إلخ.
الأسماء الآنفة الذكر هي اسماء من يقف في قاعة الاستقبال للترحيب بالضيوف المدعوين في أي وليمة أو حفل, أما الذين أعدوا وهيأوا كل شيء فيظلون بعيداً عن الاضواء داخل مطابخ تحضير الطعام أو صنع القرارات الكبرى في غرف العمليات الداخلية التي لا تخترقها الكاميرات ولا يتسلل اليها الصحافيون إلا نادراً
سنسلط الأضواء هنا على عدد من الشخصيات الفاعلة في غرف العمليات السرية في العواصم المعنية بالأزمة السورية ممن يرسمون الخطط وينفذونها, ويعدون مشاريع القرارات والخطط السياسية ويضمنون تطبيقها, ويساعدون على تجهيزها.
وهؤلاء تبدأ مهماتهم وأدوارهم بوضع الاقتراحات وتحديد الامكانات والأطر القانونية والسياسية لها, ثم تمتد أدوارهم لتشمل العمل على تنفيذها على الأرض وخلف الكواليس
24 شخصية
القائمة التي جهزناها تضم نحو 24 شخصية سياسية ودبلوماسية وعسكرية وأمنية وادارية، وهذه الاختصاصات هي عادة التي تدير غرف العمليات ومطابخ القرارات السيادية السياسية في الدول ذات المؤسسات الراسخة والتي تتبع تقاليد مهنية وإدارية علمية في تخطيط سياساتها وفق مصالح بلدانها وحكوماتها وقادتها .
أولاً- إذا بدأنا من نيويورك, حيث الأمانة العامة للأمم المتحدة, فإن ثمة رجلين أهم كثيراً من السكرتير العام بان كي مون والمبعوث الاخضر الابراهيمي، هما يان الياسون (سويدي) وجيفري فيلتمان (أميركي).
الأول هو نائب السكرتير العام ورئيس ((مجموعة الاتصال)) الخاصة بالأزمة السورية التي تضع الخطط والاهداف والمبادرات التي يتعين على المنظمة الدولية اتخاذها, وتطلب من الابراهيمي تنفيذها.
واللجنة تضم دبلوماسيين كباراً من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن وبعض الخبراء في المنظمات الدولية الفرعية.
والياسون غني عن التعريف لأنه أهم وزير خارجية سويدي منذ نصف قرن, وله أدوار دولية كبيرة في معالجة أزمات ساخنة ومعقدة, وشغل لاحقاً منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة
أما جيفري فيلتمان فيشغل اليوم وظيفة وكيل السكرتير العام للشؤون السياسية الدولية, ومن هذا الموقع يقوم بدور كبير في معالجة الملف السوري ومتفرعاته الاقليمية, وفيلتمان كان مساعداً لوزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط في إدارتي بوش الابن واوباما, وسفيراً في عواصم عربية عدة، وعندما أحيل على التقاعد العام الماضي وصفته دوائر واشنطن بأنه أرفع خبير أميركي بقضايا الشرق الأوسط الأمر الذي أهله لمنصبه الحالي في إدارة الامم المتحدة
ثانياً- إذا انتقلنا من نيويورك الى واشنطن فسنجد اربع شخصيات رئيسية تتقاسم إدارة الملف السوري سياسياً وأمنياً, وهم بحسب فعاليتهم لا بحسب مناصبهم، السفير روبرت فورد, آخر من شغل هذا المنصب في دمشق حتى بداية الثورة، وأدى دوراً بارزاً في إظهار تعاطف بلاده معها في شهورها الأولى, وحين غادر العاصمة السورية أواخر العام 2011 كلف فورد بمتابعة مهامه مع ممثلي المعارضة السورية في الخارج, فشاركهم حضور جميع مؤتمراتهم وعقد صلات مباشرة مع معظمهم, وناقش معهم كل صغيرة وكبيرة.
ويقول أحدهم عنه حالياً ((هو الذي يقرر في الائتلاف السوري ويتحكم بخمسة وثمانين عضواً من أعضائه)).
والذين يعرفونه يقولون انه لا يؤيد اطلاقاً الحل العسكري للأزمة السورية، وأدى دوراً جوهرياً في تثبيت الدور الدبلوماسي لإدارة أوباما في هذه القضية، والدفاع عنه امام الكونغرس, وشكّل أهم ظهير لإدارة اتهمت بالتخاذل
والى جانب فورد يؤدي مدير الاستخبارات جون بريتان دوراً رئيسياً جداً, فهو الذي يضع صباح كل يوم أمام الرئيس تقريراً عن تقدير الـ((CIA)) للموقف العسكري في سورية وحالة النظام, وأهلية الثوار, وحجم التدخل الاجنبي, ويولي اهتماماً خاصاً للمنظمات الاسلامية التي يزداد حجمها.
