اللغة الإعلامية المخربة للذائقة الثقافية

محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
m.qibnjezire@hotmail.com

في ثقافة الشعوب المتخلفة السياسية –ومنها العربية والكوردية…-  نهج، قلما يعتمد المنطق والواقعية، لكنه

يسخر النهج المنطقي ورتوشا من الواقعية   لإضفاء الصبغة المنطقية -في حدها الأدنى- للتأثير على  فعالية العقل ، والتي يفترض  أنها تشكل أساس  وفعالية (الذهنية البشرية) عموما -حتى في مستواها الشعبي…!
وقد اختصر الأيديولوجيون عموما –والأيديولوجية العربية في شقيها: القومي العروبي والديني .هذا النهج “المتمنطق” في الثقافة السياسية.
 ويبدو أن فلسفة الإعلام  اعتمدتها أيضا..

فالإعلام عادة تابع للإدارة الحاكمة فجاءت الأطروحات الإعلامية فيها بائسة ثقافيا؛ بعناصرها المختلفة : المتمظهرة بالتفكير ، و المتمنطقة ، والرتوش الواقعية…الخ.
 وتكاد تكون مجرد أيديولوجيات- ذاتية الصنع-مهترئة في نسيج تكوينها النظري، والمنفصل عن الواقع عادة إلا بقدر ما يمكن توظيفها لها، وعن حقائق التاريخ التي تعرضها هذه الأيديولوجيات بنهج ذاتي لغايات سياسية..
عند التعمق في المداخلات الإعلامية الشفهية والكتابية الصحافية… وغيرها.

خاصة لدى هؤلاء الذين يحملون هذه الرؤية ، ويتبعون الحوار–إن جاز لها إن تسمى رؤية بالمعنى الفلسفي، أو حوارا بالمعنى القاموسي له – .
 عند التعمق  فيها نلاحظ أمرا أساسيا هو الانطلاق من سيكولوجية مُدَغدَغة؛ محتواها الأساسي، الطموح-أو الطمع – أو الأحلام – أو الأوهام…-
 مما يجعل هؤلاء -منذ اللحظة الأولى- منحازين،لأن دوافع خاصة –وأحيانا مبتذلة- تحرك   أطروحاتهم.
وعلى الرغم من أن طبيعة الثقافة السياسية  تتضمن طموحات وأطماعا وأحلاما… في العموم – وهذا ليس عيبا في حد ذاته- إلا أن الذي يميز المحنّكين في المجتمعات الديمقراطية وهم يعتمدون هذه الخصائص- هو:
أن الممارسة الديمقراطية  تفرز الكفاءات، والقدرة على اكتساب الخبرة عبر الاحتكاكات في مختلف تجلياتها، منذ العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية … في ظروف السلم، إلى ظروف العلاقات في الأزمات والحروب …فضلا عن الفرص المتاحة للشعب عبر حرية الانتخاب والاختيار وعبر حرية التعبير والصحافة الحرة…وحماية القانون…الخ.
انطلاقا من هذا الفهم، نلاحظ أن البعد الذاتي العميق في هؤلاء الأيديولوجيين -القوميين خاصة – وهم يستندون إلى الأيديولوجية الماركسية في أصولها، والكثير من مفرداتها … هو الأكثر تأثيرا؛ سواء عن وعي قاصد -وهو الأصل- أو عن غير وعي وجهل.

-.
نلاحظ تهافتا شديدا في أطروحات ، ليس لها وظيفة معرفية وأخلاقية وقانونية… ،
 هي فقط جهد تشويشي على المفاهيم التي يمكن أن تتبلور كحقائق في الواقع، أو في المنظومة الثقافية السياسية…
ولأن هؤلاء غالبا يمارسون وظيفة ارتزاقية -في شكل ما- انتفاعا، من  أشخاص ونظم، أو ارتزاقا مباشرا (رهن النفس لمقايضات مباشرة واحترافية…!).
هؤلاء عادة، يكونون ذلقي اللسان، منمقي اللغة، كنتيجة لاحترافهم.

لكنهم لا ينتبهون –أنهم إنما يمارسون إسقاط ما يعيشونه من أحوال على الآخرين، وكل  اتهاماتهم بلا أدلة..

سوى ما يعيشونه هم في واقعهم المتهم…!
أنهم يمارسون التناقض من خلال الانتقائية –غير المتوافقة مع النهج المنطقي –في تعريف الأحوال…فمثلا يصفون سلوكيات وحراكات بتوصيف هنا ،ويصفونها هناك بتوصيف آخر، على الرغم من تشابهها في الممارسة.
لنأخذ موقف إيران وحزب الله –مثلا- من الحراك في الدول العربية المختلفة، وسوريا، ومن الحراك البحريني، فهما يتبنيان هذه الحركات على أساس مذهبي وهم يزعمون أنهم بعيدون عنها.
 وهناك من يفعل مثلهم في الأطراف الأخرى أيضا.
فالموضوع ثقافة أيديولوجية تدير شؤون الحياة وتنعكس –او تفرض-على الإعلام أيضا.وتتبدل الأشياء تبعا للتوجه الأيديولوجي المتجاهل للذائقة العامة في طبيعتها العفوية والفطرية آو التي ارتقت  بنمو ثقافي صحي…..بل هي محاولة للتأثير فيها وتوجيهها في الاتجاه التي تتبناه هي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…