كرد سوريا كشعب وجماهير وحركة قومية ديموقراطية وبعض تنظيماتها السياسية الجذرية قرر المشاركة أو بعبارة أدق كان في موقعه الطبيعي بصفوف الانتفاضة والثورة منذ الأيام الأولى لأن له مصلحة مزدوجة في الانتصار على الاستبداد الخلاص من الدكتاتورية ونشدان الحياة الديموقراطية والحرية والانعتاق من نير الاضطهاد القومي الخاص بالشعب الكردي وقد جسد الشباب الكردي في مختلف المناطق المصلحة القومية – الوطنية ورفعوا راية النضال عالية وعبروا بصدق وأمانة في غالبية خياراتهم ومواقفهم عن ارادة الكرد كشعب وقضية ومايرنو اليه في الحاضر والمستقبل .
أثبتت الأحزاب الكردية التقليدية بدون استثناء مجددا عن عجزها في الوفاء حتى لشعاراتها اللفظية وأظهرت مدى الفجوة الواسعة القائمة بينها وبين مصالح الكرد عندما اقترفت خطأين جسيمين في اللحظات الحاسمة الأول عندما تخلفت عن المشاركة في الانتفاضة الثورية في بداية انطلاقتها وزرعت العراقيل أمام الحراك الشبابي الكردي ووقفت صامتة مترددة أمام تلاحق الأحداث الثورية على المستوى الوطني بل مشككة بها والثاني عندما دفعها عجزها الى البحث عن خيار – هروبي – آخر وهو الأخذ بنصيحة السيد رئيس جمهورية العراق المقبولة من نظام الأسد القاضية بوقوف الكرد السوريين بعيدين عن الثورة ومحايدين وعن أن النظام وعد بمنح الحقوق القومية وهذا ما جعل المؤتمر التأسيسي الأول ” للمجلس الوطني الكردي ” بالقامشلي يتبنى قرارات تستجيب لتلك النصيحة الملغومة المؤذية ومنها عدم رفع شعار اسقاط نظام الأسد والاستعداد للتحاور معه وللتوضيح فقط كان حزب – ب ي د – وهو تابع – لحزب السيد أوجلان – ب ك ك – جزءا من مشروع الأحزاب وتخلف عن حضور ذلك المؤتمر في الساعات الأخيرة لأسباب لم تعلن بعد ؟! واذا كانت غالبية أحزاب المجلس الكردي قد استمرت في النهج الذي دشنه المؤتمر التأسيسي فانها وبصورة ما انتقلت الى الصف المضاد للحراك الشبابي الثوري في المناطق الكردية وكان عليها لو أرادت تجنب هذا المنزلق وتصحيح مواقفها واعادة الثقة والمصداقية المفقودتين أن تؤيد منذ البداية الثورة السورية وتقف الى جانب الشباب الكرد بل خلفهم من أجل تعزيز الحراك ونصرته لا أن تتحول الى مشروع بديل ولكنها سلكت خيارا خاطئا آخر ألحق الأذى ليس بالصف الوطني الكردي باثارة الخلافات والانقسامات ليس بالشارع القومي فحسب بل بالعلاقات الكردية العربية ودور ومكانة الكرد في المعارضة الوطنية .