وتشرف الاستخبارات الاميركية مباشرة على ملف تسليح الثوار, والجيش الحر وتدريب بعضهم في الاردن وتركيا.
والرجل ضد فكرة التورط العسكري, ويسعى لإبقاء دور بلاده عند أدنى مستوى له.
أما في الخارجية فهناك الآن سيدة تدعى بيث جونز تساعد الوزير في إدارة سياسته الشرق أوسطية ولكنها لم تثبت بعد كفاءتها ولم تتميز بخط واضح.
ويبدو أن كيري اختارها لتكون ظلاً له وحسب!
وآخر الشخصيات الفاعلة في الملف السوري هي مستشار الرئيس للأمن القومي سوزان رايس التي توصف بأنها ((حدأة في وسط سرب من الحمائم)) تؤيد سياسة تدخلية وقوية لبلادها في العالم, وهي التي لفتت الانتباه اليها مؤخراً بتوبيخها للحكومة الاسرائيلية بسبب الاستيطان, ويقال ان وجودها في البيت الابيض يحفظ بعض التوازن مع حمائم الخارجية, ويضفي على ادارة اوباما بعض الهيبة!
من روسيا
ثالثاً- أما في روسيا فيقتسم سبعة رجال المهام في الازمة السورية, لم يطرأ عليهم تغيير يذكر منذ بداية العاصفة في دمشق.
أربعة منهم رجال سياسة ودبلوماسية, وثلاثة في قيادة الاستخبارات، والجميع صقور يدعمون توجهات الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف المساندة لنظام الاسد والتحالف مع إيران لإجبار الغرب على الاعتراف بدور روسيا شريكاً في صنع القرارات الدولية.
وهؤلاء الرجال هم: ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والمبعوث الشخصي للرئيس في الشرق الاوسط.
ويوري اوشاكوف مساعد الرئيس للشؤون الدولية، وفيتالي تشوركين ممثل روسيا في مجلس الأمن الدولي الذي استعمل الفيتو ثلاث مرات, وهو الذي هدد بمسح قطر من الخريطة الدولية اذا واصلت تحدي روسيا! وهناك أخيراً غينادي غوتيلوف مساعد لافروف للشؤون الدولية
وعلى الجهة الأمنية هناك رئيس الاستخبارات الروسية فيكسلاف كوندراسكو, ورئيس الاستخبارات العسكرية إيغور سيرغون, ورئيس الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف.
هؤلاء يدعمون تعزيز قوة بلادهم السياسية والعسكرية, وأداء دور هجومي, ولا سيما في الشرق الأوسط لاستعادة ما خسرته في العشرين سنة الماضية.
ولاحظ المراقبون أن رئيس الاستخبارات كان أول الواصلين للقاهرة بعد اضطراب علاقاتها بواشنطن مؤخراً.
ويقال انه حمل للمصريين ملفاً كبيراً تضمن أسرار المؤامرات التي تحاك لمصر حالياً .
رابعاً- وإذا اقتربنا من دول المنطقة الفاعلة اقليمياً في الصراع على سورية وبدأنا بتركيا, فسنجد رجلين شديدي الفاعلية في رسم سياسة أنقرة وتنفيذها، لا يقل تأثيرهما عن أردوغان وأوغلو, هما رئيس الاستخبارات حقان فدان ورئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال نجدت أوزال.
ويقال عن الأول إنه أكثر رجال أردوغان قرباً منه ويوصف بأنه ظله, ويتوقعون أن يكون خليفته في قيادة حزبه وأكثر المرشحين لرئاسة الحكومة مستقبلاً.
ويؤدي الرجل دوراً نافذاً في الأزمة السورية ويشرف على كل صغيرة وكبيرة مع المعارضة السورية واستقبال اللاجئين وتسليح الثوار وفتح الأراضي التركية لهم, ويساعده نظيره العسكري الجنرال أوزال في الاشراف على هذه الجوانب الخطرة من العلاقة مع المعارضة السورية, وينبغي عليهما أولاً الحفاظ على ((دوزان)) دقيق بين الدعم والتسهيل, وعدم التورط الكامل, وحفظ أمن الحدود التي تمتد الف كيلومتر.
