الخاسر الوحيد في الرهانات الكوردية

شفان ابراهيم
Shivan46@gmail.com

إن لم نقل منذ أن بدا الكورد مسيرتهم السياسية وال” نضالية” في سوريا, فعلى أقل تقدير سنلط الضوء على الحالة الكوردية آبان تشكيل المجلس الكوردي وإلى اليوم, وحالة الرهانات التي تلجا إليها أطراف كوردية, عبر فرض وجهات نظرها مراهنة على ديالكتيك خاص بها, متناسية أن ديالكتيكها هذا لن يكون سوى وبالاً على أغلبها, يتناقلون من طرف الى طرف, ويكسبون ود هذا على حساب ذاك, ولن أقول لقاء مغريات أو مكتسبات منها ما هي وهمية, ومنها ما هي حقيقية, لكن عبر تجربة بافلوفية, يرتضى احد الأطراف  تبوء منصب احد أطراف الحالة البافلوفية,
 وما هذه الرهانات إلا عبر استنتاجات تشخيصية وتأليهها عبر الإصرار عليها, وهي الغير مبنية على ستاندات علمية, فالتكتلات التي تحصل بين الفينة والفينة الأخرى, وتأرجح الكفة, وتغيير الأماكن, واستبدال الأدوار, وتغيير القناعات, واستجلاب مبادئ جديدة, كل هذه الاستباحة للوجدان الكوردي وغيرها, ليست سوى رهانات بخارية, تسحق الاتفاق الكوردي عبر رسم خارطة ذهنية خاصة بكل طرف, دون أن ننسى أن أطراف تراهن على قرقعة سلاحه, والأخر يراهن على سلاح ذاك الأخر في كسر هيبة وقوة طرف آخر, مجموعات تجتمع لسحب البساط الكوردي من تحت قدم أحد القادة الكبار, يراوغون ويتلاعبون فقط لتغيير مسار الشرف الكوردي نحو أماكن أخرى, همهم انحصر في كيفية رفع حالة التعنت الحزبي, وحالتهم لم تعد سوى مجرد تمتمات مقيتة, وخربشات طفل صغير يلهو مع ألوانه…ولكم أن تتخيلوا اللوحة بعد أن ينتهي من لعبه العبثي بالألوان على ورقة بيضاء مسكينة, أشبه بالشعب الكوردي, في كل هذه الرهانات التي تكابد أغلب الأطراف الكوردية للاستحواذ عليها, بغية فرض أجنداتها ومصالحها الخاصة, وبغية إعلاء شأنها الحزبي…تُرى من هو الخاسر الوحيد في كل هذه الرهانات…شعباً يُهجر, وعوائل تتضور جوعاً, المفقودات أصبحت سمة معظم المواد, والمنقرضات مستقبل ما تبقى من المواد, الحقوق الكوردية لا تزال رهينة تلك الرهانات وهي –الحقوق- التي لم تتحرك بعدُ قيد أنملة, ولم تخرج من مربعها الأول, الرقعة الجغرافية الكوردستانية في غرب كوردستان تنحسر رويداً رويداً, البنية التحتية ستُحتضر قريباً, وبين هذا وذاك, النشطاء الشباب معتقلون بتهم واهية,  والناشطات الكورديات…معتقلات رداً على ممارستهن لحقوقهن…طوبى لهم…همهم الأخير هذا الشعب المسكين…وهو الخاسر الوحيد في كل رهاناتهم…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…