محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
m.qibnjezire@hotmail.com
في الأبحاث السيكولوجية التي تحاول كشف أسرار الإنسان النفسية-أو الحياة النفسية- يلاحظ المتابعون أن المرء –على صعيد الأفراد والجماعات؛ أيا كانت- عندما يرتبك في موقف معين أو سلوك معين…يحاول آن يداري شعوره بالخجل أو الفشل أو غير ذلك…فيلجأ إلى إجراء آخر لعله يصرف النظر عن الفشل أو الخجل أو الخلل في الأول..
m.qibnjezire@hotmail.com
في الأبحاث السيكولوجية التي تحاول كشف أسرار الإنسان النفسية-أو الحياة النفسية- يلاحظ المتابعون أن المرء –على صعيد الأفراد والجماعات؛ أيا كانت- عندما يرتبك في موقف معين أو سلوك معين…يحاول آن يداري شعوره بالخجل أو الفشل أو غير ذلك…فيلجأ إلى إجراء آخر لعله يصرف النظر عن الفشل أو الخجل أو الخلل في الأول..
يفعل هذا، الحكام على رأس السلطة أيضا…وكم قرأنا أن الحاكم الفلاني افتعل الحدث الفلاني لصرف النظر عن حدث معين.
ومن الأمثلة التاريخية…محاولة الفرنسيين تصدير الاهتمام إلى الخارج في بعثة نابليون-فضلا عن الأطماع الحقيقية فيها-..
ونسمع اليوم أن النظام الفلاني يحاول افتعال مشكلات خارجية لصرف النظر عما يجري في الداخل…مثلا.
وعلى صعيد فردي…أذكر حادثة جرت معي…كنت طالبا في دار المعلمين…التقيت احد الكوادر الإدارية في المدرسة صدفة على الطريق، فسألني عن حادثة جرت قبل يوم مع طالب وكان هو مفتعل الحادثة بطريقة فجة ومتجاوزة…فحاول أن يستدرجني إلى تأيد موقفه، ولكنني جعلته يشعر بخطأ موقفه…فارتبك…وليعوض عن ذلك قال لي: تلك دارنا تفضل إليها، وكان هو خارجا منها وبعيد عنها وهو في اتجاهه نحو المدينة…
ذكرني موقفه بسؤال الخليفة هارون الرشيد لأبي نواس: لم أفهم العذر الذي هو أقبح من ذنب..!
فمد أبو نواس يده إلى كفله قارصا…فقال الرشيد: ما هذا يا أبا نواس؟!
فقال: عذرا مولاي ظننتها السيدة زبيدة…!!
كنت أتابع مشهد الناس في لحظة انتظار جنازة عسكري استشهد برصاص جيش النظام لأنه لم يقبل أن يقتل الشعب..-كما أشيع-.كان الناس جميعا ومن مختلف الاتجاهات الحزبية-وأفضل هذه التسمية دائما على التوصيف بالسياسية…
كان الناس بحسب الفطرة التي تعيش في حياتهم متأثرين جميعا بالحدث…شاب كوردي من بلدهم، وصديق الكثيرين –هو وأهله- ومعروف من الكثيرين هو وأهله…فضلا عن الشعور القومي في المسألة وزخم روح الثورة في نفوس معظمهم.
هذا كله يبدو طبيعيا…
ما جعلني أن أفكر في هذا المقال ما لاحظته من أسلوب في التعامل مع الحدث خاصة بعد وصول الجثمان…كل جهة حزبية تحاول أن تنافس أخواتها في إثبات حضور لا صلة له بالحدث..ولا بأصحاب المحنة –الشهيد وأهله…ولا بمشاعر الجميع الذين هبوا للمشاركة في استقبال الجثمان والاحتفال به كشهيد.
غاب ما يفترض من النظام في ترتيب الحركة الاحتجاجية، والمظاهرة التي يفترض أنها احتجاج على ما حدث، وعلى النظام الحاكم أيضا؛ انسياقا مع المدّ الثوري الذي اشتعلت جذوته منذ آذار من العام الماضي…!
لن أقف طويلا عند هذا فهذه ظاهرة مستديمة …والأمور -في النهاية- تصل إلى نهاياتها مع بعض خلل لا يمنع مسار الأمور.
