حسين جلبي
ربما أصبحت، أو كادت أن تُصبح من الماضي تلك الحكمةً الكُرديةً التي كانت تقول (لا أصدقاء سوى الجبال)، بعد أن جعلت التكنولوجيا الجبل كالسهل في متناول الجميع، و بعد أن أتاحت العقود الأخيرة للإنسان الكُردي، و للجميع، أن يخوضوا مُقاومة سلمية كجزء من طقوس الحياة اليومية، تحت أنظار المجتمع الدولي إن لم يكن برعايته، دون أن يُضطروا بسببها إلى ترك بيوتهم و مصادر رزقهم.
لكن، رغم ذلك فإن هناك أصدقاء يذكرون المرء بالجبال في الزمن الجميل، قبل أن تغادر أقدارها، أصدقاءَ من لحمِ و دم، بشر يعيشون بيننا و نعيش بينهم، نستطيع أن نقف في وجه المصاعب التي تواجهنا و نحنُ لا نأمن بأن ظهورنا محميةً فحسب،
ربما أصبحت، أو كادت أن تُصبح من الماضي تلك الحكمةً الكُرديةً التي كانت تقول (لا أصدقاء سوى الجبال)، بعد أن جعلت التكنولوجيا الجبل كالسهل في متناول الجميع، و بعد أن أتاحت العقود الأخيرة للإنسان الكُردي، و للجميع، أن يخوضوا مُقاومة سلمية كجزء من طقوس الحياة اليومية، تحت أنظار المجتمع الدولي إن لم يكن برعايته، دون أن يُضطروا بسببها إلى ترك بيوتهم و مصادر رزقهم.
لكن، رغم ذلك فإن هناك أصدقاء يذكرون المرء بالجبال في الزمن الجميل، قبل أن تغادر أقدارها، أصدقاءَ من لحمِ و دم، بشر يعيشون بيننا و نعيش بينهم، نستطيع أن نقف في وجه المصاعب التي تواجهنا و نحنُ لا نأمن بأن ظهورنا محميةً فحسب،
بل يتقدمون صفوفنا لمواجهة تلك المصاعب.
أصدقاء يستطيع الكُردي أن يلجأ إليهم و هو مطمئن إلى أن له في قلوبهم مكاناً يستطيع أن يحتمي فيه، و في عقولهم نوراً يستطيع أن يستضئ به، و يقف على رأس هؤلاء د.
عبدالرزاق عيد.
كان التقليد في الماضي أن نبحث عن أصدقائنا في الأقاصي، و نكون أصدقاء لثائرين في المجهول، كان الحلم يلعب دوره في بناء قِصة مثالية بين طرفين لا يعكر صفوها تحديات الحياة اليومية، و هي لا تكلف طرفيها أي ثمن، اليوم لا يحتاج المرء سوى إلى فتح مداركه ليرى أصدقاء حقيقيين لا إفتراضيين، يُشاركونه حلو الحياة و مرها.
لقد كشفت نار الثورة السورية عن كثيرٍ من المعادن النفيسة، منها تلك التي أثبتت أصالتها عندما خضعت للإختبار الصعب في نار الدكتاتورية خلال سنين طويلة، ثم عندما بقيت على أصالتها و هي تخوض الإختبار القاسي ذاته منذ بدء الثورة السورية، دون أن يتمكن التشويش و التشويه من التأثير على بريقها، و من هذه المعادن الأصيلة صديق الشعب الكُردي عبدالرزاق عيد.
يطرح د.
عيد في تدوينته المعنونة بـ (الأخوة الأكراد و سهولة تفريطهم بأصدقائهم!!) على صفحته على الفيسبوك، يطرح نظرته للكُرد السوريين ما بعد الثورة، ليصل في النهاية و بصرف النظر عما يبدو له و للبعض إلى تمسكه بصداقتهم.
