تحذيرات السيد أردوغان للرئيس السوري

المحامي مصطفى إبراهيم

سبق السيد أردوغان نظيره الرئيس الأميركي باراك أوباما برسم الخطوط الحمراء أمام بشار الأسد بأن تركيا لن تقف متفرجة أو مكتوفة الأيدي فيما إذا ارتكب  الأخير مجزرة مماثلة للتي ارتكبها والده بمدينة حماه في ثمانينات القرن المنصرم وهي تعني بالعرف السياسي والمصطلحات الدبلوماسية بأنها ستتدخل عسكرياً وبقوة للحيلولة دون وقوعها مما أوهم الشعوب السورية وقواها الثورية بأنهم يقفون على أرض صلبة ويسندون ظهورهم لجدار حليف إستراتيجي سيهب لنجدتهم وحمايتهم من شرور النظام في أوقات المحنة والشدة .
ولكن بعد مرور عامين ونيف على الثورة السورية وارتكاب النظام لجرائم ومجازر تندى لها جبين الإنسانية ويخجل من هولها وخزيها هتلر ونيرون وهولاكو إن بعثوا من قبورهم وصيرورة جميع المدن السورية كمدينة حماه إن لم تكن أكثر خرابا ودمارا وبلغت أعداد القتلى والجرحى والمشوهين والمهجرين من ديارهم أضعاف أضعاف ضحايا مدينة أبي الفداء فيما لم يتجاوز ويتخطى موقف السيد أردوغان سقف وسياق الشجب والاستنكار اللفظين التي لم تسمن من جوع أو تأمن من خوف فلم تردع الرئيس السوري يوماً بايقاف جرائمه بل زادته تعنتاً وإصرارا على تدمير سوريا دولة وشعوبا وتاريخا وحضارة وبلغ به الغرور والعنجهية بتصدير جرائمه إلى دول الجوار فامتدت لهيبها إلى عقر دار السيد أردوغان باستهداف مواطنيه العزل في أغجه قله (تل ابيض) وجيلان بنار (رأس العين) وبوابة السلامة الحدودية في منطقة أعزاز وباب الهوى سواء بالطائرات أو قذائف المدفعية وصواريخ السكود وإسقاط إحدى طائراته في الأجواء الدولية وقد لا تكون المجزرة المروعة التي ارتكبها عملاء النظام في مدينة (الريحانية) التي أودت بحياة العشرات بين قتيل وجريح هي الحلقة الأخيرة في مسلسل جرائمه فهي بجميع المقاييس اكبر تحدي لتركيا وقدرتها على الرد القاسي والفوري لكل من يحاول اختبار قوتها وتهديد أمنها القومي .
ورغم اعتراف المسؤولين الأتراك وعلى أعلا المستويات بأن النظام السوري قد ارتكب العشرات من الاعتداءات في الداخل التركي تعقيبا على مجزرة الريحانية الا أن السيد أردوغان يصرح بأن تركيا لن تتعامل مع هذا الحدث بردود انفعالية ولن تنجر إلى المستنقع السوري تحقيقا لرغبات ومخططات النظام السوري فغني عن البيان إن موقف السيد أردوغان من هذا يذكرنا بالخطوط الحمراء التي حذّر الرئيس أوباما النظام السوري باستعماله الأسلحة الكيمياوية  التي يترتب عليها عواقب وخيمة وستغير من قواعد اللعبة على حد تعبيره وقد علم وشاهد الجميع عن مدى جدية ومصداقية السيد أوباما بعد مرور عدة أشهر على تجاوز بشار لتلك الخطوط الحمراء (إن كانت حمراء فعلا) واستعماله لتلك الأسلحة في أكثر من مكان وزمان بالأدلة الحسية القاطعة .
فهل أن عدوى مواقف النظام السوري حيال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بالرد عليها (في الزمان والمكان المناسبين) منذ أكثر من عقدين قد انتقلت للنظام التركي ورئيسه أردوغان ……………؟؟
أم أن تهديدات حسن نصرالله وقاسم سليماني بأنهم سيجعلون من سوريا دولة مقاومة لتخوض حروب تحرير شعبية لإلغاء إسرائيل من جغرافية الشرق الأوسط واستعادة لواء الاسكندرون قد اثار الرعب والهلع بكيان السيدين أوباما وأردوغان .

فتطورات ومستجدات اللأيام والأسابيع المقبلة سترفع الغطاء ويزيل الضبابية عن المواقف الرمادية حيال مأساة ومحنة الشعوب السورية ويفيقون من سباتهم بأن ما سمعوه من السيدين أوباما وأردوغان كانت إما هفوة وزلة لسان أو تجارة داخلية رابحة لأن خطوطهم الحمراء مسحتها دبابات الأسد وصواريخه الفراغية وما سمعوه وشاهدوه عبر الفضائيات كانت سرابا في الصحارى وما بنوا عليها من آمال ومستقبل كانت أضغاث أحلام……………….

وأرجو صادقا أن أكون مخطئا في تقديري واستنتاجي ………..
سياسي كوردي سوري

      كوردستان – مصيف صلاح الدين        في   10/6/2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…