الكورد يحضرون جنيف (2) وليس لوزان(2)

 م.

رشيد
 
    لا مناص من عقد مؤتمر جنيف (2) لحل الأزمة السورية ووقف عمليات القتل والتدمير والتهجير، ووضع خارطة طريق لبناء سورية الجديدة، ورسم ملامحها المستقبلية عبر مرحلة انتقالية وأخرى تأسيسية ثم نهائية واضحة المعالم والعناوين، والكورد بمختلف مواقعهم ومواقفهم مكون رئيسي ولهم الثقل الموازن في المعادلة الوطنية سياسياً وجغرافياً وديموغرافياً..،
فحضورهم ضروري وهام وطنياً وقومياً وذلك لألّا تتكرر تجربة لوزان 1919 الاستعمارية الهزلية المشؤومة والمجحفة بحق الكورد، التي أقصتهم كأمة قائمة بذاتها وجوداً وتاريخاً، وألغتهم قضيةً وكياناً من خلال تقزيم حضورهم فيها عبر تمثيلٍ اسميٍّ هزيل ومشبوه ضمن وفد عام أخفى الكورد في بطنه وهضمهم اسماً وجسداً وروحاً، تحت عنوان الأخوة في الوطن والدين والإرادة، والتي أتت (ومازالت) في إطار الذهنية الشمولية والمفاهيم الاستبدادية والأفكار العنصرية والشعارات الديماغوجية والوعود المسوفة والمؤجلة، وذلك من خلال صفقات زهيدة وذليلة ومأساوية بين ممثلي الكورد والقوميات السائدة آنذاك من جهة، واتفاقات تآمرية مشبوهة بين ممثلي الحكومات الإقليمية آنذاك والقوى العالمية الفاعلة على حساب حقوق الشعب الكوردي وطموحاته من جهة ثانية .
    لذا ينبغي أن يستند الحضور الكوردي إلى وحدة الصف والموقف، وذلك باعتماد رؤية واضحة وموحدة تجاه الأوضاع الحالية وما تؤول إليه في المرحلتين الانتقالية والنهائية على الصعيدين القومي والوطني كما هو مقرر في الوثيقة السياسية للمجلس الوطني الكوردي في سوريا :((إن أفضل صيغة لنظام الحكم في سورية الجديدة هو النظام الاتحادي الديمقراطي التعددي البرلماني، يضمن المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد من كافة المكونات العرقية والدينية والمذهبية، والاعتراف الدستوري بالشعب الكوردي كجزء رئيسي من النسيج الوطني والتاريخي، والإقرار بحقوقه القومية وفق العهود والمواثيق الدولية، وإلغاء كافة القوانين الاستثنائية والمشاريع التمييزية المطبقة بحقه وفي مناطقه، وإزالة كافة آثارها وتعويض المتضررين من جراء تطبيقها وإعادة الحقوق إلى أصحابها)) إضافة إلى الرؤية السياسية الخاصة بمؤتمر جنيف (2).
    وبتحقيق ذلك يصبح تسمية الوفد الممثل أمراً فنياً يمكن التوافق عليه حجماً ونوعاً وعدداً من القوى الكوردية الفاعلة المتواجدة على الساحة الكوردية (كالمجلس الوطني الكوردي ومجلس شعب غربي كوردستان) والتي حظيت باعتراف وشرعية محلياً وإقليمياً ودولياً.
    ولا بد من تعزيز الحضور الكوردي في جنيف (2) بمؤهلات ومستلزمات ذاتية قديرة وجديرة من أرض الواقع، وذلك بفرض الخصوصية الكوردية في حماية المناطق الكوردية (من  كافة القوى المسلحة والتي تمارس الإرهاب والنهب والقتل والتدمير والتهجير) وتشكيل إدارات محلية انتقالية  لتسيير الأمور وتدبير الشؤون وتوفير سبل العيش الآمن والكريم والمستقر، وتدعيم الحضور أيضاً بمقومات موضوعية من الداخل والخارج من خلال التعاون والتنسيق مع كافة القوى والأطراف الوطنية والديمقراطية في الوطن، والاستعانة بالطاقات الكوردستانية (كوردستان العراق بصورة خاصة) سياسياً ودبلوماسياً ولوجستياً..، لكسب تأييد ومؤازرة الرأي العام العالمي من الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالمؤتمر والمؤثرة في إعداده والكفيلة بتنفيذ مقرراته، بغية قبول الورقة الكوردية شكلاً ومضموناً..
    تتوقف كيفية وطبيعة الحضور الكوردي في المؤتمر على ضوء التحضيرات والترتيبات الجارية من قبل الجهات الراعية (روسيا – أمريكا – الأمم المتحدة) والخيارات متعددة ومفتوحة أمام الكورد، فخيار الحضور ككتلة مستقلة وموحدة إلى جانب الأطراف المشاركة أمر ضروري وهام ويأتي في الدرجة الأولى (وهنا يثمن الموقف الروسي ويعول عليه)، وإن لم يتسن لهم ذلك فالحضور التمثيلي ضمن وفد المعارضة الموحد والمشترك مقبول بدرجة ثانية على أن تقدم ورقة كوردية مستقلة موحدة  للمؤتمر، وإن لم يتحقق ذلك فالحضور ضمن أطر المعارضة (الائتلاف – التنسيق) جائز شريطة أن يحتفظا بتماسكهما وقوتهما التمثيلية الحالية لقوى المعارضة والتغيير والثورة في الداخل والخارج، وأن تقدم الورقة الكوردية التفاوضية مستقلة وموحدة للمؤتمر، وتلتزم جميع الأطر والأطراف المشاركة بتلك الورقة، وتعتمدها كوثيقة أساسية من وثائق المؤتمر.
    وختاماً: لدى الكورد الكافي من العبر والدروس، وهم اليوم فطنون ويقظون لمجريات الأمور ودقائقها، ومتابعون للأحداث أولاً بأول، ومهتمون بالمتغيرات وأسرارها، ومصرون على استغلال الفرصة التاريخية الهامة بظروفها المواتية وأجوائها المناسبة، ولن يقبلوا بالخداع والغبن والحرمان..مرة أخرى، ولن يرضوا بالمساومة أو الموافقة بأقل من العيش بحرية وكرامة وسيادة على أرضهم التاريخية أسوة بغيرهم من شعوب المنطقة والعالم، وبما تقره العهود والمواثيق الدولية، وتوفره الظروف والشروط الذاتية والموضوعية الراهنة، ويحذرون القيادات الكوردية وأولي الأمرمنهم من إعادة معاهدة لوزان تحت أية ذريعة أو مبررأو ضغط أو شرط ..، وينذرونهم من مغبة الوقوع في صفقات آنية (شخصية أو حزبية)، أوالانزلاق في مؤامرات ومساومات (محلية أو إقليمية) هدفها تمييع قضية الشعب الكوردي وحقوقه العادلة والمشروعة أوإلغائها.

12/10/2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…