حسين جلبي
تمر اليوم الذكرى الثامنة لإنتفاضة 12 آذار في القامشلي و بقية المناطق الكُردية، و أماكن التجمعات الكُردية في المدن و البلدات السورية.
ففي ذلك اليوم، و نتيجة لسياسات التفرقة الخبيثة التي كان و لازال النظام يتبعها، و في ظل حالة الإحتقان التي سببتها تلك السياسات، تحول حدثٌ عادي هو لقاء رياضي بين فريقي مدينتين سوريتين جارتين هما القامشلي و ديرالزور، و الذي كان يُفترض به أن يكون سبباً لمزيد من التعارف و التقارب بينهما، تحول ذلك الحدث إلى شرارة أشعلت تلك الإنتفاضة،
تمر اليوم الذكرى الثامنة لإنتفاضة 12 آذار في القامشلي و بقية المناطق الكُردية، و أماكن التجمعات الكُردية في المدن و البلدات السورية.
ففي ذلك اليوم، و نتيجة لسياسات التفرقة الخبيثة التي كان و لازال النظام يتبعها، و في ظل حالة الإحتقان التي سببتها تلك السياسات، تحول حدثٌ عادي هو لقاء رياضي بين فريقي مدينتين سوريتين جارتين هما القامشلي و ديرالزور، و الذي كان يُفترض به أن يكون سبباً لمزيد من التعارف و التقارب بينهما، تحول ذلك الحدث إلى شرارة أشعلت تلك الإنتفاضة،
فبعد أن حدثت بعض المشاحنات بين جماهير الفريقين و إنتهت بعد وقتٍ قصير من بدأها، قامت قوات الأمن و دون سابق إنذار بإطلاق النار على الجماهير الكُردية، و كأنها كانت تنتظر الفرصة لذلك، و تبحث عن المبرر للقيام به، إن لم يكن قد خططت له بعناية، فرد المواطنون الكُرد بتظاهرات عارمة، لم تلبث ان إنتقلت إلى كافة المُدن و القرى و التجمعات الكُردية في المدن السورية و منها دمشق، فخرج مئات الآلاف للتظاهر ضد النظام، و حدثت صدامات مع قوات الأمن، تكرر فيها إطلاق النار على المتظاهرين، الذين ردوا بإحراق و تحطيم الكثير من رموز النظام، و حرق صور رئيسه و صور والده و تماثيله، و أدى ذلك في المحصلة إلى إستشهاد أكثر من ثلاثين مواطناً و جرح المئات و إعتقال الآلاف و التنكيل بهم، و من ثم نهب البيوت و المحال التجارية الكُردية، و محاصرة المدن الكُردية بقوات الجيش المدججة بأسلحتها الثقيلة.
و لشدة غباء النظام، و بدلاً من تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أسباب الإنتفاضة، و معالجتها، و معاقبة من قام بإطلاق النار على المواطنين العزل، فإنه قد أمعن في التنكيل بالمواطنين الكُرد، من خلال تشديد إجراءاته العنصرية، بتصعيد محاربة اللغة الكُردية، و تسريع إفقار المناطق الكُردية، و خاصةً من خلال إصدار المرسوم الجمهوري رقم 49/2008 الذي إعتبر المناطق الكُردية جميعها مناطق حدودية، و منع إجراء أي تصرف قانوني على العقارات فيها إلا بموجب ترخيص وضعت دونه عوائق كثيرة، فكان هذا المرسوم و بسبب تزامنه مع الجفاف الذي ضرب المنطقة لعدة سنوات سبباً في هجرة عشرات الآلاف لبيوتهم، و تشكل ما أُطلق عليه لاحقاً ظاهرة أكراد الخيام، الذين لجأوا للعيش في أطراف المدن الكبرى و منها دمشق، في ظروف صعبة للغاية، كما تم فصل الموظفين و الطلاب الكُرد أو نقلهم إلى أماكن بعيدة عن مناطق سكناهم، و كذلك اللجوء إلى السلاح في مناسبات عديدة أُخرى ضد الكُرد، نتج عنها سقوط شهداء و جرحى.
