منذ سنوات طوال ينادي كلّ سياسيّ، وكاتب، ومثقفٍ، وقلم، ومواطن، وكلّ حزب وجماعة، إلى توحيد الصّف الكردي سياسياً، وتنظيمياً، للارتقاء إلى مستوى الطموح الكردي، وحقوقه السياسة كشعبٍ يعيش على أرضه التّاريخية منذ مئات السنين، وكان ذلك أحدَ أهمّ المطالب اليومية، والمستقبلية للشعب الكردي، نادى به الكردي البسيط، والسياسيّ، والمؤتمرات الحزبية، والمحافل الخطابية، إلى درجةٍ أصبحنا نغنّي بالوحدة الكردية، في مناسبة أو غير مناسبة (bijy yekytya gele kurd)
وما يتردّد هنا وهناك عن احتمال حدوث انقسامٍ في المجلس الوطني الكردي، أو انضمامه إلى المجلس الوطني السوري، مسألة مثيرة للجدل، ولا يمكن عدّه مجرّد تكهنات شخصية.
لكن يمكن القول بأنّ المجلس مازال متماسكاً، وليس هناك أيّ تخوّفٍ من انقسامٍ محتمل، إلا إذا كانت ثمّة أجندات خفية قد تظهر فجأة نتيجة تقلبات سياسية، أو مصالح معينة قد تفرض نفسها على المشهد السياسي، وتعرقل عمل المجلس أو تقوّضه لاحقاً، وهذا الأمر مستبعدٌ في الوقت الحالي.
أما ما يتعلّق بانضمام المجلس الكردي إلى المجلس الوطني السوري، فليس هناك قرارٌ بذلك، وموقف المجلس الكردي واضح بهذا الشأن، التعاون مع الأطراف الأكثر استجابة مع الحق الكردي، وإذا انبرت أصواتٌ أو دعوات تدعو إلى ذلك يمكن مناقشة المقتَرَح في حينه.
لكن ومن جانب آخر على المجلس الكردي أن يكونَ كائناً حيوياً قابلاً لتطوير نفسه، واستيعاب جميع التطورات المحتملة بدقة، وعدم الانكفاء في لباسه القديم، لحظة الولادة.
فالحيوية ليست في الهيكل الشكلي الذي قد يعيق ارتقاءه، إنّما في قراءة الأحداث نقداً وفهماً وتحليلاً، ومعرفة الخطوة السياسية اللازمة في الوقت المناسب، واتّخاذ القرار السليم مع وضع المصلحة القومية والوطنية العليا في الاعتبار، وهذا يتطلّب المرونة السياسية في قبول القوى الأخرى، بغض النّظر عن حجمها أو قوتها، فالوقتُ أكثر حدّة من سيفِ التماطل والتّردّد، وفشل الكرد في هذه الظروف سيضعُ مصير الشعب الكردي على كفّ الكارثة.