآباء صحيحاً ومناسباً وهاماً، وهم في الحقيقة من أشد الناس اختلافا وتنازعاً فيما بينهم، والأغرب من كل هذا هو الحرص الشديد لبعضهم على تلاوة “البيان الختامي” للمؤتمر، قبل أخذ مقترحات وتوصيات المؤتمرين بعين الاعتبار، أو حتى بدون قراءتها، ومنها اقتراح خطي مذيل بأسماء أصحابها، جاء من طرف “الشباب” وموقع من قبل غالبية الحاضرين جميعاً (أكثر من 150 من أصل 250 مشارك)، طالب فيه المقترحون المؤتمر بالإعلان عن “الفيدرالية” تفسيراً لمبدأ “حق تقرير المصير للشعب الكوردي في غرب كوردستان”.
فقيل لهؤلاء بأن التوصيات ليست لهذا المؤتمر (مؤتمر الجالية!) وإنما لقيادات الحركة الكوردية في داخل البلاد، حيث عقدت مؤتمراً شبيهاً قبل الآن، إن أخذت بها كان خيراً وإن لم تأخذ بها، فليست نتائج هذا المؤتمر ملزمة لها.
مع الأسف، تبدو المطالبات غير المقترحة من قبل السادة مديري المؤتمرات الكوردية وكأنها محاولات تخريبية للهدوء العام الذي يجب أن يسود لقاءاتهم واجتماعاتهم، وكأن المؤتمرات التي هي قاطرات الأحزاب والحركات، ليس لها هدف سوى تهدئة أهل البيت وتنويمهم، سواءً أكانت في غرفة شبه مظلمة تحت قمع النظم الارهابية أو في دنيا الحرية في العالم المتقدم، أو في مغارات كوردستان، حيث تخفق رايات الثورة فوق رؤوس المؤتمرين، أو في قاعات الجزء المحرر من كوردستان.
والذين يحاولون “مقاطعة!” السادة عمالقة المؤتمرات، بابداء “ملاحظة تنظيمية” أو “لفت نظر إلى خرق ظاهر لأسس المؤتمرات”، وأنا أحد هؤلاء – والحمد لله – فإنه يعتبر في نظر المحنطين فكرياً والتابعين سياسياً لحضرات الأمناء العامين “رقبقجي” بمعنى “مثير القلاقل!”، ولو لم ينضم هؤلاء الرقبقجية إلى المؤتمر – حسب رأي بعض العجائز المصفقين للسيد الأمين العام دون تصفيق – لكان المؤتمر “ناجحاً” مائة بالمائة بلا شك.
في هكذا حركة، أو في هكذا ثورة، أو في هكذا معارضة، حيث لامجال للنقد والنقد الذاتي، لا مجال لسماع الرأي الآخر، ولا مجال لتبني التجديد، يقل عدد الأعضاء والمساهمين باستمرار، لدرجة أن هناك أحزاباً لم يزدد عدد منتسبيها منذ عدة سنوات ولو بخمسة أعضاء مع الأسف، وهناك أحزاب كوردية ذات طلاء براق لايكفي عدد أعضائها لدفع عربة توقف محركها عن العمل.
أما الأتباع المحنطون عقلاً وفكراً فهم سائرون خلف السيد الأمين العام، منتظمين أو موالين، حتى يوم النزول إلى اللحد، وكأن الشرط الأول للوطنية الصادقة هو عدم منازعة القيادة والبقاء خلفها حتى الموت، وهذه في الحقيقة تربية الأحزاب الشمولية، وفي مقدمتها الشيوعية منها، وكذلك التربية الصوفية التي تملي الولاء المطلق للشيخ حتى سمي التابع “مريد” بمعنى “الميت” بين يدي الغسال.
في مثل هذه الأوضاع، لابد من شرح خطورة هكذا “تعفيس” و”تحنيط” و”تقزيم” لمفاهيم التجديد والثورة والتغيير، من قبل المحنطين العجائز وتابعيهم الذين منهم من يجد مجرد القائه كلمةً في المؤتمر “انتصاراً تاريخياً” لأنه لم يكن صاحب رصيد في الحركة الكوردية أو هو دخيل عليها، جاء من خارجها، أو أنه أصبح عميداً للفكر السياسي الكوردي “عن طريق الواسطة” أو “عن طريق الوراثة”…
بل يجب عقد مؤتمرات تصبح مثالاً في ترتيب شؤونها والاعداد لها، في أطروحاتها الجادة والمتنوعة، وفي قدرتها على قبول الجديد وإيمانها بالتجديد والتغيير الحقيقي، وهذا ضروري لحركتنا الوطنية الكوردية، لمعارضتنا السورية، ولثورتنا العارمة المظفرة أيضاً.
وباعتقادي إن شبابنا مؤهل لحمل الأمانة المستقبلية ومدرك لدوره في الحركة السياسية الكوردية والمعارضة الوطنية الديموقراطية والثورة الشعبية، كما أنه يعلم متى عليه السير في مظاهرات سلمية حاشدة ومتى عليه حمل السلاح للدفاع عن دماء المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم.
