سوريا.. فعلتها السعودية فماذا عنكم؟

طارق الحميد

قطعت السعودية الطريق على كل المسوفين، والمماطلين، بل والمتآمرين، على الشعب السوري وثورته، وكل من يحاول نصرة طاغية دمشق بشار الأسد، حيث أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل سحب المراقبين السعوديين من سوريا، وطالب المجتمع الدولي والعربي والإسلامي بممارسة كل ضغط ممكن لحقن الدماء السورية «الغالية».

سعود الفيصل لم يتحدث وحسب، بل قام باتخاذ خطوات عملية، وفعلية، حيث استقبل يوم أمس وفد المعارضة السورية بقيادة السيد برهان غليون، واللافت أن اللقاء عقد في الوقت نفسه الذي كانت تجتمع فيه اللجنة العربية الوزارية الخاصة بسوريا، وهذا يعني بكل بساطة أن الأمير الفيصل قرر أن يضع حدا للتسويف العربي، من خلال الجامعة العربية، وقرر أن تمارس السعودية دورها القيادي العربي، والإسلامي، من أجل حماية الدماء السورية.

 

 كما أن لقاء الفيصل بالمعارضة السورية يعد بمثابة تمزيق لتقرير الفريق الدابي، الذي يبدو وكأنه مرفوع لبشار الأسد، وليس للجامعة العربية! فكم هو محزن ما بدر من تصريحات نسبت للفريق الدابي تقول إنه مستاء من الإعلام العربي، فليت الفريق الدابي يقول لنا رأيه فيما حدث بسوريا أمس، وليس ما حدث طوال فترة الثورة السورية، حيث قام النظام الأسدي بإطلاق النار على جنازة كانت تشيع هناك!

ولذا فإن الموقف السعودي المشرف، والمسؤول، يتطلب اليوم المضي بخطوات مهمة وعملية، وأولاها التنبه إلى أن تقرير الدابي يعني أن لا أمل بالجامعة العربية، وهذا ما سبق أن قلناه مرارا، وتكرارا، بل إن دور الجامعة العربية سيكون أكثر سلبية بقادم الأيام، وخصوصا عندما تصبح رئاسة الجامعة خاضعة لحكومة نوري المالكي، وهذا سيعد بمثابة طوق النجاة لبشار الأسد، في حال جلسنا ننتظر الحل العربي، وهذا أمر خطر جدا، خصوصا لو تذكرنا التصريحات الإيرانية بأن العراق من مناطق النفوذ الإيراني! ومن هنا فلا بد أن يصار الآن إلى تشكيل تحالف إقليمي جديد لمباشرة الملف السوري، ويكون مكونا من السعودية، ودول الخليج، وتنضم إليهم تركيا، والراغبون من الدول العربية الحريصة على الدماء السورية «الغالية على الجميع» كما قال الأمير سعود الفيصل، وتحت شعار «أصدقاء سوريا» وعلى غرار ما تم بحق ليبيا، ويدعى له أيضا الدول الراغبة من المجتمع الدولي، خصوصا أن هناك من يريد تعطيل اللجوء لمجلس الأمن.

وهذا يعني بالطبع إنهاء مهمة اللجنة العربية الخاصة بالملف السوري لأن مهمتها سيكون مكتوبا لها الفشل.
وبالطبع، يجب على دول الخليج العربي اليوم أن تخطو نفس خطوة الأمير سعود الفيصل، وتقوم بلقاء، واحتواء، المعارضة السورية، والسيد برهان غليون، علنا، ولا يكتفي باللقاءات السرية المعروفة، فمعيب أن يجاهر حزب الله، مثلا، بنصرته للأسد ويقوم بإرسال مقاتلين لسوريا، بينما يتردد العرب، وتحديدا الخليجيون، في نصرة الشعب السوري!
ولذا فإن لسان الحال يقول اليوم: لقد فعلتها السعودية، فماذا عن باقي العرب؟ فهل هم حريصون على الشعب السوري، أم على قاتله؟
tariq@asharqalawsat.com

الشرق الأوسط

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…