أجرى اللقاء : م.صالح
ما هي قراءتك لما يحدث الآن سوريا ؟
ومن هنا فإن الثورة السورية ليس لها إلا أبناؤها الأبطال في ساحات الكرامة والفخار.
والنظام السوري، هو من يعول على الخارج،في الحقيقة، وعلى نحو جد واضح، ومن خلال هذا التعويل فهو يواجه شعبه، وكلما ازدادت طمأنينته، من قبل هؤلاء، فهو يستشرس في ممارسة قتل شعبه، من خلال تحد واضح، أبداه صراحة رأس هذا النظام، مخوناً كل من يقول له وللمجازر المفتوحة: لا..، أن هذه الوصفات التي يلجأ إليها هذا النظام “المجرم”، لن تنقذه من المصير المحتوم، حيث لابد لهذه الثورة السورية من أنة تنتصر، وإن لاشيء ينتظر هذا النظام سوى الرحيل، كما طالب بذلك شباب الثورة.
هل كنت تتوقع أن يحصل ما حصل قبل الخامس عشر من آذار 2011؟
أجل، كنت أنتظر ذلك منذ أول وصول الأسد الأب إلى الحكم، وإلى الآن، عندما أوصل الأسد الابن إلى سدة الحكم عبر الوراثة، كنت أتوقع أن نظامه لن يستغرق طويلاً، إلا أن الثقة بسقوط هذا النظام ازدادت لدي، ولكني بعد أن خرجت للمرة الأخيرة من البلاد قبل حوالي السنتين، كنت على موعد أنني لن أعود إلى الوطن إلا بعد رحيل هذا النظام، وإن أيامه محدودة، وأتذكر أنني قبل ما يسمى بربيع المنطقة، قلت لأحد الأصدقاء الكتاب في أوربا أن نؤسس موقعاً باسم” الطوفان” -و بالتنسيق مع أحد النشطاء الشباب- العاملين في مجال الإنترنت، لأن الثورة آتية، إلا أن هذا الصديق، تناسى هذا المقترح، لينخرط بعد الثورة في الحالات الجديدة التي تمت في الخارج، وهو شأنه، طبعاً.
المهم الثورة السورية بدأت قبل ذلك، وكان من الممكن أن تكون انطلاقة الثورة في 12 آذار2004، لو تمت مؤازرة تلك الشرارة الأولى التي اندلعت، من قبل الأخوة السوريين، بعامة، وهناك الكثير من التفاصيل التي لا أريد خوضها هنا.
ماذا عن الإجراءات الإصلاحية من قبل النظام السوري و هل برأيك النظام قابل للإصلاح ؟
لا إصلاح البتة، لدى هذا النظام، سوى إصلاح آلة القتل والتعذيب والإبادة، إن للإصلاح شروطاً ما، لينطلق، وهذا النظام طبيعته تتنافى والإصلاح، لأنه قائم على منظومة تتضاد مع أي تطور، من شأنه أن ينعكس لمصلحة وطننا ومواطننا
ماذا عن المعارضة السورية و إلى أي مدى تمثل الحراك الثوري في الشارع السوري ؟
المعارضة الفاعلة، هي معارضة الداخل، وإن خمسة و تسعين بالمائة، في أقل تقدير، ممن بادروا ممثلو المعارضة، فإنه لم تكن لهم علاقة بهذه الثورة التي تجاسروا معها، في ما بعد، ومن المؤلم أن هناك من يجد نفسه صاحب الثورة، لم تكن هناك قنوات بينه وثوار جسر الشغور، مثلاً، الثورة هي ثورة الداخل، وإن كانت الثورة الآن، قد تمثلت، وعلى عجل، في واجهتها الخارجية، وباتت المقاربة تتم على نحو أفضل.
كما نعلم أنت عضو في المجلس الوطني السوري هل البرنامج السياسي للمجلس يلبي طموحاتك كعضو كوردي فيه؟
يشكل برنامج المجلس الوطني خطوة مهمة في مواجهة آلة الاستبداد، وتحديد الموقف من” إسقاط النظام” وهو أمر مهم، بيد أن بنية هذا المجلس، وكيفية تشكيلها، والأسس التي اعتمدت عليها، واختيار بعض الأعضاء على عجالة، بحيث أتوا إلى المجلس وهم يحملون”فيروس السلطة” في تغيب الرأي الآخر، وعدم تقبله، أو الانطلاق من هدف الوصول إلى السلطة بأي ثمن، ولاسيما من قبل أناس لا تاريخ نضالي لهم، وأكرر أن الصدق في حمل رسالة الثورة يمنح لصاحبه تاريخاً نضالياً، في ما إذا كان صادقاً مع أسئلتها، ناهيك عن أنني ككردي حتى وإن استطعنا ترك بصمة واضحة على صعيد دفع الشريك الوطني للاعتراف ببعض حقنا، إلا أنني أطمح إلى أن يكون هذا الاعتراف غير منقوص، ومجسد لسؤال الشارع الكردي برمته، ليكون صندوق الانتخاب الكردي، هو من يحدد سقف مطلبنا، على اعتبار القضية الكردية قضية أرض وشعب..!