وفي الحقيقة، فإن بعضهم أراد لمؤتمر هه ولير (أربيل) للجالية الكوردية من خارج البلاد، المنعقد قبل فترة وجيزة، أن يكون على صورتهم تماماً، تصفيق وتكريس للسياسات السابقة ووضع المشاكل جانباً وصد السبل في وجه الأفكار الجديدة، ووقف الشباب عن مزاحمتهم للعجائز، بمعنى عقد مؤتمر (لاجديد فيه، ولاانتخابات ولا وضع خطة عمل ولا مناقشة ميزانية ولا محاسبة أحد، ولا قبول مقترح من أحد)، وانما الظهور بمظهر المتفقين على كل شيء، من قبل عقد المؤتمر ومن بعده، وبخاصة ما يراه الآباء صحيحاً ومناسباً وهاماً، وهم في الحقيقة من أشد الناس اختلافا وتنازعاً فيما بينهم، والأغرب من كل هذا هو الحرص الشديد لبعضهم على تلاوة “البيان الختامي” للمؤتمر، قبل أخذ مقترحات وتوصيات المؤتمرين بعين الاعتبار، أو حتى بدون قراءتها، ومنها اقتراح خطي مذيل بأسماء أصحابها، جاء من طرف “الشباب” وموقع من قبل غالبية الحاضرين جميعاً (أكثر من 150 من أصل 250 مشارك)، طالب فيه المقترحون المؤتمر بالإعلان عن “الفيدرالية” تفسيراً لمبدأ “حق تقرير المصير للشعب الكوردي في غرب كوردستان”.
فقيل لهؤلاء بأن التوصيات ليست لهذا المؤتمر (مؤتمر الجالية!) وإنما لقيادات الحركة الكوردية في داخل البلاد، حيث عقدت مؤتمراً شبيهاً قبل الآن، إن أخذت بها كان خيراً وإن لم تأخذ بها، فليست نتائج هذا المؤتمر ملزمة لها.
مع الأسف، تبدو المطالبات غير المقترحة من قبل السادة مديري المؤتمرات الكوردية وكأنها محاولات تخريبية للهدوء العام الذي يجب أن يسود لقاءاتهم واجتماعاتهم، وكأن المؤتمرات التي هي قاطرات الأحزاب والحركات، ليس لها هدف سوى تهدئة أهل البيت وتنويمهم، سواءً أكانت في غرفة شبه مظلمة تحت قمع النظم الارهابية أو في دنيا الحرية في العالم المتقدم، أو في مغارات كوردستان، حيث تخفق رايات الثورة فوق رؤوس المؤتمرين، أو في قاعات الجزء المحرر من كوردستان.
والذين يحاولون “مقاطعة!” السادة عمالقة المؤتمرات، بابداء “ملاحظة تنظيمية” أو “لفت نظر إلى خرق ظاهر لأسس المؤتمرات”، وأنا أحد هؤلاء – والحمد لله – فإنه يعتبر في نظر المحنطين فكرياً والتابعين سياسياً لحضرات الأمناء العامين “رقبقجي” بمعنى “مثير القلاقل!”، ولو لم ينضم هؤلاء الرقبقجية إلى المؤتمر – حسب رأي بعض العجائز المصفقين للسيد الأمين العام دون تصفيق – لكان المؤتمر “ناجحاً” مائة بالمائة بلا شك.
في هكذا حركة، أو في هكذا ثورة، أو في هكذا معارضة، حيث لامجال للنقد والنقد الذاتي، لا مجال لسماع الرأي الآخر، ولا مجال لتبني التجديد، يقل عدد الأعضاء والمساهمين باستمرار، لدرجة أن هناك أحزاباً لم يزدد عدد منتسبيها منذ عدة سنوات ولو بخمسة أعضاء مع الأسف، وهناك أحزاب كوردية ذات طلاء براق لايكفي عدد أعضائها لدفع عربة توقف محركها عن العمل.
أما الأتباع المحنطون عقلاً وفكراً فهم سائرون خلف السيد الأمين العام، منتظمين أو موالين، حتى يوم النزول إلى اللحد، وكأن الشرط الأول للوطنية الصادقة هو عدم منازعة القيادة والبقاء خلفها حتى الموت، وهذه في الحقيقة تربية الأحزاب الشمولية، وفي مقدمتها الشيوعية منها، وكذلك التربية الصوفية التي تملي الولاء المطلق للشيخ حتى سمي التابع “مريد” بمعنى “الميت” بين يدي الغسال.
في مثل هذه الأوضاع، لابد من شرح خطورة هكذا “تعفيس” و”تحنيط” و”تقزيم” لمفاهيم التجديد والثورة والتغيير، من قبل المحنطين العجائز وتابعيهم الذين منهم من يجد مجرد القائه كلمةً في المؤتمر “انتصاراً تاريخياً” لأنه لم يكن صاحب رصيد في الحركة الكوردية أو هو دخيل عليها، جاء من خارجها، أو أنه أصبح عميداً للفكر السياسي الكوردي “عن طريق الواسطة” أو “عن طريق الوراثة”…
بل يجب عقد مؤتمرات تصبح مثالاً في ترتيب شؤونها والاعداد لها، في أطروحاتها الجادة والمتنوعة، وفي قدرتها على قبول الجديد وإيمانها بالتجديد والتغيير الحقيقي، وهذا ضروري لحركتنا الوطنية الكوردية، لمعارضتنا السورية، ولثورتنا العارمة المظفرة أيضاً.
وباعتقادي إن شبابنا مؤهل لحمل الأمانة المستقبلية ومدرك لدوره في الحركة السياسية الكوردية والمعارضة الوطنية الديموقراطية والثورة الشعبية، كما أنه يعلم متى عليه السير في مظاهرات سلمية حاشدة ومتى عليه حمل السلاح للدفاع عن دماء المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم.
06 آذار، 2012