و هنا لا بُد من القول أن الكُرد لا يقفون عند كلمة هنا أو أُخرى هناك، بحيث يُخرجونها من إطارها و يفسرونها بسوء نية، فهم ليسوا ذلك الشعب المتجهم الذي لا يتقبل الطرفة، و يجعلها قضيةً تؤدي إلى (قطع العلاقات الدبلوماسية و سحب السفراء)، بل هم من يقوم في أحايين كثيرة بإختراعها، ليس للترويح عن النفس فقط، بل لجلد الذات أيضاً، و هذا ما تقوم به عامودا كثيراً، العاصمة الكُردية للثورة السورية، من خلال الإبداعات اللاذعة التي تنتجها، و لكنهم ـ أي الكُرد ـ و مع ذلك ليسوا بتلك البساطة التي تجعلهم مثل البعض ممن يثور مثلاً لرسمٍ (مُسئ) للرموز الدينية في مكانٍ نائي، بينما يتعاملون مع قتل الناس و حرق تلك الرموز و التنكيل بها و قصف الجوامع و كأنها من العاديات طالما تجري بأيادٍ (وطنية).
تشكل تدوينة د.
عيد إذاً أسئلة مشروعة أكثر من كونها أجوبة شافية، كان يجب على الكُرد طرحها على أنفسهم، قبل أن يطرحها الصديق العزيز عليهم من باب صداقته الواسع، التي تبيح له التخلي عن الحذر و هو على درب الصداقة، و سأسمح لنفسي ـ بعد أذنه ـ بإعادة صياغة بعض ما ورد فيما كتبه بصيغة أسئلة أوجزها على الشكل التالي:
1.
هل يجب أن يقوم الكُرد بالخلط بين النظام البعثي الشوفيني القاسي و بين أشقائهم و مواطنيهم العرب السوريين أثناء صراعهم مع ذلك النظام من أجل حقوقهم؟
2.
هل يجب تحميل الثورة السورية وزر الإتفاقات الدولية مثل سايكس ـ بيكو التي حرمت الكُرد من حقوقهم، بحيث يتوجب على الثورة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل قرنٍ من الآن؟
3.
هل يستطيع الكُرد فرض أي إتفاق يتوصلون إليه مع النخب السياسية السورية و خاصةً المعارضة، سواءٌ أكان إتفاقاً فضفاصاً أو متواضعاً، على الشعب السوري بعد سقوط النظام، أم يجب أن يحظى أي إتفاق بموافقة الشعوب السورية؟
4.
هل يجب أن يدرس الكُرد العروض التي تقدم لهم، و يقفوا إلى جانب من يقدم أفضلها حتى لو كان النظام القاتل نفسه؟
5.
هل يجهل الكُرد حقاً أم يتجاهلون حقيقة أن الثورة هي ثورة كل السوريين، و يتعاملون معها و كأنها ثورة العرب فقط ؟
6.
هل هذا هو التوقيت المناسب لطرح المطالب الكُردية في الفيدرالية و حق تقرير المصير، و هل الدماء التي تسيل في شوارع سوريا، و الإنتهاكات التي يتعرض لها الجميع بما فيها أعراض النساء هي في سبيل تلك المطالب الكُردية فقط؟
7.
هل من حق أي مكون أو فصيل عربي أو كُردي أن يفتي بمستقبل الكيان الجغرافي و العضوي لسوريا، أم أن ذلك من حق الشعب السوري من خلال التوافق على ذلك دستورياً تحت قبة البرلمان؟
8.
هل من واجب الفصائل الكُردية تقديم مشروع مدني ديمقراطي قادر على إقناع كل الفئات و الشرائح و الإثنيات القومية السورية، أم أن عليها البقاء في المنطقة الرمادية، تُمارس لعبة الإبتزاز بين طرفي النزاع لإنتزاع حقوقها؟
9.
هل الكُرد غُرباء عن سوريا، و إذا لم يكن كذلك فلماذا لا يندمجون في الحِراك الثوري على الأرض و ضمن فصائل المعارضة السورية؟
10.
هل عبدالرزاق عيد صديقٌ للشعب الكُردي، و هل يفرط الأكراد بأصدقائهم حقاً؟
إنها أسئلة مشروعة، و هواجس، يمكن للكُرد أن يسمعوها من شركائهم في الوطن، و من أحد أقرب أصدقائهم، يتوقف على الأجابة عليها الكثير، مع أن السؤال يتضمن الإجابة في أحيان كثيرة، إلا أن ما ينقص هو العمل بمقتضياتها.
لكن للإجابة على السؤال الأخير الذي دار حوله الموضوع، لا بُد من ذكر ما ختم به د.
