في هذه الأجواء المتوترة، وفي فترة وجود لجنة دولية لتقصي الحقائق مرسلة من هيئة الأمم المتحدة حول استعمال السلاح الكيميائي في مناطق محددة من سوريا، وفي فجر يوم الأربعاء 21/08/2013، شنتْ قوات النظام غاراتٍ مكثفة وقصف صاروخي ومدفعي بالسلاح الكيميائي المحرّم دولياً على الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق اللتان تخضعان لسيطرة الجيش الحر، أودت بحياة ما يزيد عن 1500 شهيد معظمهم من الأطفال والنساء، وسقوط ما يقارب العشرة آلاف مواطن سوري ما بين جريح ومشوَّه خلال بضع ساعات.
هنا، يشير بعض المراقبين إلى أن حلفاء النظام في لبنان وبهدف صرف الأنظار عن الجريمة المروّعة المرتكبة في الغوطتين، قامت بإجراء تفجيراتٍ بالسيارات المفخخة في طرابلس شمال لبنان أودتْ بحياة 140 مواطناً لبنانياً وجرح المئات منهم.
لاقت هذه الجريمة النكراء تنديداً دولياً عارماً وردود فعل متباينة على الصعيد الدولي من الجهات ذات العلاقة، فقد التزمتْ كلٌّ من روسيا وإيران برواية النظام واتهمت المعارضة السورية المسلحة بالمسؤولية فيما أكدتْ أمريكا وفرنسا وبريطانيا وبموجب تأكيداتٍ وتقاريرَ استخباراتية مسؤولية نظام دمشق المباشرة عنها.
فبعد فشل المشروع البريطاني المقدّم إلى مجلس الأمن واصطدامه بالمعارضة الروسية الصينية وانسحاب ممثلي روسيا والصين من اجتماع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، يسعى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى معاقبة النظام السوري من خارج إطار مجلس الأمن، فاتخذت الإدارة الأمريكية قراراً بتنفيذ ضربة عسكرية محدودة لمواقع الأسلحة الاستراتيجية للنظام تلك التي تشكل تهديداً لدول الجوار وعقاباً له على تجاوزه الخطوط الحمراء، وربما تطال نيران هذه الضربات الجوية مواقع ومعسكرات منظمة القاعدة الإرهابية وجبهة النصرة ودولة الإسلام في العراق والشام وغيرها على الأراضي السورية.
تشرعُ أمريكا اليوم بالتعاون والتنسيق مع بريطانيا -التي أقرَّ فيها مجلس العموم البريطاني عدم المشاركة في الضربة العسكرية- وفرنسا وألمانيا وتركيا وحلف شمال الأطلسي(الناتو) وبعض الدول العربية وغيرها ، بحشد المزيد من قواتها وبوارجها الحربية في البحر الأبيض المتوسط، آخذة بالحسبان كافة التهديدات والاحتمالات الناجمة عن الضربة.
إن التحالف الغربي وربما بتوافق أمريكي- روسي لا يرمي من هذه الضربة إسقاطَ النظام في دمشق، وذلك – كما يقال – درءاً لحصول فراغ أمني إداري مفاجئ ينتج المزيد من الفوضى والمرشحة للخروج عن نطاق السيطرة، بل يسعى إلى إضعاف النظام إلى حدِّ إرغامه وجرّه إلى مؤتمر جنيف2 لنقل السلطة إلى المعارضة سلمياً والإبقاء على ما تبقّى من البنية التحتية وحقناً لدماء السوريين والحفاظ على أرواحهم.
إن الوضع السوريَّ في الفترة القريبة المقبلة مرشحٌ لتغييراتٍ متسارعة تستوجبُ من قيادة الحركة الوطنية الكردية في سوريا مزيداً من الوعي واليقظة والتعامل بمسؤولية ونكران ذات والتمسك بوحدة الموقف الكردي في هذا المنعطف السياسي عبر حماية المجلس الوطني الكردي والهيئة الكردية العليا وفاءاً لإرادة الملايين من جماهير شعبنا التي خرجت في مظاهرات تأييد وولاءٍ لها وهتفتْ بملء صوتها “الهيئة الكردية العليا تمثلنا “.
فعلى الرغم من عدم تفعيل لجانها ودورها في المجتمع كما كان مقرراً ومرسوماً لها، إلا أن تمثيلها للكرد في المحافل الدولية بوفد واحدٍ وموقف موحَّدٍ يعتبَرُ من الأولوليات التي تنعكس إيجاباً على قضية شعبنا العادلة التي ننذر لها أنفسنا جميعاً.
——————
* جريدة الوحـدة – YEKÎTÎ- العدد / 241 / – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)