الدعارة السياسية

بقلم عبدو خليل
 

الدعارة مهنة قديمة قدم التاريخ… وفي كثيرمن البلدان المتحضرة صارت لها قوانينها وضوابطها..

ففي أوربا مثلاً تخضع المومس لسلسلة طويلة من الاختبارات طبية كانت أم سيكولوجية..

بالإضافة إلى تحديد الأماكن التي يسمح لها فيها بممارسة الرذيلة..

إلا أن هذه المهنة الرخيصة بنظر الكثيرين..

كما أسلفنا..

لها قيودها الخاصة بها..

ويخالف كل من يتجاوز هذه الضوابط و الخطوط..

وقد يقول قائل ما مناسبة هذا الكلام..؟
مناسبة هذا الكلام أن الكثير من سياسي وقادة الحركة الكردية في سورية..

يمارسون اليوم شكل من أشكال الدعارة السياسية..

غير ملتزمين أو آبهين بأية ضوابط سياسية كانت أم أخلاقية ..

تجاه مجتمعاتهم و شعوبهم..

فتراه يتنقل ذات اليمين و الشمال..

من زقاق إلى آخر..

ومن موقف إلى نقيض مختلف..

من تصريح أو قرار غير ملتزم به..

وكأن كلام الليل يمحوه النهار..

فما السبب الذي يدعو مثلاً قياديا مثل صالح مسلم لزيارة أنقرة..

والارتماء في احضان الميت التركي..

في وقت تعج فيه معتقلاته و سجونه بعشرات النشطاء و السياسيين..

و دائماً التهمة واحدة عملاء الميت أو اردوغان..

والنتيجة واحدة..

تكفير الأخر وإيجاد مسوغات و مبررات لتصرفاته و سياسته الإلغائية..

و ما السبب الذي يدعو قياديا كردياً مثل محي الدين شيخ ألي..

إلى التهجم على قيادة أقليم كردستان ومنذ الأيام الأولى للثورة السورية..

ونعتها بالتدخل في الشؤون الداخلية للكرد السوريين ..

ثم المشي تحت راية الهيئة الكردية العليا..

بمجرد أنها تحولت لوجه مقابحة لحزبه و لحزب الاتحاد الديمقراطي..

علماً ان هذه الهيئة تشكلت في اربيل و بمباركة من حكومة إقليم كردستان..

و ما الذي يدعوه لوصف المعارضة السورية بأقذر وأقبح الألفاظ..

علما أنه أي شيخ الي و حزبه من أوائل المصفقين لإعلان دمشق ..

الذي قام على أنقاضه المجلس الوطني السوري..

تناقض مقرف في المواقف..

وللحقيقة والتاريخ تتشابه مواقف قيادات الأحزاب الكردية في خزييها وعارها ..
فما الذي جعل قياديي هذه الأحزاب..

التي كانت مطالبها تنحصر بالحقوق الثقافية و الإدارات الذاتية..

لترفع سقف مطالبها إلى الفدرالية أو حتى الحكم الذاتي..

ضمن واقع سوري مرير ..

يحدث كل ذلك بين ليلة وضحاها..


صحيح أن السياسة كعلم و كعلاقات عامة..

لا يصنف ضمن العلوم الجامدة..

إلا أن ثمة ثوابت للشعوب و الأمم..

هذه الثوابت من المعيب اللعب عليها و مصادرة مصائر شعوبها و قراراتها ..

فالشعب الكردي مثله مثل سائر باقي مكونات الشعب السوري..

أنتفض ومنذ الأيام الأولى من الحراك الثوري ..

 إلا أن مواقف الأحزاب الكردية وترددها وانبطاحها و انتهازيتها لا يمكن تبريرها او وصفها إلا ضمن قائمة الدعارة السياسية..

هذه الدعارة التي ألحقت العار ليس بكرد سوريا فحسب ..

إنما بعموم الشعب السوري فهل يلتزم هؤلاء الساسة بقواعد الدعارة الجنسية..

كضوابط وخطوط ..

أم أن الدعارة السياسة خارج كل الأطر الأخلاقية والقانونية ..

————-

*النقطة الحساسة: زاوية يكتبها عبدو خليل لموقع (ولاتي مه) وتبث عبر راديو نوروز اف ام 
الحلقات السابقة:


اربيل2

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…