د.
برهان غليون
فجيعة الأكراد بتنظيماتهم السياسية لا تقل عن فجيعة غيرهم من السوريين بتنظمات المعارضة التي نادرا ما أصابت في حساباتها.
والسبب هو نفسه، غياب منظور المصالح الوطنية العامة وسيطرة منظور المصائر الشخصية والفئوية والحزبية علي عملها وتفكيرها.
برهان غليون
فجيعة الأكراد بتنظيماتهم السياسية لا تقل عن فجيعة غيرهم من السوريين بتنظمات المعارضة التي نادرا ما أصابت في حساباتها.
والسبب هو نفسه، غياب منظور المصالح الوطنية العامة وسيطرة منظور المصائر الشخصية والفئوية والحزبية علي عملها وتفكيرها.
عندما اندلعت ثورة الكرامة والحرية كان الأكراد، وفي المدن التي يمثلون فيها الأكثرية، في طليعة المنخرطين فيها، وكانت مدن عامودا وديريك ورأس العين والقامشلي وغيرها من مدن الشمال والشرق، لا تتوقف عن التظاهر لإسقاط النظام وإعلان التضامن مع درعا وحمص وغيرها من المدن السورية.
لكن شيئا فشيئا تغير الوضع، وبدأت المناطق الكردية تستقل أكثر فأكثر في المناخ الذي يميزها عن المدن السورية الأخرى.
والسبب أن أكثر الأحزاب الكردية التي ستشكل في ما بعد المجلس الوطني الكردي لم تكن معنية كثيرا بانتصار ثورة السوريين بقدر ما اعتبرتها فرصة لا ينبغي أن تفوت لتعويم نفسها ومنافسة حزب الاتحاد الديمقراطي ذا النزعة القومية الكردية القوية، على السيطرة على الرأي العام الكردي السوري.
فربطت تعاونها مع المعارضة بقائمة مطالب زايدت فيها على الاتحاد الديمقراطي، تفترض تغييرات دستورية ما كان من الممكن للمعارضة السورية أن تقرها وهي أصلا لا تمثل إلا جزءا من الشعب، من خارج برلمان منتخب يعبر عن سيادة الشعب السوري وإرادته الوطنية.
خسرت أحزاب المجلس الكردي على الجانبين: فقد أثارت بمطالبها، السابقة لأوانها حذر ومخاوف الثوار السوريين على وحدة سورية أرضا وشعبا، ولم تلق مزاودتها على الاتحاد الديمقراطي أي صدى يذكر لدى الجمهور الكردي السوري الذي كان قلبه يخفق مع الثورة، ولا من باب أولى عند جمهور الحزب القومي المنافس.
وهكذا وجدت نفسها في الفراغ، فلا هي أرضت القطاع القومي من الجمهور الكردي السوري الطامح إلى تحقيق آمال قومية قصوى، عبر عنها بشكل أكثر اتساقا الاتحاد الديمقراطي ، الذي بقي منذ البداية ولا يزال يغازل النظام، ولا تفاعلت مع الجمهور الكردي المؤيد للثورة السورية الديمقراطية الذي وجد نفسه، بسبب مواقف هذه الاحزاب، من دون قيادة ومن دون توجيه، ضائعا بين أحزاب كردية تزاود على بعضها في الانسحاب من المعركة، وفي خوض معركة قومية موازية لمعركة جميع السوريين، معركة الديمقراطية، في وقت يتعرض فيه الوطن والشعب بعمومه إلى أقسى امتحان.
وهاهي اليوم تجد نفسها صفر اليدين، مكرهة على الالتحاق بمشاريع الاتحاد الديمقراطي ، التي لا يغيب عن أحد أنها جزء من استراتيجية النظام السوري الهادفة إلى تحييد الأكراد والمناطق الكردية في الصراع الجاري، من ضمن استراتيجيات تفتيت مقاومة الشعب السوري والتهديد بتقسيم البلاد، مقابل ضمان السيطرة شبه الانفرادية لحزب صالح مسلم على مقاليد ما يمكن أن يكون نواة لحكومة محلية ومصادرة على إرادة الشعب الكردي والسوري عموما قبل تحرير البلاد.
إن مشروع تشكيل حكومة أو إدارة محلية تحت سيطرة الاتحاد الديمقراطي يعني، في هذا الظرف الاستثنائي والخاص للصراع حول مستقبل سورية ومصير شعبها، تحويل المطالب القومية الكردية المحقة والمشروعة إلى لغم في قلب ثورة الكرامة والحرية والديمقراطية السورية، يمكن في أي لحظة أن ينفجر في وجه المطالب الكردية ويهدد بتقويض شرعيتها عاجلا أو آجلا.
المطلوب في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ سورية ليس استقلال كل عنصر بنفسه، وتغذية الأنانية القومية او الطائفية او الجهوية، وإنما المزيد من التضامن والتعاون والتعاضد بين أطياف الشعب السوري، من أجل وضع حد لنظام القتل والدمار، وإعداد البلاد بالفعل للانتقال نحو الديمقراطية، هذا الاعداد الذي لا يمكن أن يتم ولا أن ينسجم مع تسعير الأجندات الجزئية وشحن النزاعات الداخلية القومية أو الدينية.
وبدل حكومة يسيطر عليها الاتحاد الديمقراطي ، كان ينبغي انتخاب مجلس محافظة يمثل جميع سكان المنطقة، ويتعاون مع مجالس المحافظات الأخرى لتأمين حاجات السكان، ورعاية مصالحهم جميعا، والابتعاد ما أمكن عن استخدام تلبية هذه الحاجات كحامل لمشروعات انفصال او حتى لاحتمالات تفجير نزاعات وحروب محلية.
