بارعون في الضحك على الذقون.. نحن الكرد!!

عمر كوجري

أفرزت الثورة السورية التي تقترب بعد أيام قلائل من عامها الأول عدداً من المعطيات التي لم تكن لتتحقق حتى في الخيال، وقبل عام من الآن ما كان أحد مهما شط به الخيال، وتسلّح بتفاؤل الشعراء لما صدق ما يشاهده يومياً وعلى مختلف المستويات، مستويات الدماء الجارية وحجمها الفظيع كل يوم، مستوى الإرادة الأسطورية للشعب السوري، وعدم رفعه الراية البيضاء رغم التضحيات  الجسام، ومستوى الفلتان أيضاً على مستويات عديدة كبزوغ أحياء شعبية كثيرة في أيام قلائل مستغلة الوضع المستجد ونوم البلديات، والارتفاع الهائل لأسعار معظم المواد دون رقيب أو حسيب، والهبوط الكبير لقيمة الليرة السورية أمام الدولار، وغيرها الكثير حيث المجال يضيق بحصرها في هذا المقام.
  ومن ضمن استحقاقات الفلتان الحاصل، و«لنحصره كردياً كي ينسجم مع عنوان المساهمة» عودة العديد من الساسة والقادة الكرد إلى ميدان العمل و« النضال» دون أن يُسألوا أو يتوقفوا في أي مطار، أو موقف بولمانات، منهم من كان ينتظره السجن، ومنهم من كان مطلوباً لأكثر من جهة أمنية، ومنهم من كان فاراً من « وجه العدالة» ومنهم ومنهم!!

 والاستحقاق الآخر الذي عُدّ في خانة الفلتان الحاصل نزوع بعض القوى والتيارات السياسية إلى إنشاء مجالس شعبية « الاتحاد الديمقراطي» وفيما بعد « المجلس الوطني الكردي السوري» ولا أدري من سينبري بعد أيام أو أسابيع ليعلن هو أيضاً عن تشكيل مجلس للشعب، أو برلمان!! وما في حدا أحسن أو أبطل ” من البطولة وليس البطلان” من حدا.
 كل هذا تمَّ تسويقُه بدعوى ملء الفراغ حالما تتضعضع أركان النظام الحالي، ويحدث فراغ وظيفي ،وأمني وما شاكلهما في المنطقة الكردية، وتقتضي الضرورة – بحسب هؤلاء- ملء ذلك الفراغ، دون أن يستمع أصحاب هذه القرارات لمن يقول لهم: يا أخي لـ يجي الصبي بنصلي ع النبي.
أمس، سمعنا بفتح مدارس لتعليم اللغة الكردية في المناطق والقصبات الكردية، دون أن نقتنع أو  نسمع أن المعلمين الذين يعلّمون الكرد لغتهم مجازون متخصصون في تعليم الكردية، ومن أية جامعة تخرجوا، ودون أن نسمع أن الدولة أو النظام قد رخّص رسمياً وبقانون أو مرسوم أو أية طريقة أخرى حتى تأخذ هذه المدارس شرعيتها وقوتها القانونية رغم أنه لم يأت على أي ذكر لا للكرد أو أية قومية أخرى في الدستور الجديد، واللغة الرسمية الأولى والأخيرة هي اللغة العربية!!  
واليوم نسمع أن الكرد بادروا إلى تغيير الأسماء المعرّبة للقرى والمدن والكردية تحت شعار لا لتعريب المنطقة الكردية، في « إطار الحملة التي أطلقتها مؤسسة اللغة الكردية قبل أسابيع لإعادة الأسماء الأصلية للقرى والمدن الكردية وذلك كخطوة على طريق إنهاء جميع مظاهر التعريب في المناطق الكردية»
أيها السادة الأجلاء، النظام مشغول حالياً باستحقاق أهم يعرفه هو، ويعرفه الآخرون، ولا وقت لديه حالياً لخوض « ترّهات كهذه» مع أي كان، لديه حالياً معركة مصير، لذا كل ما تنسجونه الآن ليس مفيداً لا للكرد ، ولا لشريكهم الأخ الكبير، فمحاربة التعريب لا تتم بهذه الطريقة، ينبغي أن يكون ثمة شريكان يتفقان، وهذه الشراكة غائبة في الظرف الراهن.
الموضوع ليس بوضع حاجز« أمني» يقول بالكردية أو العربية: قف للتفتيش مع وضع علم يرفرف الآن، وغداً ؟؟؟ أو بتغيير «قارمة» عفرين أو ديرك من العربية إلى الكردية، ويأتي عنصران بعد يوم، ويزيلان كل الموجود دون أن يتواجد في المكان من يدافع عن  مأثرة أمس.


الموضوع أكبر من هكذا تصرف، رغم احترامي وتقديري للنيات الصافية التي يحملها البعض بين جوانحهم، لكن هذا على الأقل في التوقيت الراهن نوع من الضحك على الذقون.
نعم، نحن الكرد، من يوم يومنا، نهيم بالشّعر والخيال، ومفصولون عن الواقع، لهذا خسرنا كثيراً وكثيراً جداً منذ غابر التاريخ وإلى اللحظة، ونحن نتهجى الحروف، ولا وقت للأستاذ ليصبر على بطئنا في التهجية، وتأتآتنا وخرسنا التاريخي الطويل!!
 نضحك على ذقون بعضنا البعض الآن، وننتظر من يحمل غداً شفرة أصلية لـ « يقش» الذقن وربما الخد وباقي الوجه في لحظة غضب، دون أن يستمزج رأينا: هل نريدها سكسوكة أو  سوالف أو شوارب كثة أو خفيفة ؟؟
 الحلاقون المشهورون عادة، لا وقت لديهم في الغالب لغنج ودلال الزبائن.


emerkoceri@gmail.com
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…