الأسَــــــدْ أوْ لا أحَـــــــدْ (في تـمـجـيـد الـزعـامة وامـتـهـان الكرامة)

خالد جميل محمد

“الأسَـدْ أو لا أحَـدْ أو تَـخْـرُبُ الـبَـلَـدْ”

سَـــتَـذْكُرُ الأجيالُ أن قسماً من السوريينَ المتحمِّسين لترديد هذا الشعارِ وأمثالِه جَـنى على نـفْـسِه ووطنه طويلاً، ثم دفع أثمانَ ذلك دمــاً وأرواحاً وعِــرْضاً ومالاً، إذْ قرّرَ الكفَّ عن تمجيد طاغية دمشقَ وترخيصِ قيمةِ الإنسانِ وتحقيرِ حياته ومَسخِ شخصيته بترديد مقولاتٍ أعدّتها مكاتب أمنية مختصّة بصناعة شعاراتٍ روّجت لها مكاتبُ مختصة بفرْضها على الأسماع، وهي الشعارات التي أفقرت الشعب مقابل إغناء الزعيم وحاشيته، وأحزنت الجماهيرَ من أجل إسعادِ القائد وعائلته، وأذلّت العامّةَ في سبيلِ إعزازِ الخاصّة وخاصّة الخاصّة من طُغمة حاكمة بقوة هذه الشعارات ونفوذِها بِــقَــدْرِ سطوتها بقوّة الأمن والسلاح والسُّلْطة.
“الأسَـدْ أو لا أحَـدْ أو تَـخْـرُبُ الـبَـلَـدْ”

شِـعارٌ شَــوّه نِـصفَ قَـرْنٍ من عُــمْـرِ شعبٍ قـبَّـحَ حياتَه وجودُ سُــلْـطةٍ تألَّــه رئـيسُها وتمادى إلى حَــدِّ فرْضِ أحَــدِيّــتِه التي أفضت إلى جعل البلد قُرباناً لرغبته في أبديّة الحكم على جِـبـالٍ من أجسادٍ وآمالٍ مُحَـطَّـمَة، وقد أشهرَ النادمون جامَ رفضهم لتقديس حاكم مُدَنَّسٍ بشهوة عارمة إلى سَــفْـكِ دماءِ الــ(هُـــم) للإبقاء على (أنـــا)هُ المتضخّمة بفعل تصفيق المُــمَـجِّدين سنواتٍ يدوم التكفير عنها سنواتٍ بعد أن عادت عليهم أصوات تصفيقهم الفرد الواحد الأحد أزيزاً ودماراً وانتقاماً وضغائنَ وأحقاداً.
“الـــزعيم أو لا أحَـدْ أو تَـخْـرُبُ الـبَـلَـدْ”

بعضُ جيلٍ من الكردِ السوريين يـنـتـوي اجترار تجربة عقود من سنين أثبتت حركة التاريخ أنها لا تــبْــني أوطاناً ولا تحرّر إنساناً، حيث إنّ ما يُفرَضَ على أسماع الناس واذهانهم من شعارات مماثلةٍ تُذكِّرهم بــ “الأسدْ أو لا أحدْ”.

وفي ذلك غلوٌّ شديدٌ واستهجانٌ يوجبُ خَلق “الإنسان في احسن تقويم” أن يحترز منه، لِــما في هذا النحوِ من التبجيل من شطْحٍ سياسيٍّ قد يجرّ الكرد السوريين ذاتَ احتقانٍ إلى ما أصاب السوريين ذات ثورة، فكان الثمنُ دمــاً وأرواحاً وعِــرْضاً ومالاً ووطناً وقضيةً وانتماءً.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…