وهما يشرفان بالدقة نفسها على ملفات كورد سورية المنظمات المتطرفة.
فضلاً عن العلاقة مع الجيش الحر والتحالف مع المعارضة السياسية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار في تركيا.
رجال ايران
خامساً- أما إيران فهي تنافس تركيا في دورها الاقليمي, وتقف بكل قواها العسكرية والاقتصادية والسياسية خلف نظام الاسد وتوظف إمكاناتها الروحية في أوساط الشيعة في العالم لإمداد دمشق بمدد غير محدود من المقاتلين من لبنان والعراق اللذين يخضعان لهيمنة شبه تامة منها
تميزت السياسة الايرانية في الأزمة السورية بالهجومية والعنف والتطرف, وهو تحصيل حاصل نظراً إلى أن من يمسك بملفها إلى جانب المرشد خامنئي, هما جنرالان من أقوى رجالات النظام نفوذاً في الهيكلية الأمنية والسياسية للنظام, هما الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الأداة الضاربة للنظام, والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس.
الأول هو الشخصية العسكرية الأقوى في ايران واشتهر بتنافسه في التطرف مع الرئيس السابق احمدي نجاد, وأول من هاجم الرئيس الجديد حسن روحاني لرده على اتصال اوباما, ويقال إن رئيس وزراء العراق نوري المالكي يخاطبه بـ((يا سيدي)) وينحني أمامه.
أما الثاني فهو الرجل الذي نظم النشاط العسكري والارهابي في العراق وقاده خلال العشر سنوات التي أعقبت الاحتلال الاميركي 2003 – 2013 ويوصف بأنه الرئيس السري للعراق, ويحرك جلال طالباني الذي تم تجنيده منذ عشرين سنة للاستخبارات الايرانية.
ويعتبر حالياً القائد الفعلي الأول للعمليات العسكرية الإيرانية في سورية, ويشرف على التسليح والعمليات القتالية, واستقدام المقاتلين من العراق ولبنان.
وتنسب له المهام الامنية الحساسة في سورية التي تجعل منه بمثابة رئيس اركان لعمليات النظام الحربية, واستطاع توحيد أجهزة الاستخبارات السورية في اطار وظيفي واحد, بعد أن كانت تتصارع ولا تتعاون.
وبينما يتولى سليماني هذه المهام في سورية والعراق ولبنان يتولى جعفري بقية المهام على مستوى الخليج, ولا سيما ملفات الامارات والسعودية والبحرين واليمن فضلاً عن فلسطين ومصر
وفي اسرائيل
سادساً- أما في اسرائيل الدولة ذات النفوذ العميق في مواقف الدول الكبرى من سورية, فالمسؤول الأول فيها عن الملف السوري بعد الثورة هو الجنرال أفيف كوخافي, رئيس الاستخبارات العسكرية.
وهو يتابع بالتعاون مع الجيش والموساد والخارجية تطورات الأزمة, وتصب عنده المعلومات والتقارير الأمنية والسياسية.
ومن مكتبه تصدر التعليمات للأطراف الأخرى.
ويتابع بأقصى الاهتمام تحرك الأطراف المتصارعة, وواردات السلاح, والعمليات العسكرية في سورية, وامتداداتها من والى لبنان ويصدر التعليمات بشأنها، وينسق مع رئيس الحكومة ومطبخه الامني المصغر.
والجنرال كوخافي هو الذي أمر بتوجيه الضربات العسكرية داخل سورية حتى الآن, وحدد أهدافها.
ويقال أن هناك عمليات عديدة نفذت سراً ولم تعلن عنها.
ويتبادل رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية المعلومات مع عدد من الاستخبارات الاجنبية, لا سيما الأميركية والأوروبية والروسية.
ويقال إنه من بارك تدخل حزب الله في سورية وغض النظر عن الدور الايراني, وعارض اي دعم عسكري للمعارضة السورية, أو تدخل أجنبـي لإسقاط الاسد .
سابعاً- على المستوى العربي تأتي المملكة العربية السعودية على رأس الدول الشقيقة دعماً للثورة السورية, وبناء على ذلك تتبع استراتيجية أمنية لمنع سقوط سورية تحت السيطرة الإيرانية, بما في ذلك تسليح الثوار والمعارضة بالمال والعتاد اللوجستي المتنوع, كما تدعم على الصعيد الدبلوماسي الدولي مطالب الشعب السوري وحقه في تغيير النظام القائم بعد ما اقترفه من جرائم.