لكن الذي يشغل اهتمامي هو:
1- إن تقنية استثمار أحداث ذات صلة بالحركة السياسية لا تزال تعاني من ارتباك؛ على الرغم من مرور أحداث عديدة –على الأقل منذ 12 آذار -2004- أي منذ ثماني سنوات …
أليست هذه مدة كافية لتكوين تجربة مستخلصة تكون قاعدة لكل ما يأتي من حالات متشابهة…؟ ومنها مثلا:
حدث استشهاد الشيخ معشوق، والسيد مشعل، والسيد نصر برهك… والمحمدون الثلاثة…وغيرهم..
وغيرهم ..
وبعضهم في عفرين أو في حلب أو في دمشق أو الحسكة أو..أو… الخ.؟!
2- التوظيف السياسي لحدث ما، ألا يفترض أن يكون بتقنية حازت على الاهتمام، وتوفرت لها أدواتها الأصلح، والنهج الجامع للقوى الحزبية؛ لكي تكون طاقاتها موحدة في حدث يفترض أنه لا خلاف حوله، في الموقف منه سواء كحدث ينبغي أن يستثمر سياسيا .
أو الجهة التي يفترض أن يكون النشاط الاحتجاجي موجه إليها،وهي –هنا- السلطة الحاكمة …!.
3- مراسيم العزاء والتعامل معها…
المفترض أن العزاء -في أصله- نشاط اجتماعي، غايته التسرية عن ذوي المتوفّى ومحبيه…وتخفيف الحزن عنهم.
لكن في مثل هذه الحالة يختلط الاجتماعي بالسياسي…مع افتراض أن يكون الفاصل واضحا…
فبعد أداء المراسيم السياسية التي تعبر عن الغضب والاحتجاج وتعبيرات أخرى ذات صلة… يفترض أن الحدث في معظمه يصبح اجتماعيا، ويبقى الجانب السياسي فيه رمزيا فحسب.
فيُعزّى من له صلة مع أصحاب التعزية معرفة-جيرة-قرابة-صداقة…أي صلة دائمة مع أهل العزاء…أما الاشتراك السياسي يصبح تمثيلا…كأن يمثل وفد منظم وغير كبير…من كل حزب وتجمع..
يكون أفراده ممن يعرفون أهل العزاء غالبا…وقد يشترك معهم بعض من يراه مصدر الوفد لاعتبارات تخصها.
فيصبح العمل منظما، ويخف الضغط على ذوي المصاب…ويخف العبء على الأحزاب والتنسيقيات…
أما أن تتنافس الأحزاب على ضخامة الوفود في العدد، للإيحاء بتأثيرات معينة…فهذا ما أسميه -والحالات المشابهة-: مصادرة الحياة الاجتماعية تعويضا عن خلل في الأداء السياسي….
وما دمنا قد تحدثنا عن بعض سلبيات التعامل مع التعزية فلم لا نشير إلى :
أ- مشكلة التدخين في خيمة العزاء…هذه الآفة التي تزعج كل من يشم رائحة التبغ والدخان…وتؤذي المرضى –الجلطات خاصة…وقد يكون بعض أهل العزاء منهم.ألا يمكن للمعزين الذين لا يبقون أكثر من نصف ساعة غالبا أن ينتظروا هذه المدة وبعد الخروج يدخنوا؟
وإن اضطر البعض للبقاء طويلا –مهما كانت الأسباب- ألا يمكنهم الخروج إلى خارج الخيمة ويدخنوا ثم يعودوا..؟!
لماذا نفرض سلوكنا السلبي على الجميع تجاوزا وكبرياء وتعنتا …الخ؟!.
ب- بقاء بعضهم –باسم القرابة العشائرية او العلاقة الحزبية او… في الخيمة طوال الأيام الثلاثة…دون ضرورة …فتتعطل أعمال ووظائف، والعمل أهم من الموت…فالعمل يخدم الحياة والتعطل يضعف الحياة ومتطلباتها، كما أن وجودهم الدائم يفرض مستلزمات مثل: الخدمة ،ومصروف الطعام والشراب وإشغال المكان…وكل ذلك ليس ضروريا.
فإن كان ولا بد –كما يقال- فليذهبوا إلى أعمالهم ثم يعودوا بعد الانتهاء منها …أو يزوروا الخيمة في أوقات متباعدة …لتأكيد مشاعرهم واستعدادهم للمشاركة.وفي كل الأحوال دون إطالة.