و هكذا كانت الإنتفاضة الكُردية ربيعاً مبكراً مصغراً للربيع السوري الكبير الذي نشهده اليوم، سبق الكُرد فيها باقي السوريين في تحطيم جدار الخوف، و كشفوا الغطاء عن هشاشة النظام السوري و وحشيته، لكن النظام نجح في الإستفراد بتلك الإنتفاضة و تشويهها سورياً نتيجة نجاحه في تقطيع أوصال سوريا، و عزلها عن بعضها البعض، و ساعده في ذلك التعتيم الإعلامي الشديد و إنشغال العالم بالغزو الأمريكي للعراق، و ها هو يحاول اليوم تشويه سمعة الثورة السورية من خلال آلته الدعائية الصدأة، و هو ما لن ينجح فيه أبداً.
إن قيام النظام السوري بوضع صخرةً كبيرة على أزاهير آذار 2004 لم يقتلها، و لم يقضي على طموحها في معانقة الشمس، حيث تمكنت بعد أعوامٍ قليلة من إحداث تشققات في تلك الصخرة الصلدة و تفتيتها، فها هو الربيع السوري يزهر في كل مكان من سوريا الحبيبة، و لم يبق سوى إزالة الإعشاب الضارة لتصبح الحديقة السورية أكثر جمالاً و بهاءً.
إن إنطلاقة الثورة السورية قبل عامٍ من الآن له دلالاته العميقة على الصعيد السوري عموماً و الكردي خصوصاً، فبالإضافة إلى عملية إكتشاف الآخر، الشريك في الوطن، جاءت الثورة السورية لتنقذ ما تبقى من وجود كُردي في سوريا، إذ وضعت هذه الثورة حداً لإستفراد النظام بهذا المكون السوري الأصيل، و لسلسلة طويلة من الإجراءات العنصرية المقيتة التي كانت ترمي إلى إستئصاله، و حقيقة الأمر فإن تأخر الثورة السورية أكثر من ذلك كان سيؤدي ربما إلى القضاء على الوجود الكُردي السوري و حرمان سوريا من هويتها كوطن يقوم على التنوع، لذلك رد الكُرد الجميل للثوار السوريين و سارعوا إلى الإشتراك في الثورة منذ الأيام الأولى لبدأها، و قدموا الشهداء قرابين على مذابح الحرية، و لا بد من تسجيل أن الكُرد هم أول من قطف بعض ثمار الثورة حين أدت تضحيات السوريين إلى إعادة الجنسية السورية إلى مئات الآلاف منهم و الذين كان النظام قد حرمهم منها طوال عقود، كما تهاوت الكثير من الإجراءاته العنصرية المطبقة بحقهم، و رغم أن النظام قد حاول تجيير هذه الأمور لنفسه، و إظهارها و كإنها منْة منه، في محاولة فاشلة لتحييد الكُرد، إلا أنه فشل في ذلك، و خابت مساعيه.
اليوم عندما يسمع المرء شعارات التضامن بين المدن السورية من القامشلي إلى دير الزور إلى باقي المدن السورية، يتذكر كم هي عظيمة ثورتنا هذه التي غسلت القلوب و إزالت دفعةً واحدة كل ما زرعه النظام من فتن بين السوريين، كما أزالت كل المخاوف و الشكوك التي لم تكن سوى و هماً أوهى من بيت العنكبوت، يعيش فيه النظام ليتصيد السوريين واحداً بعد الآخر.
الثورة السورية ستنتصر، و لن ينجح النظام في إخمادها و في جعل المكونات السورية تنكفأ على نفسها ثانيةً، ليعود و يستفرد بها مرةً أُخرى، لأن الشعب السوري رفع شعار الوحدة الذي آمن به طريقاً للخلاص من الدكتاتورية، و هو ما هو بصدده الآن.
و لشدة غباء النظام، و بدلاً من تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أسباب الإنتفاضة، و معالجتها، و معاقبة من قام بإطلاق النار على المواطنين العزل، فإنه قد أمعن في التنكيل بالمواطنين الكُرد، من خلال تشديد إجراءاته العنصرية، بتصعيد محاربة اللغة الكُردية، و تسريع إفقار المناطق الكُردية، و خاصةً من خلال إصدار المرسوم الجمهوري رقم 49/2008 الذي إعتبر المناطق الكُردية جميعها مناطق حدودية، و منع إجراء أي تصرف قانوني على العقارات فيها إلا بموجب ترخيص وضعت دونه عوائق كثيرة، فكان هذا المرسوم و بسبب تزامنه مع الجفاف الذي ضرب المنطقة لعدة سنوات سبباً في هجرة عشرات الآلاف لبيوتهم، و تشكل ما أُطلق عليه لاحقاً ظاهرة أكراد الخيام، الذين لجأوا للعيش في أطراف المدن الكبرى و منها دمشق، في ظروف صعبة للغاية، كما تم فصل الموظفين و الطلاب الكُرد أو نقلهم إلى أماكن بعيدة عن مناطق سكناهم، و كذلك اللجوء إلى السلاح في مناسبات عديدة أُخرى ضد الكُرد، نتج عنها سقوط شهداء و جرحى.
