فرمز حسين
بعد صدور القرار الأممي من مجلس الأمن، الذي لايعتبر قرارا رابطا، بدعم خطة السيد كوفي عنان لم تخل صحيفة إعلامية سواء الورقية منها أو الالكترونية، المحلية أو العالمية عن الحديث في الشأن السوري، وكل واحدة منها لا تفتأ تقول وتعيد بأن المجتمع الدولي قد توحّد كلمته الآن وحتى روسيّا والصين قد أعلنوا عن دعمهم لخطة السيد كوفي عنان التي تنص على: وقف القتال من جميع الأطراف وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن، فتح الطريق أمام المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة، إطلاق سراح المعتقلين، حرية انتقال الإعلاميين، حرية التجمع والتظاهر.
لأعرف على من يهزؤون أو ممن .
المقترحات المقدمة من الجامعة العربية قد أفرغت من محتواها ، وحتى مقترحات عنان الناقصة لم تدعم الا بالكلام والتهديد بالمزيد من الضغوط الاقتصادية، والتأكيد في كل مرة على الرفض المطلق لكل ما يتعلق بالتدخل العسكري.
إذا كان الحصارالاقتصادي لا يؤثر على قرار النظام السوري ولا توجد قوة تردعه، فهذا يعني أن يوافق طواعية على خطة السيد عنان.
لو أراد النظام السوري تنفيذ هذه الشروط بمحض إرادته، لفعل ذلك منذ أمد بعيد ، ووفرّ كل هذا السفك من دماء السوريين.
عام كامل من المأساة التي يعانيها الشعب السوري بجميع مكوناته، أكثر من إحدى عشر ألف قتيل وأضعافا مضاعفة من الجرحى والمعتقلين ، أكثر من ثلاثون ألف لاجئ إلى الدول المجاورة .
ماذا فعل المجتمع الدولي؟؟ نعم فرض العقوبات الاقتصادية والدول الأوروبية أغلقت حساب السيدة أسماء الأخرس المصرفي لكي لا تتمكن من شراء الأشياء الفاخرة، وكذلك والدة بشار الأسد وشقيقته، وآخرون مقربون من النظام.
ما أكبر القضية وما أصغر الإجراءات !!
هذه الإجراءات التي هي في الحقيقة أقل ما يمكن أن نقول عنها بأنها مخزية، مقابل سيل الدماء السورية.
أهكذا تكون الإجراءات في قضية شعب ووطن؟!
لافروف يدعي قلقه على مصير الأقليات إذا سقط نظام الأسد، منذ متى كان النظام حاميا للأقليات؟ الطغمة الحاكمة حمت ومازالت تحمي نفسها والمحيط الضيق من المستفيدين من فسادها.
حتى الطائفة العلوية نفسها لم تنجو من شرور هذه الطغمة ، لمجرد اختلاف صغير في الرأي زجّ الكثيرون منهم في غياهب السجون.
ماذا عن ثلاثة ملايين من الشعب الكردي؟ الذين يحتاج الأمر إلى صفحات وصفحات لسرد جزءا مما عانوه ومازالوا من الظلم والاضطهاد على يد الأسد الأب والابن.
لافروف يقول: نحن لا نحمي نظام الأسد بل نحمي القانون الدولي !! هراء وبالانكليزية (bullshit) وأعتذر هنا عن استعمال هذه الكلمة بالانكليزية لكنها الأكثر تناسبا مع ما يدعيه السيد الوزير .
القتل الجماعي، تدمير شبه كامل لأحياء بل مدن ، إبادة عائلات عن بكرة أبيها، تحويل أكثر نصف مليون مواطن سوري إلى لاجئين داخل بلادهم، كل هذه الانتهاكات لا تشملها الحماية بموجب القوانين الدولية في عرف السيد لافروف.
النظام السوري لن يتورع عن فعل أي شيء في سبيل البقاء في الحكم، هذا ما فهمه القاصي والداني، هذا يعني أنه لن يوقف إطلاق النار، لن يسمح بالتظاهرات الا المؤيدة منها للحكم ولن يتفاوض مع المعارضة الا بعد القضاء عليها.
سورية التي شكّل تكوينها الفسيفسائي على مر العصور مصدر قوة لها، الآن يشكل مصدر تهديد لأمنها واستقرارها، حسب رأي المجتمع الدولي المتقاعس.
دمشق كانت من المدن القليلة في العالم منذ أكثر من 1200 عاما خلت، عندما لم تكن الحواضر الأوروبية أريافا، بل أن أوروبا الشمالية كانت مجرد مناطق جليدية لا حياة فيها.
ما أريد قوله والتشديد عليه هو أن سورية هي جزء من المجتمع الدولي وذلك يحتّم على هذا المجتمع تحمل مسؤوليته والقيام بدوره في حماية الشعب السوري.
ليس الحماية من النظام فحسب بل قد يتطلب الأمر إلى الحماية من مجموعات إرهابية اقتنصت الفرصة واكتسبت موضع قدم في سورية، وهذا الشئ بحد ذاته أي (تواجد الوصوليين) هو أحد نتائج السلبية والتباطؤ الدوليين في المساهمة بحل الأزمة السورية.
القيام بحماية السوريين ليست منّة بل واجب أخلاقي وقانوني يفرضه القانون الدولي نفسه الذي يتشدق به لافروف.
الخشية في نهاية المطاف من أن السيد كوفي عنان، سوف يسافر جيئة وذهابا مرات عديدة ، إلى أن يقول له الرئيس بشار الأسد يأخي اشكرونا في النظام السوري فلولا نحن وأمثالنا، لكنت عاطلا عن العمل ، ليس فقط أنت بل كثيرون آخرون .
فرمز حسين
ستوكهولم 25-03-2012
farmaz_hussein@hotmail.com
stockholm-sham.blogspot.com