أما جماعة حزب أوجلان – ب ي د – فجسدت بشكل فاقع الحراك المضاد في مواجهة الثورة السورية بكليتها وبشقيها العربي والكردي ونحن هنا لانرمي التهم جزافا بل نبني حكمنا على وقائع على الأرض ومواقف سياسية معلنة فقد أقدمت الجماعة ومنذ عدة أشهرعلى ممارسة أعمال عنف مضادة ضد الناشطين الكرد في الحراك الثوري في القامشلي ورأس العين والدرباسية وعفرين وكوباني وغيرها وترسل التهديدات لمن يخالفها الرأي وكان آخر ماقامت به يوم الجمعة الفائت الاعتداء على قيادات وطنية معروفة في ” اتحاد القوى الديموقراطية الكردية ” هذا الفصيل الوطني الثوري وخاصة الناشط المعروف والشخصية الوطنية الشيخ عبد الصمد وأمام جامع – قاسمو – ذلك الصرح الذي انطلق منه مئات الآف من المناضلين ويتمتع بمكانة خاصة في نفوس بنات وأبناء شعبنا وفي التفسير السياسي لهدف هذه الأعمال المنافية للتقاليد الوطنية والقومية والديموقراطية وللأخلاق الاجتماعية يتوصل المراقب الى نتيجة بأن تلك الجماعة تقف في وجه الحراك الثوري وتخرج عن الاجماع القومي وتناصر نظام الاستبداد بصورة مباشرة ولن تزيل هذا الحكم تصريحات أو بيانات لفظية تصدر من هنا وهناك , سبيل واحد أمام هذه الجماعة لتخفف من وطأة أصابع الاتهام المشيرة اليها وهو الاعلان الواضح والصريح عن عدم تبعيتها لحزب أوجلان ورفض الاتفاق المبرم بين قيادة – ب ك ك – وأجهزة النظام السوري منذ حوالي الستة أشهر خدمة لمصالح الطرفين في مواجهة النظام التركي بحسب ما ورد فيها علما أن لجميع المؤسسات السياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني التابعة ل ب ك ك في تركيا علاقات سلمية وطيدة مع النظام والحكومة والبرلمان ولهذا الحزب سابقة في هذا المجال فقد قدم خدماته لنظام حافظ الأسد بعد اعتبار كرد سوريا مهاجرين يجب اعادتهم الى وطنهم في الشمال (كما ورد بكتاب عن أوجلان عشرة أيام مع القائد) وتحت ذريعة محاربة تركيا لأكثر من عشرين عاما الا أن تخلى عنه الأخير وطرد زعيمه شر طردة فما هي مصلحة الجماعة الكردية السورية في ذلك وهل هي على علم بتفاصيل الصفقة ؟ بل ما هي مصلحة الشعب الكردي السوري والثورة السورية في ذلك ؟ أليس وجود الجماعة المنفرد كرديا في “هيئة التنسيق” المعروفة بصلتها الوثيقة مع النظام محاولة مكشوفة للاختباء وراء شعارات مزايدة (عدم التدخل الخارجي أي ضد الحماية الدولية ولا للعسكرة أي لالدفاع السوريين عن النفس ووو) أوليس التحرش اليومي من جانب الجماعة بالناشطين الكرد في مختلف المناطق وتكرار الاعتداءات عليهم تعبيرا عن موقف سياسي مبيت ومقرر في الدوائر المظلمة ؟ .
لم تكن غالبية أحزاب “المجلس الوطني الكردي” وجماعة – ب ي د – التابعة لحزب أوجلان لامن محركي الثورة السورية ولامن الناشطين الشباب في المناطق الكردية ولامن المشاركين فيها بل قررت بعد حوالي ثمانية أشهر من عمر الثورة التسلق عليها واستثمارها لمصالح حزبوية ضيقة وحسابات خاصة ومن المفارقة اللافتة أن ظاهرة “الحراك المضاد” واثارة الفتن والانقسامات وتقسيم صفوف المظاهرات والاحتجاجات في جميع المناطق الكردية تزامنت مع هذا التاريخ بصورة دقيقة .
قد يرد البعض على ما أوردته في هذه المقالة وينفي ويتبرأ ويدين ويخون وأوضح لهذا البعض سلفا – وقد أعلنته أمام الملايين عبر فضائية كردستان تي في من أربيل – أن الخيار الأمثل لمعالجة الأزمة المتفاقمة هو التلاقي بين الأطراف الكردية المتواجدة على الساحة (المجلس الوطني الكردي – و – اتحاد القوى الديموقراطية – و – ب ي د – وسائر التنسيقيات الشبابية الناشطة) ومناقشة إقامة جبهة ديموقراطية توافقية مشتركة على قاعدة كون الكرد جزء من الثورة السورية ومواصلة النضال حتى اسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطته واعادة بناء الدولة التعددية على أساس الشراكة وضمان حقوق الشعب الكردي بحسب ارادته الحرة في اطار سوريا الجديدة الواحدة وأتعهد بأن أكون جنديا في خدمة هذا المشروع الانقاذي الحيوي وهناك مئات الالاف اذا لم يكونوا بالملايين من شعبنا يتوقون الى تحقيق هذه الأمنية الغالية .