وكانت الرياض منذ نهاية 2011 أول من طالب علناً بالتدخل الخارجي العسكري.
وطالبت مجلس الامن الدولي بإصدار قرار تحت الفصل السابع يسمح بهذا التدخل ويوفر الحماية للمدنيين.
يمسك بالملف السوري في القيادة السعودية ثلاثة رجال, الامير سعود الفيصل وزير الخارجية الذي يتابع بنفسه كل الشؤون السورية الدولية, ويقوم الأمير بندر بن سلطان رئيس مجلس الامن والاستخبارات بدور مواز سياسياً وعسكرياً وتنفيذياً، ويتولى التنسيق مع المعارضة السورية, ويحشد لها الدعم والتأييد, وينظم إيصال المعونات, والتنسيق مع بقية الدول وخاصة أميركا وفرنسا وتركيا والاردن.
أما الرجل الثالث فهو الأمير الشاب سلمان بن سلطان من موقعه في وزارة الدفاع, حيث يتولى عملية التسليح المباشر لفصائل الجيش الحر ويعمل على توحيد صفوفه وهياكله, وعزل الفصائل المتطرفة ومنع وصول السلاح لها.
ويقول اكثر من مصدر سوري ان الأمير سلمان يقضي معظم أيامه في الاردن وجنوب تركيا يتابع بنفسه المهام السابقة ويجتمع مع قادة الفصائل المسلحة السورية, ويراجع معها حاجاتها من التمويل والتسليح وخطط عملياتها
ثامناً- في الاردن يتولى مسؤولية المسائل السورية حصراً شخص واحد يعمل بموجب تعليمات يومية مباشرة من الملك عبد الله الثاني, ولا دخل للحكومة وأجهزتها إلا في مسألة اللاجئين, أما مسألتا الامن والدفاع ففي يد الفريق أول فيصل الشوبكي رئيس الاستخبارات الاردنية, ويتابع هذا بنفسه الجوانب الامنية الحساسة, حيث يعتبر الاردن قاعدة استراتيجية لانطلاق أي تدخل خارجي يحصل, والقاعدة الخلفية لتدريب الدول الغربية للمقاتلين السوريين حالياً, وطريقاً لتوريد المساعدات اللوجستية لهم, وهناك ترتيبات أردنية – اقليمية – دولية متعددة لمواجهة أي طوارىء خطيرة على الصعيد الاقليمي قد تنجم بشكل مفاجىء عن الصراع
تاسعاً- في قطر يزداد بروز اسم رئيس جهاز الاستخبارات غانم خليفة الكبيسي كطرف رئيسي في مجموعة العمل القطرية الصغيرة التي تشرف على الموضوع السوري بإشراف الأمير, لا سيما وأن قطر تعتبر إحدى أكثر الدول ضلوعاً في الأزمة منذ بدايتها, ولا يقتصر دورها على المجال السياسي فقط بل تتعداه إلى العسكري والمالي والدبلوماسي.
وليس سراً أن قطر تتولى تسليح عدد غير قليل من الفصائل العسكرية الاسلامية, وتمارس نفوذاً واسعاً بين الكتل السياسية، وتقدم التمويل والدعم لها
ومصطفى بدر الدين
عاشراً- وأخيراً لا بد من الإشارة إلى احد قادة حزب الله/ لبنان كطرف رئيسي في الأزمة السورية وبشكل خاص بعد التورط العسكري الواسع فيها.
ومع أن الأضواء توجه دائماً لأمين عام الحزب السيد حسن نصر الله باعتباره الزعيم الأوحد للحزب الممسك بقراره وسياسته العامة, فإن من الواجب تسليط الضوء على القائد العسكري للحزب مصطفى بدر الدين الذي خلف في هذا الموقع عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008.
ولا شك أن بدر الدين هو المشرف الأول على خطة القتال في سورية, والتي يقدر عدد المشاركين فيها من الحزب حالياً بأكثر من ثلاثين الف مقاتل ينتشرون على جميع الجبهات الساخنة من درعا جنوباً الى حلب شمالاً, مروراً بدمشق وحمص وحماه.
ومصطفى بدر الدين له ماض معروف في العمل العسكري داخل لبنان وخارجه وخاصة عملية الكويت 1988، ويعرف بأنه كان على علاقة بزعيم القاعدة اسامة بن لادن، كما ان اسمه ورد في لائحة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في القرار الظني الذي ستجري جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اساسه
محمد خليفة ـ استكهولم3013