سياسات التبعية تضر بالقضية الكوردية في سوريا

فرحان مرعي

منذ الانشقاق الأول في الحركة الكوردية عام 1965 بدأت سياسات المحاور تطل برأسها في كوردستان سوريا وتفعل فعلها في كل شأن ومحطة ، وكان  أي خلاف بين الحزبين الأساسيين في كوردستان العراق  ينعكس مباشرة على الكورد في سوريا ، يسقط الثلج هناك نرفع الشماسي هنا ، إلى أن وصلنا إلى حالة عدم القدرة على الاستقلالية في القرار والموقف بل أن حالة التماهي بالتبعية صار مبدءا ونهجاً يتبارى بها بعض أطراف الحركة بشكل واضح ومكشوف، إلى درجة أفقدت هذه التبعية للحركة وزنها النوعي وقيمتها ودورها وأصبح الذهاب إلى كوردستان العراق طبيعياً ولحل ابسط الخلافات كما وأصبح الاستقواء بإحدى طرفي الإقليم مصدر الهيمنة وإضفاء الشرعية على الممارسات والسلوكيات الحزبية .
هذه العلاقة – التبعية – أصبحت إشكالية حقيقية لبعض الأحزاب المستقلة التي لا تنتهج سياسة المحاور وخاصة في المراحل الحساسة والمعقدة كتلك التي نمر بها الآن في سوريا ، بل أن نهج سياسة الاستقلالية في القرار جلبت المتاعب لبعض الأحزاب والعرقلة لسياساتها، والصورة واضحة ومكشوفة الآن على الساحة الكوردية السورية في ظل الثورة السورية وتعقيداتها وتطوراتها واستحقاقاتها القومية ، ومما زاد الطين بلة هو دخول محور ثالث على الخط وهو محور قنديل مستغلة الثورة السورية وتداعياتها على الأرض .
أمام هذه المحاور وتبعية بعض الأحزاب واتكالياتها واستقوائها بالخارج الكوردستاني تقف الأحزاب ذات الإرادات المستقلة والخطوط الذاتية المستقلة في وضع الارتباك أحيانا وخاصة أن المرحلة حساسة ومعقدة وتتجاوز الإمكانيات الحزبية الفردية، لذلك ونتيجة السياسات التراكمية للتبعية دخلت الحركة الكوردية الآن في حالة انعدام الوزن والتخبط بسبب العطالة في مصدر القرار والتهافت إلى إقليم كوردستان لأتفه الأشياء والخلافات، فلأقل خلاف يتهافت المتهافتون إلى اربيل أو قنديل او سليمانية … انا لا ألوم أشقائنا في اربيل او سليمانية بقدر ما ألوم حركتنا التي سلمت مقادير أمورها إلى الأشقاء في كل صغيرة وكبيرة مما أفقدتها وزنها وهيبتها في نظر الأشقاء والشعب الكوردي في سوريا .
إن سياسة التحالفات والمشاورة مع الأحزاب الشقيقة ليس خطئاً إنما الخطأ في سياسة التبعية الكلية والاتكالية إلى درجة مصادرة القرار والموقف.

ونحن الآن ندفع ضريبة هذه العلاقات في انعدام الوزن والتشتت وخاصة نحن أمام مرحلة تتطلب مزيداً من الحكمة والتعقل واستحقاقاتها كبيرة وذات مسؤولية تاريخية كبيرة سنحاسب عليها أمام الأجيال القادمة، واعتقد إن الحالة الكوردية السورية الحالية حالة انتقالية وحبلى بتحولات كبيرة ستؤدي إلى اصطفافات كبيرة ونوعية وعلى أساسها ستتحدد مستقبل القضية الكوردية في سوريا.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…