من أجل حماية المدنين

د.عبدالحكيم بشار /وجهة نظر شخصية

إنّ ممارسات النظام السوري المتسمة بالبطش واستخدام مفرط للقوة تجاوزت فيها كل القيم الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية، يدل ذلك ليس فقط على مدى دموية ودكتاتورية هذا النظام وسعيه البقاء في السلطة على بحر دماء السوريين بل أيضاً يدل على أنّ النظام يعيش حالة ضعف مما يدفع به للاستخدام الأقصى للقوة ويدل أيضاً على تجرده من القيم الإنسانية ولم يعد يميّز بين ناشط وطفل وامرأة وكهل بل بات القصف والقتل عشوائياً سياسة ممنهجة لديه فارتكب العديد من المجازر الجماعية ومنع كل مستلزمات الحياة من ماء و كهرباء وخبز ودواء عن أحياء ومدن بكاملها مما زاد من معاناة الناس لدرجة كبيرة وباتت أماكن عدة في سوريا منكوبة فعلاً.
إزاء هذا الوضع الإنساني من استمرار وتصعيد القتل وتدهور للحالة الإنسانية في مناطق عدّة لم يعد مقبولاً للمجتمع الدولي البقاء متفرجاً إزاء ما يحصل أو الاكتفاء ببيانات وإدانات لا توقف القتل ولا تعالج الحالة الإنسانية للمنكوبين الأمر الذي يقتضي من المجتمع الدولي التحرك سريعاً خاصة ونحن مقبلون على فصل الصيف حيث قد يسبب هذا الوضع في انتشار أمراض وأوبئة خطيرة خاصة بين الأطفال .
لذا اعتقد أنّ الوقت قد حان لتحرك دولي لحماية المدنين وذلك من خلال توفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات للمنكوبين وإذا رفض النظام ذلك وسيرفض بالتاكيد فعلى المجتمع الدولي استخدام كل الوسائل لتحقيق ذلك وكذلك اعتقد أنّ إنشاء مناطق عازلة بات أمرا ضرورياً لحماية المدنين الذين يفرون من بطش النظام والقصف العشوائي للجيش النظامي على مناطق آهلة ومكتظّة بالسكان وإقامة هذه المنطقة يجب أن يتحقق وينفذ سواء وافق النظام أم لا، لأنّه بدون هذه المنطقة يعني تعرّض حياة مئات الآلاف إن لم نقل الملايين للخطر الحقيقي.
إنّ إرادة المجتمع الدولي يجب أن لاترتهن لإرادة دولتين هما (روسيا-الصين) والبقاء متفرجاً بل اعتقد أنّ تحرّك المجتمع الدولي بقوة نحو حماية الشعب السوري بخطوات عملية سوف يربك كثيراً الموقف الروسي وسيدرك أنّ المجتمع الدولي لن يبقى أسيراً لإرادته وفيتواته وحينها قد تعيد النظر في هذه المواقف حينما ترى أنّ المجتمع الدولي لديه الاستعداد والقوة والقدرة على التحرك خارج إرادته، أمّا حينما يرضخ المجتمع الدولي لإرادة الروس فهذا يجعلهم أكثر تمسكاً بمواقفهم وأكثر ابتزازاً للمجتمع الدولي الذي يجب عليه أن يتحرر من إرادة الروس .
24/3/2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…