احمد علي
هذه اللجنة تم تكليفها من قبل المجلس الوطني الكردي (ائتلاف بين أحزاب كردية سورية ومستقلين).
ما يتوقعه المرء من مؤتمر كهذا ، وفي هذه الظروف التي تمر بها سوريا، هو أن يناقش المؤتمرون ، ويتخذوا القرارات العملية لدعم الثورة السورية، وهي تمر هذه الأيام بحالة مفصلية، ستؤدي إلى أول تغيير في موازين القوى بين النظام وقوى الثورة،لصالح الأخيرة.ولكن ،ولأن القائمين على المؤتمر هم ليسوا جزء من الثورة،مهما ادعوا ذلك.
فكان من الطبيعي على الأقل، أن تتم مناقشة واتخاذ القرارات والإجراءات العملية، لانعكاسات الحالة العامة السورية على الوضع الكردي ،والتحضير للاحتمالات الممكنة،وهذا إن لم يكن لأي سبب فلأن القائمين عليه لا زالوا يطالبون بحق تقرير المصير في إطار وحـــــدة البلاد.
لكن ما نشر عن المؤتمر، وهو عبارة عن تقرير لموقع كمياكوردا عن اليوم الأول والثاني( فيه القليل من المعلومات،يبدو إنها ليست مهمة،والكثير من الصور، ويبدو إنها الأهم) يجد المرء نفسه ليس أمام مؤتمر كما يشي به اسمه، وإنما أمام ندوة تثقيفية أعدت على عجل لا اعلم لمن ، هل للمشاركين في الندوة أم للجمهور عامة؟ حيث أمضى المؤتمر يومه الأول، وجزء من اليوم الثاني في الاستماع إلى عدة محاضرات.
وقد لفت نظري بعض الطروحات التي تم تداولها في المحاضرات، أو في مناقشتها، وهي اطروحات يشعر المرء بان قائلها قادم من عالم آخر،ليس له علاقة بالواقع السوري، وفيها إساءة بالغة للشعب الكردي في سوريا، وللعلاقة بينه وبين بقية الشعب السوري.
ففي محاضرة بعنوان السيناريوهات المحتملة في سوريا، يقول المحاضر الدكتور محمد عربو، باحتمال الحرب الأهلية في سوريا، وهذا وارد طبعا، لكنه يضيف – حسب التقرير المذكور أنفا- بان الكورد مستفيدون من كل السيناريوهات المستقبلية، ويبدو بان هذا الطرح لم يجد معارضين له من بين الحضور، وإنما وجد مؤيدين.فالسيد حيدر عمر يطرح (احتمال تراجع روسيا والصين عن دعم النظام ،حيث سيكون الكورد مستفيدين من هذا الاحتمال من خلال احتمال قيام الحرب الأهلية والطائفية).
لن أناقش حالتي انتصار الثورة أو النظام والتي لن تحصل، ولكن فقط كاحتمال نظري ، وإنما موضوعة، كيف سيستفيد الكرد، حتى لو وضعنا كل المبادئ الأخلاقية والوطنية، والإنسانية جانبا، وأخذنا جانب الحسابات الباردة، بين نهر الدم السوري الجاري وبين الدبابة، فيما لو وصلت سوريا إلى موقع الدولة الفاشلة، وبدأت الحرب الأهلية؟!.
هل هناك من يسلم من الحرب الأهلية؟ هل هناك من سيجد أمانا في اللادولة؟ وهل هناك صوماليا واحدا لم يدفع ثمن الحرب؟ أليس هناك احتمال سيطرة قوى كردية موالية للنظام، ستجر المجتمع الكردي إلى الخراب والدمار، وتصفية حسابات ، بدأت بوادرها على الأرض منذ الآن؟!.ألن تتدخل القاعدة وغيرها، وتبدأ بعملياتها الإرهابية ضد الكرد؟وهي تعتبرهم كفارا بوصفهم كردا.
أنكم أيها السادة تسيئون إلى الشعب الكردي ،الذي شارك في الثورة منذ أيامها الأولى،ولم يتوقف عن التظاهرات والاعتصامات في كل المدن من عامودا البطلة شمالا، التي تبدع كل يوم في تظاهراتها، باعتبارها حمص الكردية من ناحية النكتة والسخرية، إلى حي ركن الدين في الشام جنوبا، وقدم الشهداء على مذبح الحرية هذا، وعلى رأسهم الشهيد مشعل التمو، واستشهد العشرات من الجنود الكرد الأبطال ،الذين رفضوا قتل أخوتهم في المدن الثائرة،ورفض أهلهم وشباب الكرد الثائر إقامة مراسيم دفنهم من قبل النظام،قاتـــلهم.
أنكم أيها السادة تسيئون إلى هذا الشعب حينما تقدمونه، كطرف انتهازي يقف متفرجا على ذبح أخوته،ويتحين الفرص المدمرة كالحرب الأهلية، لكي يستفيد منها.وماذا سيستفيد هو حين يغرق المركب بكل من فيه، وهو من بين الأضعف من فيه.
أنكم أيها السادة بهذا ،تسيئون إلى كلمة آزادي( الحرية)، التي رددها الثوار السوريون في طول البلاد وعرضها،دليلا على وحدة الشعب السوري، والتي أتمنى أن يرددونها الآن أيضا، ولا يلتفتوا، إلى من يحاولون عزل الكرد عن مواطنيهم خدمة لأجنداتهم الخاصة، أو لأجندات غيرهم، هذا الانعزال الذي قد يدفع الكرد ثمنه غاليا جدا.
مؤتمر تحول إلى ندوات ومحاضرات،بهذا المستوى، من الطبيعي جدا، أن يخرج بيانه الختامي فارغا تماما، من أية قرارات وخطوات عملية، بمستوى المرحلة المصيرية،وبمستوى المخاطر الهائلة القادمة، وبطبيعة الحال لن يجد المرء فيه جملة واحدة، عن دعم ثورة الشعب السوري.
jolme@web.de