عيد تدوينته عندما كتب: (مهما حاول الأكراد الصادقون في تشنجهم العصبوي، أو شبيحة النظام الفاشي العائلي المافيوي الأسدي الذين يستخدمون بعض الأكراد و الأطراف الكُردية، أن يوقعوا بيني و بين أصدقائي الأكراد، فإنهم لن يحصدوا سوى الشوك، لأن علاقتي بقضية الشعب الكُردي هي علاقة مبدأية معرفية و سياسية، و هي أن الأكراد مهما دفعتهم ظروف التطرف القومي للأنظمة المعادية المحيطة بهم (عربية كانت أم فارسية أم تركية)، فإن خيارهم سيكون خياراً ديمقراطياً مدنياً لهم و للشرق الأوسط..
بل و إني أراهن دائماً أن يكونوا طليعته و بوابته…).
إذاً، مهما حاول هؤلاء الذين ذُكروا، أن يوقعوا بيننا و بين صديقنا د.
عيد، فإنهم لن يحصدوا سوى الشوك، لأن علاقتنا به هي علاقة أخوية و إنسانية مبنية على تجارب، لن تغيبها أية ظروف مهما كانت قاسية، فهي لن تجعلنا نُفرط بإصقائنا، أو نغير خياراتنا الديمقراطية، و ستثبت الأيام صدق رهاناته.
أصدقاء يستطيع الكُردي أن يلجأ إليهم و هو مطمئن إلى أن له في قلوبهم مكاناً يستطيع أن يحتمي فيه، و في عقولهم نوراً يستطيع أن يستضئ به، و يقف على رأس هؤلاء د.
عبدالرزاق عيد.
كان التقليد في الماضي أن نبحث عن أصدقائنا في الأقاصي، و نكون أصدقاء لثائرين في المجهول، كان الحلم يلعب دوره في بناء قِصة مثالية بين طرفين لا يعكر صفوها تحديات الحياة اليومية، و هي لا تكلف طرفيها أي ثمن، اليوم لا يحتاج المرء سوى إلى فتح مداركه ليرى أصدقاء حقيقيين لا إفتراضيين، يُشاركونه حلو الحياة و مرها.
لقد كشفت نار الثورة السورية عن كثيرٍ من المعادن النفيسة، منها تلك التي أثبتت أصالتها عندما خضعت للإختبار الصعب في نار الدكتاتورية خلال سنين طويلة، ثم عندما بقيت على أصالتها و هي تخوض الإختبار القاسي ذاته منذ بدء الثورة السورية، دون أن يتمكن التشويش و التشويه من التأثير على بريقها، و من هذه المعادن الأصيلة صديق الشعب الكُردي عبدالرزاق عيد.
يطرح د.
عيد في تدوينته المعنونة بـ (الأخوة الأكراد و سهولة تفريطهم بأصدقائهم!!) على صفحته على الفيسبوك، يطرح نظرته للكُرد السوريين ما بعد الثورة، ليصل في النهاية و بصرف النظر عما يبدو له و للبعض إلى تمسكه بصداقتهم.
و هنا لا بُد من القول أن الكُرد لا يقفون عند كلمة هنا أو أُخرى هناك، بحيث يُخرجونها من إطارها و يفسرونها بسوء نية، فهم ليسوا ذلك الشعب المتجهم الذي لا يتقبل الطرفة، و يجعلها قضيةً تؤدي إلى (قطع العلاقات الدبلوماسية و سحب السفراء)، بل هم من يقوم في أحايين كثيرة بإختراعها، ليس للترويح عن النفس فقط، بل لجلد الذات أيضاً، و هذا ما تقوم به عامودا كثيراً، العاصمة الكُردية للثورة السورية، من خلال الإبداعات اللاذعة التي تنتجها، و لكنهم ـ أي الكُرد ـ و مع ذلك ليسوا بتلك البساطة التي تجعلهم مثل البعض ممن يثور مثلاً لرسمٍ (مُسئ) للرموز الدينية في مكانٍ نائي، بينما يتعاملون مع قتل الناس و حرق تلك الرموز و التنكيل بها و قصف الجوامع و كأنها من العاديات طالما تجري بأيادٍ (وطنية).
تشكل تدوينة د.
عيد إذاً أسئلة مشروعة أكثر من كونها أجوبة شافية، كان يجب على الكُرد طرحها على أنفسهم، قبل أن يطرحها الصديق العزيز عليهم من باب صداقته الواسع، التي تبيح له التخلي عن الحذر و هو على درب الصداقة، و سأسمح لنفسي ـ بعد أذنه ـ بإعادة صياغة بعض ما ورد فيما كتبه بصيغة أسئلة أوجزها على الشكل التالي:
1.