و هكذا كانت الإنتفاضة الكُردية ربيعاً مبكراً مصغراً للربيع السوري الكبير الذي نشهده اليوم، سبق الكُرد فيها باقي السوريين في تحطيم جدار الخوف، و كشفوا الغطاء عن هشاشة النظام السوري و وحشيته، لكن النظام نجح في الإستفراد بتلك الإنتفاضة و تشويهها سورياً نتيجة نجاحه في تقطيع أوصال سوريا، و عزلها عن بعضها البعض، و ساعده في ذلك التعتيم الإعلامي الشديد و إنشغال العالم بالغزو الأمريكي للعراق، و ها هو يحاول اليوم تشويه سمعة الثورة السورية من خلال آلته الدعائية الصدأة، و هو ما لن ينجح فيه أبداً.
إن قيام النظام السوري بوضع صخرةً كبيرة على أزاهير آذار 2004 لم يقتلها، و لم يقضي على طموحها في معانقة الشمس، حيث تمكنت بعد أعوامٍ قليلة من إحداث تشققات في تلك الصخرة الصلدة و تفتيتها، فها هو الربيع السوري يزهر في كل مكان من سوريا الحبيبة، و لم يبق سوى إزالة الإعشاب الضارة لتصبح الحديقة السورية أكثر جمالاً و بهاءً.
إن إنطلاقة الثورة السورية قبل عامٍ من الآن له دلالاته العميقة على الصعيد السوري عموماً و الكردي خصوصاً، فبالإضافة إلى عملية إكتشاف الآخر، الشريك في الوطن، جاءت الثورة السورية لتنقذ ما تبقى من وجود كُردي في سوريا، إذ وضعت هذه الثورة حداً لإستفراد النظام بهذا المكون السوري الأصيل، و لسلسلة طويلة من الإجراءات العنصرية المقيتة التي كانت ترمي إلى إستئصاله، و حقيقة الأمر فإن تأخر الثورة السورية أكثر من ذلك كان سيؤدي ربما إلى القضاء على الوجود الكُردي السوري و حرمان سوريا من هويتها كوطن يقوم على التنوع، لذلك رد الكُرد الجميل للثوار السوريين و سارعوا إلى الإشتراك في الثورة منذ الأيام الأولى لبدأها، و قدموا الشهداء قرابين على مذابح الحرية، و لا بد من تسجيل أن الكُرد هم أول من قطف بعض ثمار الثورة حين أدت تضحيات السوريين إلى إعادة الجنسية السورية إلى مئات الآلاف منهم و الذين كان النظام قد حرمهم منها طوال عقود، كما تهاوت الكثير من الإجراءاته العنصرية المطبقة بحقهم، و رغم أن النظام قد حاول تجيير هذه الأمور لنفسه، و إظهارها و كإنها منْة منه، في محاولة فاشلة لتحييد الكُرد، إلا أنه فشل في ذلك، و خابت مساعيه.
اليوم عندما يسمع المرء شعارات التضامن بين المدن السورية من القامشلي إلى دير الزور إلى باقي المدن السورية، يتذكر كم هي عظيمة ثورتنا هذه التي غسلت القلوب و إزالت دفعةً واحدة كل ما زرعه النظام من فتن بين السوريين، كما أزالت كل المخاوف و الشكوك التي لم تكن سوى و هماً أوهى من بيت العنكبوت، يعيش فيه النظام ليتصيد السوريين واحداً بعد الآخر.
الثورة السورية ستنتصر، و لن ينجح النظام في إخمادها و في جعل المكونات السورية تنكفأ على نفسها ثانيةً، ليعود و يستفرد بها مرةً أُخرى، لأن الشعب السوري رفع شعار الوحدة الذي آمن به طريقاً للخلاص من الدكتاتورية، و هو ما هو بصدده الآن.
* المقال عبارة عن كلمة قمت بإلقاء أجزاء منها باللغتين الكُردية و العربية في إعتصام الجالية السورية الذي أُقيم اليوم في هانوفر بمناسبة الذكرى الثامنة لإنتفاضة الشعب الكُردي و الذكرى الأولى للثورة السورية.