ت- تنظيم أوقات التعزية…ويفضل اتفاق القوى الإدارية اجتماعيا وسياسيا على شكل التنظيم المناسب..وفي رأيي الشخصي فإن زيارة الخيمة صباحا بدءا بالتاسعة حتى الواحدة ، ومساء بدءأ بالخامسة –على الأقل- حتى التاسعة ..وترك الفترة ما بين الواحدة والخامسة للاستراحة قد يكون برنامجا عمليا…
ولا ريب أن هناك ما يمكن إضافته لكنني أكتفي الآن بما ذكر فإن تحقق سيكون مدخلا –ربما تلقائيا- لما يترتب عليه.
السلوك الاجتماعي بمعناه العام وبمعطياته المختلفة له تأثيره في حياتنا،ويفترض أن نتداعى جميعا إلى معالجة سلبياته وتكريس ايجابياته وعلى مختلف الصعد.
ومن الأمثلة التاريخية…محاولة الفرنسيين تصدير الاهتمام إلى الخارج في بعثة نابليون-فضلا عن الأطماع الحقيقية فيها-..
ونسمع اليوم أن النظام الفلاني يحاول افتعال مشكلات خارجية لصرف النظر عما يجري في الداخل…مثلا.
وعلى صعيد فردي…أذكر حادثة جرت معي…كنت طالبا في دار المعلمين…التقيت احد الكوادر الإدارية في المدرسة صدفة على الطريق، فسألني عن حادثة جرت قبل يوم مع طالب وكان هو مفتعل الحادثة بطريقة فجة ومتجاوزة…فحاول أن يستدرجني إلى تأيد موقفه، ولكنني جعلته يشعر بخطأ موقفه…فارتبك…وليعوض عن ذلك قال لي: تلك دارنا تفضل إليها، وكان هو خارجا منها وبعيد عنها وهو في اتجاهه نحو المدينة…
ذكرني موقفه بسؤال الخليفة هارون الرشيد لأبي نواس: لم أفهم العذر الذي هو أقبح من ذنب..!
فمد أبو نواس يده إلى كفله قارصا…فقال الرشيد: ما هذا يا أبا نواس؟!
فقال: عذرا مولاي ظننتها السيدة زبيدة…!!
كنت أتابع مشهد الناس في لحظة انتظار جنازة عسكري استشهد برصاص جيش النظام لأنه لم يقبل أن يقتل الشعب..-كما أشيع-.كان الناس جميعا ومن مختلف الاتجاهات الحزبية-وأفضل هذه التسمية دائما على التوصيف بالسياسية…
كان الناس بحسب الفطرة التي تعيش في حياتهم متأثرين جميعا بالحدث…شاب كوردي من بلدهم، وصديق الكثيرين –هو وأهله- ومعروف من الكثيرين هو وأهله…فضلا عن الشعور القومي في المسألة وزخم روح الثورة في نفوس معظمهم.
هذا كله يبدو طبيعيا…
ما جعلني أن أفكر في هذا المقال ما لاحظته من أسلوب في التعامل مع الحدث خاصة بعد وصول الجثمان…كل جهة حزبية تحاول أن تنافس أخواتها في إثبات حضور لا صلة له بالحدث..ولا بأصحاب المحنة –الشهيد وأهله…ولا بمشاعر الجميع الذين هبوا للمشاركة في استقبال الجثمان والاحتفال به كشهيد.
غاب ما يفترض من النظام في ترتيب الحركة الاحتجاجية، والمظاهرة التي يفترض أنها احتجاج على ما حدث، وعلى النظام الحاكم أيضا؛ انسياقا مع المدّ الثوري الذي اشتعلت جذوته منذ آذار من العام الماضي…!
لن أقف طويلا عند هذا فهذه ظاهرة مستديمة …والأمور -في النهاية- تصل إلى نهاياتها مع بعض خلل لا يمنع مسار الأمور.
لكن الذي يشغل اهتمامي هو:
1- إن تقنية استثمار أحداث ذات صلة بالحركة السياسية لا تزال تعاني من ارتباك؛ على الرغم من مرور أحداث عديدة –على الأقل منذ 12 آذار -2004- أي منذ ثماني سنوات …
أليست هذه مدة كافية لتكوين تجربة مستخلصة تكون قاعدة لكل ما يأتي من حالات متشابهة…؟ ومنها مثلا:
حدث استشهاد الشيخ معشوق، والسيد مشعل، والسيد نصر برهك… والمحمدون الثلاثة…وغيرهم..
وغيرهم ..
وبعضهم في عفرين أو في حلب أو في دمشق أو الحسكة أو..أو… الخ.؟!