هل يجب أن يقوم الكُرد بالخلط بين النظام البعثي الشوفيني القاسي و بين أشقائهم و مواطنيهم العرب السوريين أثناء صراعهم مع ذلك النظام من أجل حقوقهم؟
2.
هل يجب تحميل الثورة السورية وزر الإتفاقات الدولية مثل سايكس ـ بيكو التي حرمت الكُرد من حقوقهم، بحيث يتوجب على الثورة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل قرنٍ من الآن؟
3.
هل يستطيع الكُرد فرض أي إتفاق يتوصلون إليه مع النخب السياسية السورية و خاصةً المعارضة، سواءٌ أكان إتفاقاً فضفاصاً أو متواضعاً، على الشعب السوري بعد سقوط النظام، أم يجب أن يحظى أي إتفاق بموافقة الشعوب السورية؟
4.
هل يجب أن يدرس الكُرد العروض التي تقدم لهم، و يقفوا إلى جانب من يقدم أفضلها حتى لو كان النظام القاتل نفسه؟
5.
هل يجهل الكُرد حقاً أم يتجاهلون حقيقة أن الثورة هي ثورة كل السوريين، و يتعاملون معها و كأنها ثورة العرب فقط ؟
6.
هل هذا هو التوقيت المناسب لطرح المطالب الكُردية في الفيدرالية و حق تقرير المصير، و هل الدماء التي تسيل في شوارع سوريا، و الإنتهاكات التي يتعرض لها الجميع بما فيها أعراض النساء هي في سبيل تلك المطالب الكُردية فقط؟
7.
هل من حق أي مكون أو فصيل عربي أو كُردي أن يفتي بمستقبل الكيان الجغرافي و العضوي لسوريا، أم أن ذلك من حق الشعب السوري من خلال التوافق على ذلك دستورياً تحت قبة البرلمان؟
8.
هل من واجب الفصائل الكُردية تقديم مشروع مدني ديمقراطي قادر على إقناع كل الفئات و الشرائح و الإثنيات القومية السورية، أم أن عليها البقاء في المنطقة الرمادية، تُمارس لعبة الإبتزاز بين طرفي النزاع لإنتزاع حقوقها؟
9.
هل الكُرد غُرباء عن سوريا، و إذا لم يكن كذلك فلماذا لا يندمجون في الحِراك الثوري على الأرض و ضمن فصائل المعارضة السورية؟
10.
هل عبدالرزاق عيد صديقٌ للشعب الكُردي، و هل يفرط الأكراد بأصدقائهم حقاً؟
إنها أسئلة مشروعة، و هواجس، يمكن للكُرد أن يسمعوها من شركائهم في الوطن، و من أحد أقرب أصدقائهم، يتوقف على الأجابة عليها الكثير، مع أن السؤال يتضمن الإجابة في أحيان كثيرة، إلا أن ما ينقص هو العمل بمقتضياتها.
لكن للإجابة على السؤال الأخير الذي دار حوله الموضوع، لا بُد من ذكر ما ختم به د.
عيد تدوينته عندما كتب: (مهما حاول الأكراد الصادقون في تشنجهم العصبوي، أو شبيحة النظام الفاشي العائلي المافيوي الأسدي الذين يستخدمون بعض الأكراد و الأطراف الكُردية، أن يوقعوا بيني و بين أصدقائي الأكراد، فإنهم لن يحصدوا سوى الشوك، لأن علاقتي بقضية الشعب الكُردي هي علاقة مبدأية معرفية و سياسية، و هي أن الأكراد مهما دفعتهم ظروف التطرف القومي للأنظمة المعادية المحيطة بهم (عربية كانت أم فارسية أم تركية)، فإن خيارهم سيكون خياراً ديمقراطياً مدنياً لهم و للشرق الأوسط..
بل و إني أراهن دائماً أن يكونوا طليعته و بوابته…).
إذاً، مهما حاول هؤلاء الذين ذُكروا، أن يوقعوا بيننا و بين صديقنا د.
عيد، فإنهم لن يحصدوا سوى الشوك، لأن علاقتنا به هي علاقة أخوية و إنسانية مبنية على تجارب، لن تغيبها أية ظروف مهما كانت قاسية، فهي لن تجعلنا نُفرط بإصقائنا، أو نغير خياراتنا الديمقراطية، و ستثبت الأيام صدق رهاناته.