كيف تنظر إلى العمل الحزبي الآن؟
العمل الحزبي، هو أحد الأدوات الأكثر تنظيماً في مجال النضال السياسي، ولقد عملت شخصياً في صفوف الحزب الشيوعي حتى 2003، إذ تركت رفاقي في تيار قاسيون، عشية سقوط بغداد، ولم أرجع للعمل الحزبي اليومي، منذئذ، بل حاولت أن أعمل في المجال الحقوقي، حيث أحسست بوجود فراغ حقوقي، كردياً، وكان لي شرف العمل في أولى نواة حقوقية كردية في سوريا، بعيد انتفاضة قامشلو 2004، ليصبح في العام 2005 وحتى الآن، للحالة الحقوقية حضورها، ولتسدَّ فراغاً مهمَّاً، وإذا نظرنا الآن إلى اللوحة الحقوقية، لوجدنا أنه تم تأسيس ثلاث منظمات أخرى هي: الراصد- داد – روانكه، وقد أدت هذه المنظمات وتؤدي دوراً جد مهم..
وإذا كنت تحدثت عن أن العمل الحزبي، هو الأكثر تنظيماً، نضالياً، فإن ثورات هذا الربيع الذي نعيشه، قد أفرز حالة شبابية قوية، لابد لها أن تأخذ إطارها الجديد، لأنها كانت الأداة الفعالة في كل الثورات التي تمت، والتي لا تزال تواجه آلة الاستبداد.
ماذا عن توحيد صفوف المعارضة بما فيه الجانب الكوردي؟
أمامنا جميعاً كسوريين، مهمة كبرى، وهي العودة إلى معرفة الأسئلة السورية الكبرى التي عالجها النظام على طريقته الاستبدادية، واستطاع عبر عقود متتالية، زرع ثقافة الريبة، والحقد، والكراهية، وإلغاء الآخر، ومن هنا، فإننا لمدعوون إلى توحيد الصفوف، عبر إيثار المصلحة الوطنية على المصلحة الضيقة، أياً كان إطارها، وهو جد ممكن في حال توافر عاملي الوعي والإرادة.
كيف تنظر إلى سوريا المستقبل ؟
سوريا الآن على مرمى هلهلولة أو زغرودة من النصر المؤكد القادم، وبات واضحاً أن بعض التخوفات التي كانت تساورنا من لجوء النظام إلى اللعب ببعض الأوراق المحرمة، قد تحقق الآن، حيث استطاع أن يلتقي مع من تواطأ معه في زواج متعة، موقوت، من دون التفكير بمصيره وبمصير إنسانه، حيث سعى لتأسيس دموية ما بعد سقوطه، في محاولة منه لاستمرار مشروع الدمار، كما تم في العراق، وبتخطيط ورعاية منه، بيد أن وعي الإنسان السوري، وروح التسامح لديه، سوف يحولان دون استنساخ مأساة العراق، في ما بعد صدام، والتي جعلت بعضهم يتباكى على مرحلة صدام، نتيجة ما يتم من إغراق متواصل في الدماء.مؤكد أن كل ما يريده السوريون، قد لا يتحقق بين ليلة وضحاها، لكن هذه الثورة قد حققت مشروع حلم السوري منذ عقود، في بناء سوريا تعددية، حرة، وهو أمر في غاية الأهمية.
كلمة أخيرة :
ثمة، ترجمة خاطئة، من قبل كثيرين، أفراداً وبعض مؤسسات، لإحياء تجربة بث الأحقاد، من خلال تسفيه الآخر، ومحاولة إلغائه، تماماً، لأنه لا يفكر على طريقته، أو لأنه يرفض لعب دور التابع، وهناك من بات يلجأ إلى “قبضاياته” الحقيقيين أو الوهميين، في محاولة بسط سيطرة الذات، وهذا مؤشر خطير، لابد من أن نقف ضده جميعاً، ويدخل في هذا الإطار قيام بعضهم بالتضليل ضد رموز وأبطال حقيقيين، ناضلوا سورياً، في محاولة منهم، لخلط الأوراق، لاسيما عندما يبدر ذلك من قبل من لا مجد نضالياً لديه، بل أن تاريخه معفر بالسوءات ضد شعبه…!؟.
وللأسف، فإننا نجد-الآن- من يمتطي صهوة الثورة السورية، وتكون له الكلمة الفصل، مع أنه لم يقف حيادياً تجاهها، بل كان يسعى لشرذمة صفوف الثورة، وكبحها، وأن يبرز هؤلاء نتيجة ظروف ما، ليكونوا واجهة الثورة، ويتم نسيان أدوار أبطالها الحقيقيين، وهو ما سنفصل في الحديث فيه، حين يحين موعد ذلك، لاسيما أننا بتنا نشهد تنظيرات تافهة، من قبل بعض الثرثارين، عديمي النضال الميداني، ضد الثورة، وأهلها، على حد سواء….!؟
المصدر: بيامنير