2- التوظيف السياسي لحدث ما، ألا يفترض أن يكون بتقنية حازت على الاهتمام، وتوفرت لها أدواتها الأصلح، والنهج الجامع للقوى الحزبية؛ لكي تكون طاقاتها موحدة في حدث يفترض أنه لا خلاف حوله، في الموقف منه سواء كحدث ينبغي أن يستثمر سياسيا .
أو الجهة التي يفترض أن يكون النشاط الاحتجاجي موجه إليها،وهي –هنا- السلطة الحاكمة …!.
3- مراسيم العزاء والتعامل معها…
المفترض أن العزاء -في أصله- نشاط اجتماعي، غايته التسرية عن ذوي المتوفّى ومحبيه…وتخفيف الحزن عنهم.
لكن في مثل هذه الحالة يختلط الاجتماعي بالسياسي…مع افتراض أن يكون الفاصل واضحا…
فبعد أداء المراسيم السياسية التي تعبر عن الغضب والاحتجاج وتعبيرات أخرى ذات صلة… يفترض أن الحدث في معظمه يصبح اجتماعيا، ويبقى الجانب السياسي فيه رمزيا فحسب.
فيُعزّى من له صلة مع أصحاب التعزية معرفة-جيرة-قرابة-صداقة…أي صلة دائمة مع أهل العزاء…أما الاشتراك السياسي يصبح تمثيلا…كأن يمثل وفد منظم وغير كبير…من كل حزب وتجمع..
يكون أفراده ممن يعرفون أهل العزاء غالبا…وقد يشترك معهم بعض من يراه مصدر الوفد لاعتبارات تخصها.
فيصبح العمل منظما، ويخف الضغط على ذوي المصاب…ويخف العبء على الأحزاب والتنسيقيات…
أما أن تتنافس الأحزاب على ضخامة الوفود في العدد، للإيحاء بتأثيرات معينة…فهذا ما أسميه -والحالات المشابهة-: مصادرة الحياة الاجتماعية تعويضا عن خلل في الأداء السياسي….
وما دمنا قد تحدثنا عن بعض سلبيات التعامل مع التعزية فلم لا نشير إلى :
أ- مشكلة التدخين في خيمة العزاء…هذه الآفة التي تزعج كل من يشم رائحة التبغ والدخان…وتؤذي المرضى –الجلطات خاصة…وقد يكون بعض أهل العزاء منهم.ألا يمكن للمعزين الذين لا يبقون أكثر من نصف ساعة غالبا أن ينتظروا هذه المدة وبعد الخروج يدخنوا؟
وإن اضطر البعض للبقاء طويلا –مهما كانت الأسباب- ألا يمكنهم الخروج إلى خارج الخيمة ويدخنوا ثم يعودوا..؟!
لماذا نفرض سلوكنا السلبي على الجميع تجاوزا وكبرياء وتعنتا …الخ؟!.
ب- بقاء بعضهم –باسم القرابة العشائرية او العلاقة الحزبية او… في الخيمة طوال الأيام الثلاثة…دون ضرورة …فتتعطل أعمال ووظائف، والعمل أهم من الموت…فالعمل يخدم الحياة والتعطل يضعف الحياة ومتطلباتها، كما أن وجودهم الدائم يفرض مستلزمات مثل: الخدمة ،ومصروف الطعام والشراب وإشغال المكان…وكل ذلك ليس ضروريا.
فإن كان ولا بد –كما يقال- فليذهبوا إلى أعمالهم ثم يعودوا بعد الانتهاء منها …أو يزوروا الخيمة في أوقات متباعدة …لتأكيد مشاعرهم واستعدادهم للمشاركة.وفي كل الأحوال دون إطالة.
ت- تنظيم أوقات التعزية…ويفضل اتفاق القوى الإدارية اجتماعيا وسياسيا على شكل التنظيم المناسب..وفي رأيي الشخصي فإن زيارة الخيمة صباحا بدءا بالتاسعة حتى الواحدة ، ومساء بدءأ بالخامسة –على الأقل- حتى التاسعة ..وترك الفترة ما بين الواحدة والخامسة للاستراحة قد يكون برنامجا عمليا…
ولا ريب أن هناك ما يمكن إضافته لكنني أكتفي الآن بما ذكر فإن تحقق سيكون مدخلا –ربما تلقائيا- لما يترتب عليه.
السلوك الاجتماعي بمعناه العام وبمعطياته المختلفة له تأثيره في حياتنا،ويفترض أن نتداعى جميعا إلى معالجة سلبياته وتكريس ايجابياته وعلى مختلف الصعد.