ولو فكرت الأحزاب الكردية مليا في الأمر كانت ستعرف أنه لا يوجد أي خلاص حقيقي فردي للأكراد الذين تدعي تمثيلهم، كما لا يوجد أي خلاص للشعب السوري ولا لأي طيف من اطيافه على انفراد، غير القضاء على نظام الفاشية والقتل، وبناء سورية ديمقراطية تعددية قائمة على التضامن والعدل والمساواة وحكم القانون.
وكل المشاريع الموازية أو المخالفة الأخرى، لن تؤدي سوى إلى إدامة الحرب وتسعير المزيد من النزاعات وسفك دماء السوريين الزكية من أي قومية كانوا ولأي مذهب انتموا.
والسبب أن أكثر الأحزاب الكردية التي ستشكل في ما بعد المجلس الوطني الكردي لم تكن معنية كثيرا بانتصار ثورة السوريين بقدر ما اعتبرتها فرصة لا ينبغي أن تفوت لتعويم نفسها ومنافسة حزب الاتحاد الديمقراطي ذا النزعة القومية الكردية القوية، على السيطرة على الرأي العام الكردي السوري.
فربطت تعاونها مع المعارضة بقائمة مطالب زايدت فيها على الاتحاد الديمقراطي، تفترض تغييرات دستورية ما كان من الممكن للمعارضة السورية أن تقرها وهي أصلا لا تمثل إلا جزءا من الشعب، من خارج برلمان منتخب يعبر عن سيادة الشعب السوري وإرادته الوطنية.
خسرت أحزاب المجلس الكردي على الجانبين: فقد أثارت بمطالبها، السابقة لأوانها حذر ومخاوف الثوار السوريين على وحدة سورية أرضا وشعبا، ولم تلق مزاودتها على الاتحاد الديمقراطي أي صدى يذكر لدى الجمهور الكردي السوري الذي كان قلبه يخفق مع الثورة، ولا من باب أولى عند جمهور الحزب القومي المنافس.
وهكذا وجدت نفسها في الفراغ، فلا هي أرضت القطاع القومي من الجمهور الكردي السوري الطامح إلى تحقيق آمال قومية قصوى، عبر عنها بشكل أكثر اتساقا الاتحاد الديمقراطي ، الذي بقي منذ البداية ولا يزال يغازل النظام، ولا تفاعلت مع الجمهور الكردي المؤيد للثورة السورية الديمقراطية الذي وجد نفسه، بسبب مواقف هذه الاحزاب، من دون قيادة ومن دون توجيه، ضائعا بين أحزاب كردية تزاود على بعضها في الانسحاب من المعركة، وفي خوض معركة قومية موازية لمعركة جميع السوريين، معركة الديمقراطية، في وقت يتعرض فيه الوطن والشعب بعمومه إلى أقسى امتحان.
وهاهي اليوم تجد نفسها صفر اليدين، مكرهة على الالتحاق بمشاريع الاتحاد الديمقراطي ، التي لا يغيب عن أحد أنها جزء من استراتيجية النظام السوري الهادفة إلى تحييد الأكراد والمناطق الكردية في الصراع الجاري، من ضمن استراتيجيات تفتيت مقاومة الشعب السوري والتهديد بتقسيم البلاد، مقابل ضمان السيطرة شبه الانفرادية لحزب صالح مسلم على مقاليد ما يمكن أن يكون نواة لحكومة محلية ومصادرة على إرادة الشعب الكردي والسوري عموما قبل تحرير البلاد.
إن مشروع تشكيل حكومة أو إدارة محلية تحت سيطرة الاتحاد الديمقراطي يعني، في هذا الظرف الاستثنائي والخاص للصراع حول مستقبل سورية ومصير شعبها، تحويل المطالب القومية الكردية المحقة والمشروعة إلى لغم في قلب ثورة الكرامة والحرية والديمقراطية السورية، يمكن في أي لحظة أن ينفجر في وجه المطالب الكردية ويهدد بتقويض شرعيتها عاجلا أو آجلا.
المطلوب في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ سورية ليس استقلال كل عنصر بنفسه، وتغذية الأنانية القومية او الطائفية او الجهوية، وإنما المزيد من التضامن والتعاون والتعاضد بين أطياف الشعب السوري، من أجل وضع حد لنظام القتل والدمار، وإعداد البلاد بالفعل للانتقال نحو الديمقراطية، هذا الاعداد الذي لا يمكن أن يتم ولا أن ينسجم مع تسعير الأجندات الجزئية وشحن النزاعات الداخلية القومية أو الدينية.
وبدل حكومة يسيطر عليها الاتحاد الديمقراطي ، كان ينبغي انتخاب مجلس محافظة يمثل جميع سكان المنطقة، ويتعاون مع مجالس المحافظات الأخرى لتأمين حاجات السكان، ورعاية مصالحهم جميعا، والابتعاد ما أمكن عن استخدام تلبية هذه الحاجات كحامل لمشروعات انفصال او حتى لاحتمالات تفجير نزاعات وحروب محلية.
ولو فكرت الأحزاب الكردية مليا في الأمر كانت ستعرف أنه لا يوجد أي خلاص حقيقي فردي للأكراد الذين تدعي تمثيلهم، كما لا يوجد أي خلاص للشعب السوري ولا لأي طيف من اطيافه على انفراد، غير القضاء على نظام الفاشية والقتل، وبناء سورية ديمقراطية تعددية قائمة على التضامن والعدل والمساواة وحكم القانون.
وكل المشاريع الموازية أو المخالفة الأخرى، لن تؤدي سوى إلى إدامة الحرب وتسعير المزيد من النزاعات وسفك دماء السوريين الزكية من أي قومية كانوا ولأي مذهب انتموا.