توحيد الصف الكردي ضـرورة وطنيـة وقومـيـة

  افتتاحية آزادي

يكتبها سكرتير الحزب


  عانت الحركة السياسية الكردية في سوريا خلال السنوات الماضية من حالة الانقسام والتشرذم والتشتت… في صفوفها ، نتيجة ظروف وعوامل موضوعية وذاتية عديدة – لسنا يصدد الدخول في تفاصيلها الآن – ساهمت جميعها في إضعافها وهزالها وترهلها… وخلقت فجوة كبيرة وواسعة بينها وبين الشارع الكردي.

  وكنتيجة طبيعية لهذه الحالة ، لم تستطع الحركة السياسية الكردية ، من القيام بمهامها والتصدي لمسؤولياتها الوطنية والقومية على حد سواء ، رغم الحصار والخناق الكبير على الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد ، وازدياد القمع الأمني والاستبداد السلطوي ، وغياب الحريات الأساسية وسيادة القانون ، وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين ، وتفشي ظاهرة الفساد والنهب والرشوة والمحسوبية..

،
 ورغم اشتداد وتصاعد وتيرة الاضطهاد القومي بحق الشعب الكردي الناجمة عن السياسة الشوفينية وإفرازاتها السلبية من المشاريع والقوانين العنصرية والتمييزية والإجراءات والتدابير الاستثنائية ، كالإحصاء الاستثنائي والحزام العربي والمراسيم التشريعية والقوانين الخاصة بتملك العقارات وقرارات الفصل والتسريح التعسفيين بحق الطلبة والعمال الكرد وممارسة مختلف أنواع الضغوطات بحق النشطاء والمناضلين الكرد وملاحقتهم واعتقالهم بدون وجه قانوني وتعذيبهم جسدياً ونفسياً وتصفية البعض منهم وتقديم البعض الآخر للمحاكم الصورية العادية والاستثنائية والحكم عليهم بعقوبات قاسية جداً.

  ومع أن الحركة السياسية الكردية ، حاولت وفي فترات زمنية مختلفة الخروج من حالتها غير المرضية والمأزومة تلك ولملمة صفوفها وتوحيدها، من خلال تجارب عديدة كالتحالف والجبهة ولجنة التنسيق والمجلس السياسي، إضافة إلى تجارب عديدة أخرى في مجال الوحدات التنظيمية الاندماجية، إلا إنها جميعاً لم تحقق ذلك النجاح المطلوب، ولم ترتقِ إلى مستوى تلبية آمال وطموحات أبناء الشعب الكردي في سوريا، في الوصول إلى مستوى تشكيل وبناء مرجعية سياسية قومية عامة وشاملة تضم جميع فئات الشعب الكردي وقطاعاته المختلفة وأحزابه وتياراته السياسية، تكون قادرة على تمثيله والتعبير عن إرادته وطموحاته وتطلعاته القومية المشروعة.

  ومنذ اندلاع شرارة الثورة السورية المنادية بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والكرامة الإنسانية، وإنهاء النظام الاستبدادي الشمولي الحاكم ببنيته التنظيمية والسياسية والفكرية وتفكيك الدولة الأمنية وبناء دولة ديمقراطية تعددية برلمانية، كان أبناء الشعب الكردي من المساهمين والمشاركين الأوائل فيها، معتبرين أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من هذه الثورة المباركة ومن أهدافها النبيلة، ولا سيما جيل الشباب الثائر الذين أظهروا قوة وإرادة وتصميماً كبيراً جداً وأثبتوا وعياً وطنياً وقومياً نادراًً وجعلوا من أنفسهم قرابين على طريق الحرية، حيث برزت الحاجة مجدداً وأكثر من أي وقت آخر مضى للعمل من أجل رص الصف الكردي وتوحيده، ليكون أكثر تنظيماً وقوة وفعالية، في الثورة السورية وتحقيق أهدافها الوطنية وتأمين الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي.

وقد شكل انعقاد المؤتمر الوطني الكردي في 26 / 10 / 2011 خطوة هامة وايجابية على الطريق الصحيح، رغم بعض النواقص والأخطاء التي رافقت عملية التحضير له وآليات عمله في المرحلة الماضية.
 ويعقد أبناء الشعب الكردي على هذا المؤتمر والمجلس الوطني الذي انبثق عنه  الآمال الكبيرة والعريضة ليكون على مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه ويصبح مرجعية قومية شاملة للشعب الكردي في سوريا ، من خلال العمل على تنظيم وإقامة الحوارات الفعالة والبناءة مع جميع الأطر والأحزاب والتيارات السياسية الكردية والفعاليات الشبابية والاجتماعية والثقافية والحقوقية، في المجتمع الكردي غير المنضوية فيه، من أجل الوصول معاً إلى صيغة مقبولة للتعاون والتنسيق والعمل المشترك، تنسجم مع ظروف هذه المرحلة الدقيقة والهامة جداً بعيداً عن عقلية التهميش والإقصاء والإلغاء، وغيرها من الأساليب الشمولية التي عفى عنها الزمن.
  ولا بد لنا أن نؤكد هنا بأن النظام السوري يعمل جاهداً بكل ما في وسعه وبمختلف الوسائل والأساليب، لإثارة الخلافات والصراعات الكردية – الكردية، وضرب أسس وعوامل التفاهم المشترك بين الأطراف والتيارات السياسية الكردية المختلفة، وضرب السلم الأهلي في المناطق الكردية، من خلال سلسلة الجرائم والممارسات الإرهابية التي حدثت وتحدث في المناطق الكردية من اغتيال بعض المناضلين الكرد البارزين (الشهيد مشعل التمو، الشهيد نصر الدين برهك، الشهيد الدكتور شيرزاد حج رشيد.) ، وتهديد بعضهم الآخر بالتصفية الجسدية، من أجل إضعاف الحراك الكردي في الثورة السورية ومنع الكرد من تحقيق أي مكاسب قومية.
  ونعتقد أن الرد السليم والأنسب والعملي على مخططات النظام وأساليبه الخبيثة هذه، يكمن في ممارسة أقصى درجات الحذر واليقظة والحيطة وضبط النفس وعدم الانجرار وراء ألاعيبه ومؤامراته تلك، والعمل على تعزيز الحوار الأخوي بين الأحزاب والتيارات والأطر السياسية الكردية المختلفة، وإيجاد صيغة من التعاون والتنسيق بينها ورص صفوفها وتوحيدها.

وكلنا أمل وثقة بأن شعبنا الكردي بقيادة حركته السياسية قادر على تجاوز هذه المرحلة المفصلية في تاريخه بوعي كبير وحس عال بالمسؤولية وتفويت الفرصة على النظام القمعي الاستبدادي وأدواته الرخيصة للنيل من تصميمه وعزيمته وإرادته النضالية من اجل الحرية والتغيير الديمقراطي وتأمين حقوقه القومية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…